متفرقات الشيعه  C0A  

 

الرقم

الموضوع 

الرقم

الموضوع

1

 سيميائية النص عند الامام علي ابن ابي طالب (ع) مناجاة الصباح انموذجا

2

 الشيعة وعبد الناصر

 3

 الشيعة ....... ( مقالات جعفر رجب )

4

 جورج جرداق في حوار حول الامام علي (ع)

5

الشيعي اقوى رجل في العالم

6

 المؤسسة التعليمية الدينية الحوزات العلمية عند الشيعة الامامية

7

سب الامام علي (ع) من على المنابر

8

نبوءة كتاب الرب المقدس : من هو قتيل شاطئ الفرات

9 مفتي حلب الأكبر يفجّر قضية مظلومية أهل البيت (عليهم) على منبر الجمعة 10 السيد محمد باقر الناصر
11 ظاهرة تشيع علماء السنه ومثقفيهم 12 آل الحكيم: بعد خسارات فادحة.. هل يصبح عمار المعمم الموعود
13 محمد حسين فضل الله في عيون خصومه 14 صحيفة بريطانية : فتاة سعودية تكتشف أن شيعة بلادها يتكلمون العربية وليست الفارسية
15 كتب سماحة الشيخ محمد مهدي الاصفي ردا ً على المدعو حسن الكشميري في افتراءاته على المؤسسة الدينية 16 حديث صحفي مع الامام على (ع)

 

 

 

 

 

 

 


 

(1) سيميائية النص عند الامام علي ابن ابي طالب (ع)

مناجاة الصباح انموذجا

كريم الوائلي

للامام علي ابن ابي طالب (عليه السلام) كشوفات فلسفية وتأملية في مؤثثات الامكنة وفي حركة الافلاك وانتظام الكون وسلوكيات الانسان وعلاقة ذلك في النظام الكوني وهو اول من اوجد علاقة بين الوعي الانساني وبين الظواهر الطبيعية والانظمة الكونية وجعل من الموجودات علامات تؤشر الدال وتشير الى المدلول واخضعها لتقنيات التنصيص ومحكومة ببنية النص من الداخل وهو في هذا يعد اول من اكتشف علم العلامات (السيميائية) وتصنيفها بأسلوب بلاغي اقرب الى النظم المعاصر ، بل ، ان الامام علي ورّث لنا اجناس متعددة من بنيويات كلامية ولغوية (لسانية) يتداولها الشعراء اليوم ولكنهم يردونها الى مكتشفين معاصرين دون ان يعلموا ان الامام علي قد صاغ نصوصه بتكثيف رمزي وتأويلي وفلسفي ممتع جعل المتأملون في ملكوت الخالق يرددونها ويتلونها بعذوبة وخشوع ومن المؤكد ان الامام لم يعن بذلك ما يعنيه الشعراء المعاصرون اليوم ممن ابتدعوا قصيدة التفعيلة او القصيدة الحرة انما ما عنى به الامام هو ان يجعل من اللغة وتهذيبها والتدبر فيها مع التأمل الفلسفي والتحليلي للمحيط ممرا الى الهداية ومن ثم وظفها في تحديد الدال والمدلول بتمثل عياني وذهني من اجل الالهام وتلمس الطريق الى الله بدلالة علامات المكان والرمز مع الانقطاع عن المحيط وحبس النفس بحدود المخيال الذهني والذوبان في ذات الخالق حتى الاغماء والغيبوبة ولطالما اغمى على الامام وهو في الاستغراق الذهني متدبرا متأملا ، بمعنى انه اراد ان يرسم للمؤمنين خارطة الوجود سيميائيا لايجاد فهم لغموض ورهبة الكون وعظمة الخالق من خلال تفسير العلامة وتحليلها واستشفاف دور الوظيفة في النظام الكوني والنظام الحركي للاضداد وعلاقة ذلك بالانسان بوصفه العلامة المركزية التي استودع الله بها سره واراد صيانتها من الذنوب والخطايا ، وفي ذلك يقول عليه السلام محللا سيميائية الملكوت ((اللهم يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه ، وسرح قطع اليل المظلم بغياهب تلجلجه ، واتقن صنع الفلك الدوار في مقادير تبرجه ، وشعشع ضياء الشمس بنور تأججه )) ويظهر هذا النص عبقرية الامام وتجاوزه لعصره في استحضار الرمز وتحليله والسير عليه بطرائق تأويلية نحو المرموز كما يظهر النص عمق تبصر الامام بالمكان والعلامة وما تختزنه من دلالة وصولا الى تصور ذهني للمدلول ، والتبلج (في النص) هو الاشراق الباهر للصباح وهو كناية شعورية ذهنية عن النطق (اللغة) واندلاع لسان الصباح هو رمز لحمرة الشروق ، ويرسم الامام صورة ذهنية رائعة لتسريح الليل بغياهب ( العدم الحالك الظلام) تلجلجه ، والتلجلج هو التموج ، والصورة الذهنية المنتجه هنا تبدو قريبة من مشهد بحر هائج معلق في السماء ومضطرب ، بمعنى ان هذا الليل (مات) ذهب ولم يعد هو نفسه مجددا انما هناك ليل آخر سيأتي بعده ، وفي هذا مقاربة فلسفية مع قول هيراقليطس (( انك لا تستحم في النهر مرتين )) وهيراقليطس امن بالتوحد بين الاضداد وان بدت ، حقيقية ، في صراع معللا ذلك بأنه صراع صيرورة العالم ، والامام علي ابن ابي طالب (ع) هنا يثبت هذا الصراع ويكشف الكثير من مضامينه وخفاياه وتجلياته ويتوسل بالمهيمن المطلق على نواميس الكون ونظامه ومعتبر ان سلوك الانسان جزء لا ينفصل عن هذا العالم والقوانين التي تحكمه وفي ذلك اشار الامام الى الانسان بالقول ، وترى نفسك جرما صغيرا وفيك انطوى العالم الاكبر ، ومعتبرا ان خطايا الانسان وجنوحه نحو الاجرام مفسدة لهذا العالم وعلى ذلك فأنه يتوسل (الدعاء) بالله تعالى ومن خلال سيميائية المشد الكوني الشامل وعلاماته (آياته) ان يحصن الانسان ويصونه من ابتلاءات مكنونه الأّمار بالسلوكيات المائلة عن نواميس التوافق بين الظواهر الكونية وانعكاساتها في الوعي الاجتماعي للبشر ، (( يامن دل على ذاته بذاته ، وتنزه عن مجانسة مخلوقاته ، وجل عن ملاءمة كيفياته ، يا من قرب من خطوات الظنون ، وبعد عن لحظات العيون ، وعلم بما كان قبل ان يكون ، يا من ارقدني في مهاد امنه وامانه ، وايقظني الى ما منحني به مننه واحسانه ، وكف اكف السوء عني بيده وسلطانه )) وفي هذا النص يجتمع علم الليسانيات مع علم النفس الذي كان جزء من الفلسفة لتحليل العلامة كي يقدم تفسيرا للموجودات وفهما لانظمة الكون وحركته واستنباط طرائق للتقرب من الله تعالى ودعاءه ليشمل الانسان بالحماية والرحمة ضمن نظام الكون وقوانينه . وللامام علي السبق قبل الكثيرين ممن اشتغلوا على السيميائية بزمن طويل امثال بيرس وسوسير بل انه تفوق عليهما على الرغم من بعد العهد في انتاج نص يمزج بين الليسانيات (اللغة) والفلسفة والدفع بالانسان نحو الاهتداء الى خالقه بطرائق عدة . وفي النص الذي يليه يستقدم علامات عائمة في الفضاء الكوني يجسد فيها الرسول الاعظم (ص) ويدعو له (( صل اللهم على الدليل اليك في الليل الاليل ، والماسك من اسبابك بحبل الشرف الاطول ، والناصع الحسب في ذروة الكاهل الاعبل ، والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الاول )) فالعلامات والرموز المصنفة هنا بأتقان مثل اليل الحالك السواد (الاليل) و (الكاهل الاعبل) وتوازن المنطق وصلابة الجنان في ثبوت القدم على منزلقات (زحاليف) الهوى وتردي الذات نحو التدني والرداءة الى جاب انتظام المفردة المنتقاة وجماليتها وبلاغتها واثرها النفسي لهي تجسيد واظح وجلي لسيميائية النص العلوي حتى وان بدت متسقة مع مستويات الوعي الاجتماعي في ذلك العهد .

· * تعتبر اول دراسة من نوعها

كريم الوائلي

http://www.alnoor.se/article.asp?id=92609

 

 

 

 

(2) الشيعة وعبد الناصر

محمد سعيد الطريحي

http://www.shehadaat.com/inp/view.asp?ID=148

 

    منذ قدوم السيدة زينب إلى مصر، احتضن المصريون أغصان الدوحة الطاهرة من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعلقوا بهم وهم أحياء بينهم، وحفظوا سيرتهم بعد رحيلهم، و أضفوا مكنونهم الثقافي والروحي على صفاتهم، واقتدوا بهم، وشهدت مصر الفاطمية عصراً من أزهى عصورها الإسلامية، وتأسس الأزهر الشريف، ودار الحكمة الفاطمية، ولا تزال إنجازات الفاطميين الروحية في قبب مصر و منائرها وعمائرها وشوارعها وتقاليد أبنائها وأعيادهم ومواسمهم وامثالهم، لم تغير منها توالي الإعصار والدهور، ومنذ أن نكبت مصر بزوال حكمهم سنة 567هـ (1171م) لم تشهد (قاهرة المعز لدين الله الفاطمي) عصراً أعظم من عصر عبدالناصر انفتاحاً على الشيعة ورغبة صادقة في التقارب المذهبي ولا أدل على ذلك من الفتوى التاريخية لشيخ الأزهر الراحل محمود شلتوت في الاعتراف بالشيعة مذهباً خامساً للإسلام إضافة إلى مواقف عبد الناصر وعلاقته الحميمة بزعماء الشيعة ودعمه لقضاياهم في العراق وإيران والشام وأمريكا، وقد بادله الشيعة حباً بحب واستمرت قياداتهم الدينية على صلة وثيقة به حتى وفاته.

وفي هذه السلسلة من الأبحاث نلقي الضوء على العلاقة بين الجانبين وقد نمت واضطردت على مر السنين حتى تحقق للشيعة في أيامه ما لم يتحقق من آمالهم في بلدان هم فيه أكثرية.

وفي هذه الحلقة نبحث الواقعة التاريخية لتظاهرات النجف البطولية انتصارا لمصر العروبة والإسلام بعد تعرضها للعدوان الثلاثي عام 1956.

موقف الشيعة من العدوان الثلاثي على مصر

    عرف الشيعة بمواقفهم المشهودة في الدفاع عن قضايا امتنا العادلة، وهناك شواهد كثيرة تدل على تضحياتهم ودعمهم لحركات التحرر والاستقلال والوثبات الوطنية في العراق والوطن العربي والعالم الإسلامي، ومن ذلك مواقفهم من المحتلين البرتغال ومن بعدهم الإنجليز في الهند وموقف الداعم لصد الغزو الروسي والإنجليزي لإيران والغزو الإيطالي لليبيا والغزو الفرنسي للمغرب والجزائر، وفي العراق حركتهم ضد الاحتلال الإنجليزي وهو ما يزال يتحرك في خليج البصرة بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها سنة 1914 فقامت على يدهم وبمساعدة إخوانهم الكرد وحرب الشعيبة ضد المحتلين، ومن بعدها شهدت النجف انتفاضتها في 19 آذار 1918 ضد الإنجليز وطردتهم من النجف ثم اندلعت ثورة العشرين تلبية لنداء المراجع الدينية الذي جاء منسجماً مع الروح الوطنية التي سادت جميع أنحاء العراق، ولا ننسى فتاوى العلماء المساندة لحركة رشيد عالي الكيلاني سنة 1941 ، تلك الوثبة التي كان هدفها إبعاد المحتل الغاصب وأعوانه من ارض الوطن، وما أن حدثت محنة مصر المعروفة عام 1956 ومواجهتها الباسلة للعدوان الثلاثي إلا وكان وقع المحنة شديداً على المسلمين في جميع القارات وكان الاستياء عاماً في صفوفهم ، وكعادة (النجف الاشرف) فإنها كانت سباقة للتنديد بهذا العدوان، فصدرت فتاوى العلماء التي توجت الجهاد من اجل مصر، وقامت التظاهرات الكبرى وتجمع المؤمنون للتبرع والتطوع لمصر، وكانت  (حوادث النجف) التي ذكرها غير مرة الرئيس عبد الناصر وشكرها على موقفها المساند، وكانت الشرارة الأولى لاندلاع التأييد الشعبي العراقي الذي هز العراق من جنوبه إلى شماله لا تنديداً بالعدوان وحسب وانما للمطالبة بسقوط حكومة نوري السعيد وموقفها المخزي المساند للعدوان لارتباطها بحلف بغداد.

ففي صبيحة يوم 26-11-1956 حصل العدوان الثلاثي على مصر ولم تمض ساعات على سماع أبناء النجف الخبر حتى خرجت جماهير المدينة متظاهرة في شوارع المدينة ومنددة بالعدوان، ورفعت شعارات التنديد بسقوط بريطانيا وفرنسا و(إسرائيل) وسرعان ما كانت الشعارات موجهة لنوري السعيد وحكومته وردد الطلاب (الموت لنوري)، وكان طلبة ثانوية الخورنق ومتوسطة السدير في مقدمة المتظاهرين الذين اجتمع عليهم خلال المسير آلاف من أبناء الشعب من رجال دين وكسبة وعمال واتجهت المظاهرة إلى السوق الكبير فأغلق التجار محلاتهم احتراماً وتضامناً مع المظاهرة، وفي اليوم الثاني استمرت المظاهرات لكن قوات الشرطة كانت قد ملأت شوارع النجف استعداداً لقمع المتظاهرين وتخويفاً لهم، لكن الطلبة واجهوا الرصاص يدون خوف ولا وجل، ومن بين قادة المتظاهرين الأستاذ أحمد الحبوبي النجفي وكان في حينها رئيساً لفرع حزب الاستقلال في النجف وممثلاً لجبهة الاتحاد الوطني في النجف (ومقرها بغداد) وبحسب الذكريات التي دونٌاها عن الأستاذ الحبوبي ، فانه يتذكر إن في مقدمة أولئك الشباب الذين واجهوا بصدورهم إرهاب الشرطة :

مهدي محسن بحر، حسين كمونة، علي كمونة، عبد الأمير مدٌيد، حسون مدٌيد، عبد الأمير عمارة، حمد الوائلي، سمير الحلو، أمير الحلو، باقر السلامي، جواد الغراوي، خضر الساعدي، جودي الساعدي، باقر الفاضلي، حاتم راضي، خضير العنبوري، محمد الحبوبي، علي الحبوبي، محسن البهادلي، عبد الأمير الوائلي، كاظم المقرم، محمد علي المقرم، حسن الجصاني، حسين الجصاني، صادق الجصاني، علي الحلو، هاشم الطالقاني، فاضل مرضي، عبدالاله النصراوي، عباس الجابري، كاظم كلو، عزيز الشيخ راضي، جبر الحداد، مفيد الجابري، جعفر الطيار، فاهم العامري، عبدالرسول العبايجي، عبد الأمير الطرفي، وقد أصيب بعضهم بجروح، لكن التظاهرة وصلت إلي الصحن الشريف، وفي اليوم الثالث قامت الشرطة بتطويق مدرستي الخورنق والسدير ومنعت الطلاب من الخروج وكان مدير الشرطة على رأس هذه القوات قد أعطى أمره باطلاق الرصاص على المتظاهرين .

وهنا استشهد بكلام قاضي تحقيق النجف السيد باقر كمال الدين الذي شهد الأحداث بنفسه حيث ذكر إن معاون الشرطة مع عدد من أفراد الشرطة قام بكسر قفل باب متوسطة الخورنق ودخلوا عنوة إلى المدرسة (وكان طلابها يهتفون ضد العدوان) ولما دخلوا المدرسة كانت شرطة الأمن كلها مسلحة بالهراوات والمسدسات والخناجر وكل واحد يحمل ثلاث أشكال من السلاح ، واخذوا يرمون الطلاب بالرصاص ويضربونهم بالخناجر والهراوات ومن جراء ذلك جرح اثنان واربعون طالباً، أحد عشر منهم كانت جروحهم بليغة وارسلوا إلى مستشفى الفرات الأوسط والبعض ضمدوا في مستشفى النجف، واسماء الجرحى الخطرين: محمود حسين، مراد مويني، علي كريم، صبيح رسول، عبدالحسين عبدالمحسن، محمد كاظم الحبوبي، إبراهيم موسى، احمد عبد كافي، أمين عبد النبي، عبد الرزاق مهدي، علي سعيد، وأحد عشر طالباً كانت جروحهم نارية وكانت جروح بليغة، وتوفي في المدرسة عبد الحسين سبط آية الله السيد حسن الحمامي، وقد رأى قاضي التحقيق المذكور جثته وروى قصة استشهاده المؤثرة جداً، فقد ضربه أحد الشرطة بالمسدس فأصابته طلقة في رأسه من الجهة اليسرى وخرجت من آخر رأسه، وقد رأى مخه مبعثراً ومتناثراً في حرم المدرسة بعد أن سقط (الطالب الشهيد) من سبعة درجات تقريباً، وكانت رجله مشجة على الجدار والحرم المدرسي مليء بدمائه ، وما أن وصل خبر استشهاد الطالب المرحوم الشهيد عبد الحسين محمد جواد آل الشيخ راضي إلى عامة الأهالي خرج الجميع في تظاهرة كبرى منددين بالسلطة، والتحمت قوات الأمن مع الأهالي في محلات النجف المختلفة، وحل الخوف والفزع لدى الحكومة فأرسلت شرطة إضافية، قال الحسني: ( إنها جاءت بهم من أطراف الموصل بينها اليزيدي والشبكي والكردي ، وأوعزت إلى الجيش أن يحتل المدينة للسيطرة على الوضع العام ) وجاء في إفادة باقر كمال الدين : (( جاءت الشرطة من الشمال وكانت سرية بأمرة المعاون احمد صالح وفصيل آخر بأمرة المعاون صباح يعقوب وفصيل آخر بأمرة المعاون عبد الرحيم عريم ، وفصيل آخر بأمرة  سيف الدين نوري )) قال (( وحول الصحن خرجت مظاهرة فقتل عبد الأمير ناصر الصايغ واموري بن علي الفيخراني )) وجرح شخص آخر ، وفي نفس اليوم استشهد الطالب الشهيد احمد علي الدجيلي من مدرسة السدير .

ويصف الحبوبي الحالة في النجف بهد هذه الحوادث قائلاً :

    ( وانقلبت الأوضاع وسيطر الناس على مقاليد الأمور وأغلقت الحوانيت أبوابها في السوق الكبير وسوق الحويش وسوق العمارة ، وكل دكاكين الشوارع فاختفى رجال الشرطة من الشوارع ولجأوا إلى السرايا وأغلقوا عليهم الأبواب خوفاً من غضب الجماهير ، وشكلت لجنة لإدارة شؤون البلدة وتيسير أمور التظاهرات والاحتجاج والحفاظ على أمن الناس ، وكان أحد أعضائها المرحوم الشيخ أحمد الجزائري نجل آية الله الشيخ عبد الكريم الجزائري ، وكان من مهام اللجنة أيضا :

1. استمرار التظاهرات والإضرابات لأطول مدة ممكنة لعل مدناً عراقية أخرى تحذو حذو النجف في ذلك ، وفعلاً امتدت التظاهرات إلى حوالي الشهرين ، وعمت بغداد التظاهرات والغضب ، كما امتد الاحتجاج على حوادث النجف إلى الألوية الشمالية كركوك واربيل والسليمانية والموصل ، وقامت تظاهرة كبيرة في الكوت ( الحي ) .

2.  استمرار غلق أسواق وحوانيت النجف ( عدا المخابز ) ورفض بيع وشراء أية سلعة مهما كانت ، تضامناً مع الشعب المصري وإحراجا للحكومة وليشعر الناس بجدية العمل الوطني .

3.  المحافظة على أمن النجف ومنع أية تجاوزات قد تحصل من جراء غياب قوات الأمن ، قد يستغله بعض ضعاف النفوس ولكن أمراً من هذا لم يحدث قط ، وكان كل النجفيين في مستوى القضية وأهميتها .

4.  مواصلة الاتصال برجال الدين الأفاضل وعدم الانقطاع عنهم وتزويدهم أولاً بأول كل المستجدات .

     وقد ذكر السيد باقر كمال الدين إن النجف لم تأبه للسلطة وقواتها مطلقاً ، وان الإضرابات والمظاهرات بالنجف دامت أكثر من شهرين ، وكانت بعض الأوقات تخرج ثلاث مرات صباحاً وظهراً وعصراً ، وحدث أن قتل في بعضها بعض الأفراد وجرح آخرون .

    وتحدث السيد عبد الرزاق رجيب مدير المدرسة التي استشهد فيها أحد الطلاب في النجف  أمام المحكمة العسكرية العليا الخاصة في 27-1-1959 عن شهادته ورؤيته لذلك الاعتداء حيث أكد المعلومات السابقة وذكر إن أعمار الطلاب المحاصرين لم تكن تتجاوز السادسة عشر وانهم هوجموا بوحشية بالغة وكان الشرطة يتتبعونهم من صف إلى آخر ، وصعد قسم من الطلاب إلى الطابق العلوي وهم جرحى ولكن الشرطة لاحقتهم وضربتهم بدون رحمة ، وان الإهانات والسب والشتم لحق بالمدرسين كذلك .

    وفي اليوم المذكور أدلى قائمقام النجف _ أيام الحادثة _ بشهادته كذلك وهو السيد محمد حسن صادق والقى بلومه على الشرطة وخاصة معاون الشرطة وانه اتصل بحسين السعد وكان متصرفاً لكربلاء طالباً منه إخراج معاون الشرطة ، لكن المتصرف لم يكن متعاوناً ، وبعد يومين أرسل المعاون إلى كربلاء ونقل بعدها إلى كركوك ثم أحيل على التقاعد ، وان القائمقام كتب تقريراً بالحادثة قدمه إلى مجلس الوزراء الذي أنكر ما فيه  ( بحسب قوله ) ولهذا طلب منه متصرف كربلاء الانصراف من النجف إلى المقدادية .

    وأيد الحبوبي حكاية القائمقام المذكورة بعدم تعاون المنصرف مع أهل النجف ، إذ إن المتصرف المذكور طلب مشائخ النجف واحتجزهم في شغاثة ( عين تمر ) وكان منهم : الشيخ كردي عطية أبو كلل ، الحاج كَنيوي العكايشي ، شاكر شربة ، راضي الحاج سعد الحاج راضي ، نوري السيد سليمان والسيد حسين جريو وغيرهم

ولما كان الموقف محرجاً للحكومة لعدم انصياع الأهالي لها ، فقد قامت بإرسال الوزير عبد الرسول الخالصي والشيخ محمد العريبي وآخرون لمقابلة رجال الدين في النجف ولتهدأة الأمور فيها ، ولما علمت اللجنة المشرفة بوصول هذا الوفد الحكومي عملت على إفشال مهمته ، وقد لعب دوراً كبيراً في ذلك الشيخ احمد الجزائري ( رحمه الله ) ، وفي أثناء زيارة للوفد قام وزير المعارف خليل كنة بمخابرة آية الله الشيخ عبد الكريم الجزائري فانهال الأخير عليه بكلام يحمله ويحمل الحكومة مسؤولية الجرائم التي وقعت في النجف ، وهكذا اسقط في يد الوفد الحكومي فانصرف خائباً ، واستمر الإضراب والتظاهر في النجف قائماً وديست كرامة الحكومة وانتهكت حرمة قوانينها ومزقت الأعلام التي كانت ترفرف على دوائرها فعمدت السلطة إلى القوة واطلقت النار غير مرة على المتظاهرين ، لكنهم كانوا غير مبالين بالمرة ، وكانت اللجنة على اتصال برئيس حزب الاستقلال الأستاذ محمد مهدي كبة وقد التقاه الأستاذ احمد الحبوبي لبحث ما آل إليه الوضع في النجف ، واخيراً قدم إلى النجف الوزير ضياء جعفر على رأس وفد وزاري والتقى بعلماء النجف ، وأمر العلماء بعد ذلك بفك الإضراب ورفع التظاهر وفتح الأسواق ، وبعد ثورة 14 تموز 1958 حملت المحكمة العسكرية العليا الخاصة الوزير الراحل سعيد قزاز مسؤولية ما حصل في النجف ، وبحثت المسألة مفصلاً في الجلسة الحادية والسبعون من القضية (22) باعتباره كان وزيرا للداخلية حينئذ وكان من الشهود عليه مجموعة منهم : صالح زكي مصلح قائد القوات للإدارة العرفية للمنطقة الرابعة عند العدوان الثلاثي على مصر ، وقد ورد في سير تلك المحاكمات وضمن قرار التجريم الصادر في 4 شباط 1959 مؤازرة السيد قزاز وتأييد للوحشية والفضاعة ( كذا ) التي تمت بها تلك الجرائم النكراء .

صدى العدوان على مصر في الشعر العربي

    ما أن أعلنت فتاوى المراجع وترددت أنباء العدوان على مصر حتى انطلقت حناجر أبناء الأمة ، فالقى الخطباء وانشد الشعراء ، ولو جمع ذلك لألفت مجاميع رائعة من أدب الفداء العالي ، ومن بين تلك القصائد ما أنشده الشيخ محمد علي اليعقوبي الخطيب الحسيني ، ومما قاله :

لظى الحرب في ( مصر ) قد اوقدت     ونافح ضرمتـــها ( ايدن )

فهب ( العراق ) وثار ( الحجــاز )    وساند ( سورية ) ( الاردن )

( ألندن ) تحمي الشعوب الضعاف      وفيما ادعــت كذبت ( لندن )

وفيها يصف عبد الناصر :

( جمال ) حجـى ونهى فاتن         وأي الجماليــن لا يفتن

تلذ المسامع فــي ذكـــره        وتشتاق رؤيتــه الأعين

شرى عرة الشعب بالتضحيات        ومن يشتري العز لا يغبن

 

وقال في قصيدة أخرى مادحاً عبد الناصر :

لقد صبرت ( مصر ) زمانا فجاءها   زعيم على حمل الأذى لم يطق صبرا

يدبر بالفكر الســـديد أمورهــا   ولم يبق رأيــاً للعـــدو ولا فكرا

يؤازره شعب به شـــــد أزره   وأي غيـــور لا يشـــد له أزرا

وكم في مضاميـــر السياسة قبله    رجال جـــرت للسبق لكنه أجرى

تسامى على الأبطال في الشرق قدره    ولاعجب فالشرق فيـــه سما قدرا

كفى مصر فخراً يا ( جمال ) وعزة    بأنك قد ألبستها العــــز والفخرا

ستجزى مساعيك الدهور بشكــرها    وان كنت لا تبغي جزاءً ولا شكـرا

تقدم إلى العليا فخلفك أمــــــة   تشاطرك السراء في الحرب والضرا

وليس الفتى من يذخر المال إنمـــا   فتـى القوم من أمسى له شعبه ذخرا

وقال السيد محمد جواد فضل الله :

إيه ( جمال ) الفاتحين وحسبنـا       أن تجتلى من فجرك الأنوار

هذي رؤياك ترف فـــي آفاقنا       دنيا يخــر لمجدها الجبار

يا باعثاً روح النضال صـواعقاً        فيها تصــدع للطغاة ديار

يا ناهضاً .. والمجد فـي أعتابه       نام .. ومجد الخائنيـن بوار

هذي القناة يرف فـــي آفاقها        علم تلوذ بظله الأحـــرار

واريت فيها للعروبة مـــوطناً        تجني ثمار نبوغــه الأدوار

وثائق

بيان رسمي عن حوادث النجف

(حدثت في 24 من الشهر الجاري مظاهرة في النجف بتحريض فئة معينة اشترك فيها عدد من الطلاب والاهلين على نحو يخل بالأمن والسكينة العامة فاضطرت قوات الأمن إلى تفريقهم فاصيب عدد من أفراد الشرطة وبعض المتظاهرين باصابات مختلفة توفي على أثرها مع الأسف اثنان من الاهلين وهما : عبد الحسين الشيخ راضي وأحمد علي الدجيلي ، إن الحالة في النجف هادئة وتعود المدينة إلى استئناف حياتها الطبيعية كما إن التحقيقات تجري الآن في هذا الحادث المؤسف لاظهار المحرضين ومعاقبة المقصرين )

 و. مدير التوجيه والإذاعة العام

برقيات علماء واعيان النجف إلى الملك بشأن النجف

جلالة الملك المعظم : حالة النجف مضطربة لإراقة دماء الأطفال الأبرياء داخل مدارسهم ، وهتك حرمتها ، ولا تهدأ إلا بانزال العقوبات الشديدة بالمعتدين ، عالجوا الوضع بالحل السريع قبل أن يتفاقم الأمر .

الشيخ عبد الكريم الجزائري

كان لهجوم الشرطة الوحشي على مدارس النجف وقتل الطلاب الأبرياء أعنف الأثر في النفوس عامة ، نطلب المبادرة إلى ازالة أسباب التوتر والضرب على أيدي المعتدين .

السيد حسين الحمامي

إن الاعتداء على أولادنا الأبرياء وهم في معاهدهم أوجب استياءنا وإثارة سخط الجميع ، أملنا بجلالتكم تلافي الوضع قبل فوات الأوان ومحاسبة المعتدين

الشيخ محمد كاظم الشيخ راضي

إن إراقة الدماء البريئة بشكلها الوحشي الفظيع في بلدنا المقدس لتدعو إلى القلق والاستنكار العظيمين ، ومن المؤسف إعفاء الحكومة عن ذلك كله وسلوكها طريق الإرهاب لعموم الطبقات .

السيد محسن الحكيم

إطلاق الرصاص على الأبرياء العزل في مدينة النجف المقدسة أثار سخط واستنكار الأوساط العلمية نأمل منكم معالجة الأمر ووضع حد لهذه الحوادث المؤلمة .

السيد علي بحر العلوم

برقية المحامين إلى الملك

روعت النجف بالعدوان الصارخ الذي حدث صباح أمس الأول عندما أطلقت الشرطة نيرانها على الطلاب الأبرياء في داخل المدارس والصفوف وان الأرواح البريئة التي راحت ضحية هذا العمل المتهور تدعونا أن نستنجد بجلالتكم التدخل لمحاسبة المسؤولين الذين أهانوا دور العلم واستهانوا بالقيم الأخلاقية وإيقاع العقوبات الرادعة وشفاء لغليل أمهات وآباء الشهداء وتطبيقا لخواطر نفوس هذه المدينة المنتهكة .

احمد الحبوبي المحامي عن خمسة عشر محام

الإمام عبد الحسين شرف الدين يقدم نفسه جندياً متطوعاً في صفوف جيش مصر والعروبة

أعلن الإمام عبد الحسين شرف الدين بواسطة مندوب ( وكالة أنباء الشرق الأوسط) في لبنان الذي زاره في مقره في صورة الفتوى التالية :

بسم الله الرحمن الرحيم

في هذه الفترة الحاسمة التي يمتحن بها الاستعمار مناعة الإنسان في الحرية وتقرير المصير ، في هذه الفترة التي يغزو بها الاستعمار مصر المجاهدة ، ابتهل إلى الله عز وعلا أن ينصر الحق ويزهق الباطل ، واناشد أخواني  في الله تعالى ، علماء الدين في كل مكان أن يقولوا كلمتهم فتوى صارخة توقظ النائمين وتقيم القاعدين وتدفع إلى الدفاع عن معقل هو أعز معاقلنا ، تحت راية الحق يحملها جمال عبد الناصر الذي اصبح فكرة في عقولنا ، وخفقة في صدورنا ، وانساناً في عيوننا .

وأهيب بجميع أبناءنا في الله في المشرق والمغرب إلى الاشتراك في معركة تقرير المصير هذه ، واعلان الحرب على الاستعمار الذي جعل من شرعة حقوق الإنسان شريعة قراصنة وذؤبان ، يغدر بالوطن المؤمن الآمن فيتسور عليه جوه وأرضه ونيله ، ويلتحم معه ناباً مسموماً وظفراً لئيماً في حرب ابادة ، فيرى فيه الموطن العظيم شعبا وجيشا ورئيسا .

ألا وان الاستعمار الغربي يغزونا في عقر دارنا معتديا غاشما .

ألا وان من مات دون حفنة من تراب وطنه مات شهيدا .

كلية منتدى النشر تبرق للأزهر الشريف برقية الشيخ محمد رضا المظفر إلى شيخ الأزهر وبعض الجهات السياسية في مصر العربية

بسم الله الرحمن الرحيم

محافل النجف الاشرف تعج صارخة إليه تعالى بدعائها لإنقاذ مصر المسلمة وتبتهل إليه أن يأخذ بناصركم ويرفع لواءكم والقلوب تقطر دماً من الاعتداء الصارخ الذي تقوم به وحشية أعداء الإسلام والإنسانية ، والمسلمون في جميع البلاد يد واحدة في شد أزركم .

عميد كلية منتدى النشر – النجف الاشرف – تشرين الثاني 1956

بيان قائد القوات العسكرية المرابطة في بغداد يطلب من الأهالي التوقف عن الإضراب

إلى الشعب العراقي الكريم

في الوقت الذي تمر فيه البلاد بظروف دقيقة تتطلب منا توحيد الجهود وتضافرها لضمان نصرة القضية العربية ، تسعى بعض الفئات من حملة المبادئ الهدامة التي ما انفكت تعرقل هذه الجهود وتلك المساعي لإحباطها عابثة بأمن البلاد وسلامتها باندساسها بين صفوف الشعب بمختلف صفوفه ، مستغلة طيبة ضميرهم بتحريضهم لخلق المشاكل وبث روح الشغب والانشقاق فتؤثر على بعض ضعاف النفوس للقيام بالإضراب غير مبالية بما قد يولده ذلك من أثر سيئ على البلاد ورفاهية الفرد العراقي ، وبالتالي تعرض الأمن العام إلى الاضطراب والفوضى ، وليعلم الشعب العراقي الكريم بأننا استنادا إلى السلطة المخولة لنا كفيلون في المحافظة على الأمن والنظام العام  باستخدام الطرق الناجعة للحد من تصرفات هذه الشرذمة من الهدامين وانزال اشد العقوبات بحقهم

وعليه نحذر أفراد الشعب أرباب المهن واصحاب المحلات التجارية وغيرها بأنهم سيعرضون أنفسهم إلى نفس العقوبات في حالة استجابتهم لتلك التحريضات المقصود منها خلق الفوضى بإغلاق محلاتهم التجارية وغيرها أو أن يتقاعسوا عن الأخبار عن المحرضين وفق أحكام المادة (15) من مرسوم الإدارة العرفية رقم 18 لسنة 1935 على إن ذلك لا يمنع من توقيع عقوبة اشد حيث يقضي بها قانون العقوبات البغدادي أو القوانين الأخرى ، ولنا وطيد الأمل بأن لا ينصاع أفراد الشعب إلى تحريضات تلك الفئة بالانخداع بأقوالها التي تخفي وراءها النوايا الخبيثة ويقدروا المسؤولية الملقاة على عاتقهم باعتبارهم أفرادا في هذا المجتمع يعيشون به ويخبروا اقرب مركز شرطة للقبض عليها بإحالتها إلى المجلس العرفي العسكري لتنال عقابها .

قائد القوات العسكرية ببغداد

28 تشرين الثاني 1956

·                     استاذ الاديان في جامعة روتردام الاسلامية

 

 

 

 

(3) مقالات جعفر رجب

http://www.alraimedia.com/Alrai/AuthorArticles.aspx?id=1343

 

 

(1) – قوم من المريخ

نط الحديث عن الولاء الشيعي مرة أخرى بوجهنا، ومازال مستمرا كمسلسل تركي!
الرئيس حسني مبارك يؤكد ان ولاء الشيعة في المنطقة لإيران! 
الملك عبد الله يحذر العالم من الهلال الشيعي! 
في لبنان المفتي يحذر من دخول «الغرباء» الشيعة الى بيروت!
في السعودية وثيقة «العلماء» تحذر من الحوار مع الشيعة!
في المغرب يعتقل مثقفون لأنهم شيعة! 
في الجزائر يطرد مدرسون لأنهم شيعة!
في مصر يمنع بناء مسجد لأنه للشيعة!
في البحرين ما زال الحديث مستمرا عن الوثيقة الطائفية!
في العراق تفجر المساجد والمواكب وتقطع رؤوس الشيعة الصفويين!
في الكويت فيلم التأبين والولاء مستمر وبنجاح كبير عبر الصحف!
الحديث عن الشيعة صار حديث من لا حديث له، وموضوع من لا موضوع له، وصار كل كاتب يكتب شوي يسب فيهم الشيعة لان «الرزق يحب الخفية»... ما لنا وحديث «الجاهلية»، وقال فلان وكتب فلان وشتم فلان، ولندخل في صلب الموضوع وهو ما نريد ان نكتب نحن!
وصلب الموضوع هل الشيعة مخلوقات فضائية نزلت من المريخ على الوطن العربي بالذات لافساد شبابه، وتفتيت وحدته وسرقة ثروته، وتحويلهم من عبادة الله إلى عبادة القبور؟ أم إنهم طالعون قبل يومين من مؤتمر حكماء صهيون وهدفهم تدمير شباب الأمة؟ أم إنهم مجموعة من المجوس المتخفين تحت رداء الإسلام من اجل الانقضاض على الأمة وإعادتهم إلى عبادة النار، وهذا واضح من خلال عمل الإيرانيين كخبازين، وبيع بعض تجار الشيعة للأفران! 
والموضوع الأخر، سأتحدث أيضا عن ولاء الشيعة، لان الجماعة مشغولون هذه الأيام بحثا في ولاء الشيعة، ومع إن الجميع يتحدث عن الولاء، إلا ان الجميع أيضا لم يجب على السؤال البسيط: الولاء لمن؟وما هي الحكومة التي تستحق الولاء في هذا الوطن العربي؟ أنا أتحدث عن الحكومات لا الأوطان!
وبما ان الموضوع شيعة وسنة، فان موضوع العرب والعجم أيضا يطرح نفسه، وهو موضوع قديم بقدم العلاقة بين الشعبين، ولعل أبوحيان التوحيدي- قبل ألف عام- في كتابه الإمتاع والمؤانسة تحدث عن هذه العلاقة، حيث يعتبر الفرس في نظر العرب عبدة النار ويتزوجون من أخواتهم، والعرب قوماً يأكلون الجراد والفئران في رأي الفرس!
الحديث طويل، والكلام متعب، والموضوع محرج، والزاوية قصيرة... لذلك سأكمل غدا!

 

تحت الحزام / الشيعة (2) – اللبناينون هم السبب

بعد أن اكتشفنا بالأدلة العلمية، وبمساعدة وكالة ناسا للفضاء، ان الشيعة ليسوا من المريخ ولا أي كوكب آخر، فهم يحملون صفات بشرية، وانهم يأكلون ويشربون ويأخذون قروضا من البنوك، وعندهم معسرون، وتنقطع عنهم الكهرباء، وتخترب سياراتهم، مثل بقية البشر... وقد تم إثبات هذه النظرية في جامعة هارفارد زيادة في الحرص!
فحمدنا الله ثم تساءلنا: طيب إذا لم تأت هذه المخلوقات الغريبة، التي تسمى بالشيعة من المريخ، فمن أي أتى هؤلاء الحبربش؟
بحثنا في كتب التاريخ، مع إن كتب تاريخنا «لكم عليه»، فهي ليست بتاريخ بقدر ما هي سوالف ...! ولا تتعدى إن فلانا قال، وفلانا سمع من فلان، ويقولون انه حصل كذا وكذا... يعني لاتوجد لا وثائق نستند عليها، ولا كتب رسمية محفوظة، ولا آثار مكتوبة... باختصار تاريخنا يعتمد على «يقولون»...! ونحن مشينا مع المؤرخ التاريخي «يقولون» بحثا عن أصول هؤلاء القوم الذين مازال البعض متأكدا ان لديهم ذيولاً يخفونها عن الناس!
قيل انهم كانوا موجودين من زمن الرسول، وقيل بعد وفاته وخلاف المسلمين في السقيفة، وقيل في زمن عثمان، وقيل بعد حرب صفين، وقيل إن نشأتهم سببها شخص يهودي يمني أمه سوداء... حيث كان يغرر الناس، ويقول لهم وهو يفرك يديه:صيروا شيعة... فصاروا شيعة، وقاموا يلطمون، ويروحون الحسينيات، ويطبخون مرق قيمة، ويوزعون فيمتو في محرم...ويقال انه أول من وزع الفيمتو في محرم!
تركت ما يقولون وذهبت إلى مقولة ولاء الشيعة لإيران أو «للعجم»،فقلت إذا لم يأتوا من المريخ إذاً من إيران سباحة، فبحثت في كتب التاريخ لاستدل على صحة مقولتي بان الشيعة ذو أصول أعجمية وسبب كونهم شيعة حتى «يحرون» العرب السنة!
بعد البحث والتحري تبين انهم كانوا يحكمون مصر العروبة أيام الدولة الفاطمية العربية، وبنوا القاهرة والأزهر إلى أن سقطت بيد «الاعجمي» الكردي صلاح الدين!
في الوقت الذي بنى العباسيون دولتهم «السنية» بمساندة ابو مسلم الخراساني الايراني!
والحمدانيون العرب كانوا شيعة، وكانت ولايتهم في الموصل وحلب أي العراق وسورية، ومع انهم شيعة إلا إنهم اضطروا الدفاع عن الخليفة المتقي بالله العباسي ضد نفوذ الاتراك «العجم» السنة في بغداد... وفي الوقت الذي كان الحمدانيون مشغولين في حروبهم ضد البيزينطيين – أميركا القديمة – بينما كان الخليفة يأكل الفالوذج الإيراني!
ذهبت بعيدا الى المغرب فاذا الأدارسة الشيعة العرب يحكمون المغرب، وبني الأحمر وهم من الخزرج يحكمون الاندلس وبنوا القصر الأحمر بأسوده الاثني عشر الشهيرة! 
رجعت للشرق بني عمار الشيعة العرب يحكمون طرابلس إلا أن سقطت بيد السلاجقة الأتراك! 
نزلت جنوبا نحو اليمن، أصل العرب وأصولها، واذا بالزيديين يحكمون اليمن، ثم عاشت افضل ايامها عندما حكمها الصليحيون لمئة، وهم قبائل أيام العربية الإسماعيلة في صنعاء حتى أسقطتها الدولة الايويبة «الكردية السنية» - كما ورد في أطلس التاريخ الإسلامي للدكتور حسين مؤنس- ثم عاد حكم الزيدية الشيعة العرب الى سنة 1962!
اعلم اني طولتها عليكم اما الحجاز ارض العرب «الوكالة»،على اساس ان عرب الاطراف «تجاري» وحنا العرب يا مدعين العروبة، فكانت لا تعترف لا ببني أمية ولا العباس، ولذا بقيت الحجاز وتهامة بيد «الاشراف»الشيعة العرب يحكمونها الى سقوطها بيد الاكراد الايوبيين أيضا وتحويلها إلى يد الأشراف السنة بداية من 500 للهجرة!
أما الساحل الغربي من الخليج وهي البرحين والتي كانت تمتد من الكويت وحتى الإمارات... فقبائلها كانت شيعية الولاء، وقد حكمها القرامطة – ولم يأتوا من عبادان بعبارة بل كانت ماركتهم عربية – وسقطت دولتهم بيد السلاجقة الأتراك السنة... ومازالت القبائل العربية في الجزيرة تميل إلى الشيعة إلى ما قبل ثلاثمئة عام، ومع التغييرات السياسية والتأثيرات «العثمانية الأعجمية» التي حولت بعض القبائل ولاءاتها بسبب الأوضاع السياسية...ولم نسمع يوما قبائل شككت بولاء أبنائها بسبب مذاهبهم!
كان هذا تاريخ العرب أما تاريخ الفرس «العيم» فكان أن حكمها بعد العباسيين، السلاجقة العجم السنة، والليثيين السنة الذين قطعوا السن من يتحدث العربية، ثم أقيمت الدولة السامانية «العيمية» السنية التي منعت استخدام العربية في سلطانها، وتبعهم الغزنويون ولم تصبح شيعية إلا مع الصفويين قبل أربعمئة، الذين أتوا براياتهم الحمراء- وليست الخضراء لأنهم كانوا يشجعون مانشستر يونايتد- وأصبحوا شيعة لدوافع سياسية بعد ان كانوا سنة!
باختصار «العجم» لم يعرفوا سوالف الشيعة إلا قبل أربعمئة عام بينما كانت القبائل العربية في الجزيرة العربية، والعراق، ومنذ الامويين ذات توجهات علوية ويميلون للهاشميين أتوماتيكياً!
بقية القصة ان الصفويين «ابتشلوا بالعيم السنة» فهذه مناطق سنية متعصبة، فقد كان الناس في اصفهان – عاصمة الصفويين-يعتبرون التراب الذي يمشي عليه الشيعي نجسا... وفي نفس الوقت يقول «ناصر خسرو» الرحالة العيمي في كتابه «السفر نامة» انه كان ينوي زيارة قبر أبوهريرة في طبرية ولم يستطع لان أهل طبرية شيعة متعصبون يرمون من يزور القبر بالحجارة، فقد كانت فلسطين تحت سيطرة الشيعية حتى دخول الايوبيين العجم!
المهم في النهاية استعان الصفويون بالعلماء العرب الشيعة من جبل عامل في لبنان، لنشر الدعوة الشيعية في ايران...وهذا يعني ان العرب واللبنانيين هم من «خربوا» الايرانيين وخلوهم شيعة!
ما الفرق بين الولايات السنية والشيعية في تلك السنوات...لا فرق، فالكل كان يستغل المذهب والدين لأغراضه السياسية، يعني الموضوع خربان من كل الأطراف!
طال الحديث، وسأتوقف، وسأكمل غدا،لا تروحون مكان!

 

تحت الحزام / الشيعة (3 ) – متسترون بالعلمانية

سأل أحد العراقيين الشيعة البسطاء:
-
من هم أئمتك؟
بعد تفكير أجاب «علي... الحسين... العباس» - العباس أخ الإمام الحسين-!
فقيل له: لكن العباس ليس إماما!
بعد تفكير رد بكل ثقة: لعد الرضا إماماً! – ويقصد وهل الإمام الرضا ثامن أئمة الشيعة، والمدفون في مشهد يعتبر إماما-ببساطة أعلن انه ليس إماما، مادام دفن بعيداً عن العراق! (1)
هذا التفكير البسيط يشير إلى قضية معقدة في ذات الوقت، القضية ليست مجرد سنة وشيعة، ومن أحق بالخلافة، أو نصوم اليوم أو غدا، أو نتبرك بالقبور أم لا... إنها قضية حملها المسلمون على ظهورهم لألف وأربعمئة عام من دون أن يجدوا لها حلا بل عقدوها... ولا أعتقد انها ستحل، لسبب بسيط، لأن هناك الكثير من يسترزقون، ويقتاتون على هذه القضية، وحلها يعني بوار تجارتهم الطائفية، حتى لو حاولنا حله فلن نستطيع، متى حلينا مشكلة حتى نحل هذه!
نعم الأمور معقدة، والقضية ليست كل شيعي إيرانياً وكل سني عربياً، فالأمور يا قوم «متلخبطة» بين العرب والعجم... من أسسوا وساهموا في دعم المذاهب السنية أغلبهم من العجم، وما البخاري ومسلم والترمذي... والأسماء كثيرة إلا كانوا من الفرس ومستمتعين بالبراد في إيران، في نفس الوقت الذي كان الشيخ المفيد والمرتضى والحلي العرب يضعون أسس المذهب الشيعي في حر العراق بل وحتى في وقتنا الحاضر، فأشهر دعاة السنة الفضائيون منهم والأرضيون «عيم»، وقاعدة التوجهات السلفية والاخوانية «عيم» دون أن يقلل ذلك من شأنهم أو يشكك في ولائهم!
لخبطة أخرى تاريخية شعراء العرب الكبار من المتنبي إلى أبوفراس والفرزدق وابو تمام وأبو العلاء.... كانوا ذوي ميول شيعية واضحة، في نفس الوقت الذي نجد شعراء الفرس «العيم» من عمر الخيام الى سعدي والفردوسي ومولانا جلال الدين الرومي وهو أكثر الشخصيات تقديسا في إيران حتى يومنا هذا،لاعلاقة لهم بالتشيع ولم يجد شاعر مثل حافظ الشيرازي حرجا من الاستدلال بشعر يزيد بن معاوية في أشهر أشعاره التي يرددها الإيرانيون حتى الآن!
لا أريد أن ادخل في «نظرية المؤامرة» ولكن ألا تشعروا بان هناك من يحرك المسائل نحو هذا الاتجاه الطائفي، ألا تشتموا رائحة المخابرات، والإعلام الموجه، وانتم تقرؤون المدونات وما يطرح فيها، من تخوين وتخويف للسنة من الشيعة وبالعكس!
الموضوع يبدو سخيفا ومخيفا في نفس الوقت، ايميل يصل يحذرنا من تغلغل الشيعة في المؤسسات الإعلامية، وينشر أسماء الكتاب والاعلاميين في كل دول الخليج وبالتفصيل الممل... هل هذا فعل شخص أم جهاز متكامل!
إيميل آخر يحذر: الشيعة أصبحوا يلبسون عباءة العلمانية، حتى يضربوا الدين من الأساس بعد أن فشلوا في تمزيق الأمة فانتبهوا من المتسترين بالعلمانية!
إيميل آخر تحذير شيعي: السنة يصدرون فتاوى تحلل دم الشيعة! 
ادخلوا إلى «البالتوك» لتكتشفوا حجم المأساة التي نعيشها، وحجم التغييب والغباء، الذي يعيشه الناس في صراعهم مع أعداء وهميين... لا فرق بين «خميس» و«ياسر» فكلاهما يعاني من عقده النفسية، التي يريد أن يحلها على ظهر الطائفية ويصعد عليها!
من وراء ذلك، كالعادة ابحثوا عن المستفيدين من الجريمة، ومن يستفيد من جريمة الطائفية؟ مع الأسف الكثيرون من الملوك، والرؤساء، ورجال الدين، ووزراء، ونواب، ومخابرات، وتلفزيونات، ومجلات وجرائد، ولصوص، وأفاقين، وهمج رعاع... يعيشون في مساحة ممتدة من ساحل المغرب الى سواحل اندونيسيا، وأيديهم ملطخة بدماء من يقتل طائفيا!
أعلم انه «ماكو فايدة» واني انفخ مثل غيري في «قربة مقطوعة» ومخرمة من كل اتجاه، ولن يفيق الميت بكثرة الصراخ على رأسه... فالمسافة بيننا وبين نفيق، ونحمل قيما إنسانية، تحمل الاحترام للجميع دون تمييز، كالمسافة بين أبو لهب والجنة!
غدا لنا لقاء لأنهي كلامي بالفرق بين السنة والشيعة 
في الكويت!

(1)   تعليق

ولان (الشيىء بالشيىء يذكر )تذكرت قصة  سمعتها من (الكوميديان ) النجف

(صادق القندرجي ) رحمه الله مع "عراقي مسلم شيعي" آخر بدأت  بسؤال
عن نفس الموضوع ..قال: سألت الرجل
-
كم هم أئمتك 
أجاب : جثيرين 
-
تكدر تحسبهم
أجاب : إلز م سبحتك
-
إحسب
وبدأ العد : أولهم محمد بن عبد الله
-
لكن هذا  نبي مو إمام
وانتفض الرجل غاضبا ، ورد بانفعال : شنو مو إمام ؟؟ هذا يسوه ربهم !
-
زين .. والثاني
أجاب :سيدي ومولاي وسيدك ومولاك غالب كل غالب : علي بن أبي طالب

    وبعد منو
أجاب : "الحسن والحسين والعباس" ……وواصل  حتى ذكر (باب الحوائج) ثم توقف وكإنه نسي اسم الإمام الرضا
-
ومنو بعد موسى بن جعفر
أجاب : واحد العجم عصوا بي وما قبلوا يرجعوه
يقول صادق القندرجي : واستمر الرجل يذكر بقية الأئمة  ، وأضاف إليهم  الحمزة الشرجي
-
لكن الحمزة الشرجي مو إمام
وهذةالمرة لم ينفعل الرجل ولم يحتج بل قال : زين ..خلي يولي
ولكم تحياتي
مهدي

 

 

  تحت الحزام / الشيعة (4) – سلامون عليكم

حديثنا اليوم عن الخلاف والاتفاق بين السنة والشيعة في الكويت!
السني يذهب إلى مسجده مشيا على الأقدام والشيعي بالسيارة!
السني يصوم قبل الشيعي بيوم ويعيّد قبله بيوم، فالسني يصوم تسعة وعشرين يوما لان حكومتنا ما تحب تطولها، الشيعي يصوم اثنين وثلاثين يوما، بالإضافة إلى تأخير أذان المغرب ربع ساعة يعني يطلع عليه ثلاثة وثلاثون يوما بالسنة بعد التخفيضات!
السني يأكل القبقب، والشيعي يحرمه مع انه طعمه حلو!
السني يقول الله بالخير للسلام،الشيعي يقول «سلامون عليكم»!
السني يقول لك «جزاك الله خيراً» ليشكرك، والشيعي يقول «أحسنت»! 
الشيعي يضع ملصقا اخضر على زجاج سيارته، وبعض شباب السنة أيضا يضع الملصق لزوم المغازل!
الشيعي عندما يذهب لمسؤول شيعي يريد واسطته، يرد عليه المسؤول: ما اقدر القانون ما يسمح، أما السني إذا ذهب لمسؤول سني لواسطة، يرد عليه بالقول: ما اقدر القانون ما يسمح لي، ويخرج الطرفان وهما يرددان «جماعتنا ما فيهم خير»!
الشيعي يذهب لسوق السمك لشراء الزبيدي... ولأنه غال يصّور معاه ويرجع البيت، أما السني فيأخذ توقيع الزبيدية للذكرى!
الشيعي نوابه «يقصون عليه» لينتخبهم، أما السني فنوابه أيضا «يقصون عليه»!
الشيعي يذهب لنائب سني ليمشي معاملته لان ربعه ما فيهم خير، اما السني فيذهب لنائب شيعي لأن ربعه ما فيهم خير!
الشيعي مثل السني مسكين وعلى قد حاله... يعاني من مشكلة الأقساط، ويقف في نفس الطابور، ويعلقون في نفس الشارع وهم يتأفأفون من الازدحام، ويعانون من نفس المشاكل، ويضحكون على وزارة التربية في منعها نور ومهند وسماحها للميس، ويبكون على الاوضاع السياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية في البلد، وينادون بدولة القانون، ويأسفون على الماضي، ويضحكون على نفس النكت!
«
يا امة ضحكت» عليها الدنيا كفى... فالعالم اكبر من فلان شيعي وفلان سني!
 

 

تحت الحزام / الشيعة (5) ايها العنصري انا عيمي

 

/ تحت الحزام / «ترضى اختك تلبس بكين

ألا تكون عندك «أخت» فهذه مصيبة، كارثة ثقافية، لأنك عندها لن تستطيع ان تتحاور، او تناقش الانسان، فمن الأسس المنطقية لاي محاورة عربية، ان تكون عندك «أخت»، تدخل عبرها في حوار سياسي ثقافي مع الآخرين، الذين يفترض أيضاً ان عندهم «اخوات»!
من قبل خلق الديناصورات وإلى زمن اختراع الـ «آي باد»، الشيعي والسني يتناقشان، حول الصلاة على التربة، والمسح على القدمين، وعن انواع الزواج، وفي الزواج كل واحد منهما يعد أدواته وأدلته، وفي النهاية عندما يحتد النقاش، ينط السني ليقول للشيعي «ترضى اختك تتزوج متعة» فيرد عليه الشيعي بنفس الحدية «ترضى اختك تتزوج مسيار»... وعندها ينتهي الحوار، بلا غالب ولا مغلوب!
وفقا لهذا المنهج، انصح من يريد أن يتحاور الاستفادة من نظرية «اختك»، مثلاً:
إذا كنت تناقش حول الحجاب، واحتد النقاش حول وجوبه، وطريقته، ولونه، ونوعه، وفلسفته، وتاريخ الحجاب في المجتمعات الإسلامية، واكتشفت ان الطرف المقابل يمتلك من الأدلة أكثر منك، فقل له بتحد «يعني ترضى اختك يغازلونها في المجمعات ويلاحقونها بالأسواق»!
إذا كنت تتحدث عن الحريات، معترضا، ومقيدا لها، والطرف المقابل يضع نظرياته، ويستشهد بفولتير وربعه، فقل له بثقة وتحدٍ «يعني ترضى اختك تلبس بكيني وتتمشى على البحر»!
إذا كنت تتحاور مع رجل يؤمن بالمساواة بين البشر، وان الناس سواسية، ويريد ان يجعل حالك من حال بقية البشرية السود والحمر والصفر، فقل له بهدوء وبتحدٍ «يعني ترضى اختك تتزوج البنغالي»!
واذا كنت تناقش رجلا يؤمن بحق المرأة في المشاركة بالعملية السياسية، وان تكون نائبة برلمان، وتتحدث وتجالس الرجال، فأوقف الحديث، وقل له بتحدٍ «يعني ترضى اختك تبوس الرجال في الديوانية»!
وإذا كنت تناقش من يؤمنون بحق المرأة في قيادة سيارتها بالطرقات، فلا تطل الموضوع وقل له ببساطة «يعني ترضى اختك يخطفونها ويغتصبونها، ويصورونها، وينشرون صورها بالإنترنت»!
اذا سمعت من يشتم الرؤساء، والحكام، والانظمة العربية الشقيقة والصديقة والرفيقة والعزيزة... فلا تحاول ان تجادله، فقط اسأله بتحد «يعني ترضى اشتم اختك»!
اذا كنت مسؤولاً وتتناقش مع من يطالبك بتوفير فرص العمل، وتخفيض نسبة البطالة، فقل له بتحد وثقة «يعني ترضى اختك تشتغل رقاصة في كباريه»! 
هذا الاستدلال ليس نقلياً ولا عقليا ولا تجريبيا انه استدلال عن طريق «اختك»، ولو كان سقراط حيا لنط على محاوريه وهم يتحاورون عن مفهوم العدالة، واخرج سلاحه السري وقال لهم «ترضى اختك تبيع بطيخ عند اشارات المرور»!
ببساطة، قبل أي حوار، ليكن سؤالك الاول لمحاورك «هل عندك اختك»؟ إذا لم يكن عنده اخت، فلا تدخل في نقاش معه، وإذا أجبرت على الجدال فاستبدل عبارة «ترضى اختك» بـ «ترضى أمك»، وفقك الله لما فيه خير الأمة العربية!


 

 

 

 

 

(  4 ) جورج جرداق في حوار حول الامام علي (ع)

في مولده

http://www.alhak.org/vb/showthread.php?p=236364

رحم الله بولس سلامة ،  أذكر  له من ( ملحمة عيد الغدير ) قوله

جلجل الحب في المسيحي حتى    عد من فرط حبه علويا

مهدي

 

اجرت الحوار: ولاء إبراهيم حمود

علي وحقوق الإنسان، بين علي والثورة الفرنسية، علي وسقراط، علي وعصره، علي والقومية العربية.‏

عُدْتُ من حواره، كما أتيت، أُخفي بين السطور أضعاف ما اتفقنا عليه في حب عليّ (ع) وما اختلفنا فيه حول غير «عليّ». أنهيت الحوار مقتنعةً بأنّ عمق خلافاتنا لم يفسد في عشقِ عليٍّ قضية، لأن جورج جرداق يترنَّمُ بعشق عليّ (ع) لا على دينٍ أو مذهبٍ ما، بل على قاعدة «كونوا أحراراً في دنياكم»، حباً له ورفضاً لسواه. لذلك أترك أجابته عن سؤالي الأخير، مسك ختام، لأكثر حواراتي إرهاقاً ونزاعاً وهي تستحق عَناءَ قراءة ما سبقها، لأنها خلاصة حبّ عليّ (ع) في قلبٍ مسيحي، يراه ركناً من أركانِ الإنسانية كافةً في كل مكان وزمان... وعلى هذه الرائعة اتفقنا وافترقنا. والآن إلى بعضٍ من تفاصيل حوارٍ شاقٍ وطويل، لكنه لأجل عليّ (ع) جميلٌ، نبيلٌ، جليل.‏

* إنّه أكبر ممّا يقال عنه‏

ما هي أبرز دوافعك للكتابة عن عليّ بنِ أبي طالب(ع)؟‏

ولدتُ في منطقةٍ مسيحية «مرجعيون» يتفاخر أهلها بالتاريخ العربي وعظمائه، فأخي الكبير فؤاد كان يُسمِعُ زوارنا قصائده في مدحِ عليّ. كنت أختزنها طفلاً وأتأثر بها، فاندفعتُ إلى ينابيع مرجعيون، أَهرب من المدرسة، إلى ظلال أشجارها، أقرأ ديوان المتنبي ومجمع البحرين. كافأني أخي بنهج البلاغة، فحفظته غيباً، والتصقت في ذهني صورةٌ مبهمةٌ لرجلٍ عظيم. وعندما بدأت التدريس في شبابي، أعدت قراءة ما كتبه عن عليّ كلٌ من طه حسين وعباس محمود العقاد. شعرت أنه أكبر ممّا يقال عنه، وعندما أعدت قراءة نهج البلاغة، تأكدت أن عليّاً لم يُنصَفْ في كتاباتهما، فقررت الدخول في معركة خضتها بكتابي «الإمام علي صوت العدالة الإنسانية» وأنا دون الثلاثين من العمر.‏

- لماذا اخترت للكتابة عن علي عناوين مثل «علي والقومية العربية»؟ وما علاقة علي بسقراط والثورة الفرنسية لتختارها عناوين لأجزاء كتابك؟‏

لأنني رأيته ركناً من أركان كلِّ قومية بين بني الإنسان، كما رأيت باستير وجان جاك روسو وفولتير، الذين أفادوا بإنجازاتهم العلمية والفكرية كل القوميات على الأرض لا في بلادهم فقط، ورداً على من اعتبر التشيع طعناً في القومية العربية. كتبت أيضاً «عليّ والقومية العربية». أردته توضيحاً للقومية، كما أفهمها من عليّ بن أبي طالب (ع)، مُلْمَحاً إنسانياً راقياً، وإن لم تكن كذلك، فلا قيمة لها، فهي في فهمهم عصبية عصرية، وعليٌّ في هذا المجال يخدم كلَّ قومية في العالم، لذلك بدأت معه «عليٌّ وحقوق الإنسان».‏

- ماذا عن موضوع ولايته؟ ألمْ تره عبر قراءاتك صاحب حقٍ وقضية؟ وماذا عن صورته اليوم لديك، هل اختلفت ملامحها عن تلك التي دفعت ابن الثلاثين إلى كتابته صوتاً للعدالة الإنسانية؟‏

إنه أمرٌ واضح، له وحده الحقّ بالولاية، مع إصراري أن عظيماً بحجم عليّ؛ هو أكبر من كل ولاية، إنه إحدى العبقريات الكبرى في التاريخ ومن آباء الإنسانية الكبار، لا للشيعة وحدهم، فهو لم يتعصب لنفسه يوماً، بل ترك الدرع لمسيحي حكم له بها القاضي، لأنه لم يجد لدى الإمام دليلاً، فتبعه المسيحي، معترفاً ومعيداً له الدرع، مقاتلاً معه حتى قُتل.‏

* المرأة في حياة عليّ‏

- لماذا غابت «المرأة في حياة عليّ» عن عناوين كتابكَ؟‏

إن ظروفه الصعبة، في الحروب المتتالية، لم تسمح له بأن يهتم بهذا الموضوع. خاصةً أنّ ما خاضه في معركة الجمل غيّب عني دور المرأة في حياته.‏

ما ذكرته ليس سبباً لغياب علاقته الإنسانية بالمرأة عن كتابك الذي يردّد أصداء عدالته التي غمرت المرأة حنواً... فهي عنده ريحانة، وهنّ شقائق الرجال... فأوقفني بإشارةٍ من يده...‏

أنت تلفتين انتباهي، في سؤالكِ، لأمر لم ألتفت له من قبل على أهميته في هذا العصر... على كلٍّ أنا نظرت إليه ككلّ، إلى نظرته الشاملة إلى الإنسان رجلاً وامرأة. ربما لو كان ضد المرأة، لكتبت عنه، لأنه سيكون شيئاً غريباً عن عظمة شخصيته.‏

- إذاً، ما هو العنوان الذي يمكن أن يضيفه جورج جرداق إلى كتابه؟ ولمن توجهه اليوم؟‏

«هذا إمامكم»، وأُوجهه إلى حكام العالم قاطبةً، وصانعي الأنظمة السياسية والاجتماعية، ولن أنسى طبعاً المرأة في حياة عليّ».‏

* نظرته للاجتماع الإنساني‏

ما هي أهم صفات الإمام «علي» التي نحتاجها اليوم؟‏

نظرته للاجتماع الإنساني وأنظمته، وذلك في قوله «ما رأيت نعمةً موفورة إلا وإلى جانبها حقٌّ مضيع» (1) وفي مكان آخر: «ما جاع فقيرٌ إلا بما متع به غني» (2). لقد سبق الإمام عليّ كارل ماركس بألف وأربعمئة سنة، لذلك، أراه يختلف عن الأنبياء ويفوقهم بنظرته للإنسانية.‏

- وبهذه الكلمة، ألا تبدو شيعياً أكثر تعصباً من الشيعة أنفسهم؟‏

لا، لست شيعياً ولا متديناً أصلاً، لكنني موضوعيٌّ جداً، وأنا معجبٌ بالأوروبيين أكثر، لأنهم يرفعون له صورة مستوحاة من سيرته، في إحدى كنائس روما.‏

- ما هي أبرز الملامح المشتركة بين علي بن أبي طالب وعيسى ابن مريم، حتى قال له النبي يوماً: «يا عليّ إن فيك مثلاً من عيسى ابن مريم» (3)؟‏

صحيح، وهو أجمل ما قيل في هذا الموضوع. وعليّ أقرب الجميع إلى المسيح، والملامح كثيرة.. فالمسيح قال مستغفراً لصالبيه: اغفر الله، إنّهم لا يدرون ما يفعلون... وعليّ رفع السيف عن عدوه، كأنه يقول انهض، أنت لا تدري ما تفعل. ولطالما عفا عن أخصامه في الصراع، بل وأكرم عائشة بعد معركة الجمل. كما قال المسيح يوماً: «أحبُّوا مبغضيكم وباركوا لاعنيكم». وقلت لكِ إنهم في أوروبا، وفي القرون الوسطى، كانوا يعتبرون الإمام وليّاً مسيحياً لأنهم قرأوه فوجدوه إلى المسيح أقرب، وهو القائل: «اقرضوا الدنيا قرضاً على منهاج المسيح» (4).‏

* كل ما فيه عظيم‏

- وأنت بالتحديد ما أكثر ما جذبك إلى عليّ وأعجبك فيه: قوّته أم إنسانيّته أم مواقفه الفذّة؟.‏

كل ما في عليّ عظيم، إنّه العظمة بذاتها.. وبساطتها فيه أكثر ما أعجبني، تواضعه، وصفاته قيمٌ لا تتغير، وهي السَّاعية في ثباتها إلى تعميق ثبات الإنسان على دروب الحقّ بإعلاء روحيته وترقية إحساسه بإنسانيّته، وهذه نحتاجها في كل عصر. وهو في كل مواقفه قوي يعفو عند المقدرة. وتأمين سلامة عائشة وإكرامها بعد معركة الجمل خير دليل. وإن شخصيته المؤسسة على القيم سمحت بتأمين الماء لجيش معاوية.‏

- ما أكثر ما أعجبك فيما كُتِب عن عليّ؟ ماذا عن الشيعة في هذا الخصوص؟ وماذا لو انقلبت الآية وقرأت من إنسانٍ مسلمٍ كتاباً عن السيد المسيح؟‏

أتلقاه بموضوعيّة، ولا يعنيني إذا كان دينياً، لأنني لست متديناً، وهذا لا يمنعني من احترام علي والمسيح، وأنا لم أقرأ كثيراً كتابات سواي عن علي، وما قرأته متشابه لا شيء أفضل من سواه، وأنا لن أقرأ عن المسيح كتاباً كتبه خوري كما أقرأ مثلاً ما كتبه تولستوي أو غوركي الذي كان شيوعياً. ولا تستطيعين ذكر المسيح أمامه إلا بالاحترام المطلق لأنّه رغم شيوعيته يراه أعظم ما يمكن أن يصل إليه إنسان، وهنا تكمن الموضوعية.‏

- من يمثِّل في نظرِك اليوم امتداداً لنهج عليّ بن أبي طالب (ع)؟‏

ربما كثيرون في أممٍ أخرى لا أعرفهم، ولكن على حدّ علمي في لبنان الإمام السيد موسى الصدر أراه ابناً للإمام عليّ، ولهذا السبب أبعدوه.‏

- لو قدّر لك أن ترى الآن فجأةً عليّاً.. ماذا تقول له. وحوارنا هذا سينشر في ذكرى مولده؟‏

صار عمرك ألفاً وأربعمئة سنة، وسيصير مليوناً وألفاً وأربعمئة سنة، وستبقى كما أنت، عظيماً وكبيراً تُقتدى.

 

 

( 5 ) الشيعي اقوى رجل في العالم

د .  ناهدة التميمي (أستاذة علم الاجتماع بجامعة السربون)

http://www.iraqcenter.net/vb/32376.html

 

 هكذا وصفه الكاتب المصري الكبير محمود عباس العقاد, فقد روى العقاد انه ذات مرة كان مدعوا لحضور عزاء حسيني عند جماعة شيعية في مصر ... وانه بعد الانتهاء من مراسيم العزاء والضيافة الحسينية والعشاء الذي يقدم بهذه المناسبة .. وقبيل الفجر.. قام القوم فطبروا رؤوسهم .. يتابع العقاد انه بعد ذلك خرج من منزل هذه الجماعة وهو مستهجن لهذا الفعل .. ثم ما لبث بعد ان وصل داره وارتاح قليلا ..ان جلس يفكر في الامر ويقول في نفسه ما الذي يدعو هؤلاء القوم لتطبير رؤوسهم وما الذي يبقيهم بعد قرابة الف واربعمائة عام متمسكين بهذه الشعائر والمحافظة عليها واقامتها رغم الظلم والملاحقة والمضايقة والتضييق عليهم وزجهم بالسجون وقتلهم من قبل الحكام بتهمة الانتماء الى هذا المذهب.. بل ماالذي يجعلهم يصرون على اقامة هذه الشعائر رغم انها ممنوعة وبهذا الاصرار وهذا العناد وهذا الفداء

 ثم يضيف العقاد ان كل هذه الافكار التي راودته عن الشيعة وشعائرهم وقوتهم وصلابتهم وتمسكهم بها رغم المحظورات من السلطة جعلته يؤلف كتابه الحسين بن علي ( ابو الشهداء ) والذي يصف فيه العقاد الشيعي بانه اقوى رجل في العالم لان الظلم والطغيان والملاحقة لم تثني عزيمته بل زادتها قوة واصرار .

 المذهب السلفي المتشدد الذي نراه اليوم ونسمعه من وعاظ ال سعود ما هو الا امتداد لفكر ونهج بني امية ووعاظهم عديمي الذمة والذين ناصبوا اهل البيت ومن والاهم العداء خوفا من ثورية هذا المذهب والذي لايرتضي حاكما جائرا او فاجرا او ظالما .. فكل فاسق تمسك بنهج التكفييرين الذين يقرون بجواز الصلاة وراء حاكم فاجر وجائر.. وبعدم الخروج على الحاكم حتى لو كان فاجرا .. فهل يعقل ان تكون هذه تعاليم السماء للبشر بالقبول بالظلم والمفسدة وسرقة اموال الشعوب بحجة درء الفتنة . هذا السبب الذي جعل بني امية ومن بعدهم بني العباس والعثمانيين يتمسكون بمذهب تكفير الشيعة حفاظا على عروشهم .

 فالسنة الصحيحة التي نعرفها هي سنة ابو حنيفة النعمان والذي مات في سجون المنصور حبا بال البيت وايمانا بحقهم ...وهي سنة ابن حنبل الذي لو قرات مسنده لوجدت من الاجلال والاكبار والتبجيل لال البيت مالم يكتبه احد .. وهي سنة الشافعي الذي قال اجمل واروع الاشعار في حب ال محمد (ص ) والذي قال

 ان كان رفضا حب ال محمد ......... فليشهد الثقلا ن اني رافضي...!!!! والذي جاء به الرشيد مخفورا مقيدا بالاغلال والسلاسل من اليمن الى العراق لانه تناهى الى سمعه ان الشافعي في حلقاته الدينية في اليمن كان يدعوا الى ال البيت وحقهم واحقيتهم في الخلافة .. وكان الرشيد قد حكم عليه بالموت لولا انه اثناء جلبه الى مجلس الرشيد اضطروا للانتظار قليلا لان الرشيد كان مشغولا بحل مساله علمية شائكة عجز العلماء في مجلسه عن حلها .. عندها استاذنه الشافعي بالتدخل لحلها .. مما جعله يصفح عنه وينفيه الى مصر.

 نعم الظلم المتعاقب على الشيعة لم يمحو ذكرهم بل جعلهم اقوى واقوى فرغم ظلم العصور المتعاقبة والمتلاحقة اقام الشيعة شعائرهم علنا وليس تقية كما يدعون .. فما زادتهم المحن والنوائب الا صلابة .. ولا ادري ما الذي يضير في اقامة مراسيم العزاء لامامهم الشهيد وحبيب المصطفى علية الصلاة والسلام .. فهؤلاء القوم لم يدعوا الى قطع راس انسان او تفجير ابرياء او حرق زرع او ضرع .. الثبات على المباديء حتى لو كانت الحياة هي الثمن كما فعل الحسين عليه السلام هو الذي جعل الشيعي اقوى انسان في العالم.

 ناهدة التميمي

 

 

 

(6) المؤسسة التعليمية الدينية

الحوزات العلمية عند الشيعة الامامية(1)

الشيخ محمد مهدي الاصفي

http://www.alsadrain.com/taghrib/376.htm

 

تمهيد

 (ولولا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون). (2)

 هذه الآية الكريمة من سورة التوبة هي الأساس للمؤسسة الدينية التعليمية، وهي تحض المؤمنين أن تنفر من كل فرقة منهم طائفة للتفقّه في الدين، لينهضوا بدور الانذار والتبشير والتثقيف إذا رجعوا اليهم.

 وإذا كان التفقّه في الدين في عصر الوحي يتمّ في فترة زمنية قصيرة فإن التفقه في الدين يحتاج اليوم الى زمن طويل وجهد كبير، ودراسة منظمة؛ وذلك للتعقيد الحاصل في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والادارية والقانونية لحياة الناس، وهذا التعقيد يتطلّب جهداً اكبر للاجابة على مسائل الناس الفقهية.

 هذا من جانب، ومن جانب آخر للتطور الحاصل خلال هذه العصور، في آلية الاجتهاد والفقاهة، والتي تمكّن الفقيه من تغطية مساحات واسعة من حياة الناس فقهيّاً.

 ومن جانب ثالث تزايد الحاجة الى الثقافة الاسلامية نتيجة التعقيدات الحاصلة في الساحة الثقافية، وتتطلب هذه الحاجة من طالب العلم جهداً أكبر ليتمكن من تثقيف الناس بثقافة الوحي، وإزالة الشبهة والشكوك عن ثقافة الوحي.

 وكل ذلك يتطلب أن يحقق المسلمون حالة الاستنفار للتفقه في الدين، الى جانب الاستنفار لمجاهدة النفس، وهذا الاستنفار حكم من أحكام الدين.

 وانطلاقاً من هذه الآية المباركة من سورة التوبة أقام المسلمون المؤسسات والمدارس للتعليم الديني على امتداد التاريخ، وقد حفظت لنا هذه المؤسسات والجوامع والمدارس الدينية أصالة ونقاوة الفكر الديني النابع من الوحي الى اليوم.

 ورغم أن بلاد المسلمين قد تعرضت لهزّات ومصائب كثيرة نتيجة التقلّبات السياسية؛ إلا أن هذه المدارس والحوزات الدينية بقيت تحافظ على أصالة هذا الدين، وارتباط المسلمين بدين الله، والتزامهم بأحكامه وحدوده، على امتداد هذا التاريخ الطويل.

 وهذه الجوامع والمدارس والحوزات تنتشر في رقاع وأقاليم كثيرة من العالم الإسلامي كالحرمين الشريفين والنجف في العراق، وقم في ايران والزيتونة في تونس، والأزهر في مصر، والقرويين في المغرب، وندوة العلماء في الهند، وغيرها من الحوزات والجوامع العلمية التي حفظت لنا القرآن والحديث والفقه والتراث والعقيدة والأخلاق والثقافة الاسلامية النابعة من الوحي.

 وكانت بمثابة الحصون المنيعة التي حفظت هذا الدين من عوامل التخريب الكثيرة التي استهدفت رسالة الله تعالى الى هذا اليوم.

 ومن الطبيعي ان تتأثر هذه الحواضر العلمية سلباً وايجاباً بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلا أنها تمكنت من أداء رسالتها، في كل الظروف ضمن مدّ وجزر الى اليوم الحاضر.

 وعندما تساقطت قلاعنا أمام الغزو الثقافي والحضاري القادم من الغرب؛ كانت هذه المراكز من المراكز القليلة التي قاومت هذا التيار الزاحف من الغرب، ولم تسقط في هذا الصراع الحضاري الذي تعرضت له بلادنا في الشرق الإسلامي.

 وفي هذه الدراسة سوف اتحدث ان شاء الله عن أهم المكاسب والخبرات والتجارب والانجازات التي حققتها مدرسة أهل البيت (ع) الفقهية في العراق وايران، وهما مدرسة (النجف) في العراق، ومدرسة ( قم) في ايران.تاريخ المدرستين

 يرجع تاريخ الجامعة العلمية في قم الى الربيع الأول من القرن الرابع الهجري في عصر البويهيين، وعاش في هذه الفترة في قم والري علماء كبار أمثال الشيخ الكليني، المتوفى 329 هـ وابن بابويه المتوفى في نفس السنة، وابن قولويه المتوفى في سنة 369 والشيخ الصدوق المتوفى عام 381 هـ، وغيرهم من كبار المحدّثين والفقهاء. وعليه فإن تاريخ هذه الحوزة العلمية يرجع الى احد عشر قرناً؛ واستمرت هذه المدرسة منذ ذلك الحين الى اليوم تمارس نشاطها العلمي في الحديث والفقه في مد وجزر.

 ويرجع تاريخ الجامعة العلمية في النجف (العراق) الى 448 هـ أي منتصف القرن الخامس الهجري، عندما انتقل الشيخ الطوسي (رض) الى النجف لما كُبس على داره ببغداد، وأخذ ما وجد فيها من دفاتره وكتبه، ومنذ ذلك الحين استمرت مدرسة النجف (بجوار الكوفة) في ممارسة نشاطها العلمي الى اليوم، في مد وجزر كذلك، وهذه المدة تقارب الألف عام.

 ولقد كتب نجم الدين المحقق الرضي الاسترآبادي المتوفى سنة 688 هـ كتابه الكبير المعجم في النحو على شرح الكفاية في النجف قبل 734 سنة ويكتب في نهايته، قد تم تمامه في الحضرة المقدسة الغروية، على مشرفها صلوات الله العزة سنة ست وثمانين وستمائة.

 النجف وقم هما الجامعتان الفقهيتان الأم في مدرسة أهل البيت (ع)، وهما من أعرق الجامعات الاسلامية، او الحوزات العلمية كما يسميها ابناء هذه الجامعة.

 وقد اكسبت هذه العراقة التاريخية هاتين الحوزتين الكثير من الخبرة في القرآن والحديث والفقه، وهي أمهات العلوم في هاتين الجامعتين.

 ولأن هاتين المدرستين كانتا تحتلان موقعاً سياسياً واجتماعياً في اوساط اتباع أهل البيت (ع)، فإن هاتين المدرستين كسبتا خلال الفترة خبرة سياسية واجتماعية وعلمية وأخلاقية وتربوية كبيرة.

 وسوف نعكس في هذه المدرسة إن شاء الله طرفاً من هذه الخبرة في المجال السياسي والاجتماعي من جانب، وفي المجال العلمي من جانب آخر، وفي المجال التربوي من جانب ثالث.

 1ـ في المجال التعليمي والاجتماعي

 أـ الاستقلال السياسي:

 ومن أهم هذه الخبرات الاستقلال السياسي لهذه المدارس عن الأنظمة والحكومات، التي كانت تحكم هذه البلاد في فترات التاريخ المختلفة.

 وذلك لأن مسؤولية الفقهاء والعلماء هي الرقابة العامة على كل المرافق والمؤسسات الاجتماعية، ونقدها ومحاسبتها. وعلى رأس هذه المؤسسات مؤسسة الدولة بكل أجهزتها ودوائرها الفرعية، فإذا تحولت الجامعة الدينية الى جامعة تابعة لمؤسسات النظام وملحقة بها لم تعد تملك القدرة الكافية على رقابة هذه المؤسسة والمؤسسات التابعة لها ونقدها، ولو تحول الفقهاء الى موظّفين في الدولة لم يملكوا القدرة على النقد والرقابة البتة.

 ب ـ الاستقلال الاقتصادي:

 والاستقلال السياسي يتبع الاستقلال الاقتصادي، فلو كانت المؤسسة الدينية تابعة اقتصادياً لمؤسسة الدولة؛ لا تستطيع بالضرورة ان تحافظ على استقلالها السياسي ... القضيتان تؤلفان معادلة واحدة، لا يمكن فصل بعضها عن بعض، والاستقلال الاقتصادي لا يتحقق إلا بالاكتفاء الذاتي.

 وتعتمد حوزاتنا الفقهية ومساجدنا إدارة شؤونها على الحقوق الشرعية من الزكوات والأخماس.

 ويعتقد فقهاء الإمامية أن تشريع الخمس أوسع من خمس غنائم الحرب الذي ورد في آية الخمس من سورة الأنفال: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) فهذه الآية تخص مفردة من مفردات الخمس.

 وقد صحّ عندنا من حديث رسول الله (ص) إن رسول الله (ص) كان يأمر بجباية خمس فائض رأس المال.

 والخمس والزكاة تغطيان مساحة واسعة من نفقات الحوزات، والمدارس الدينية والمساجد التابعة للمؤسسة الدينية الكبيرة.مطاوعة الجمهور

 وهذه الاطروحة اطروحة جيدة، تمكن المؤسسة الدينية من القيام بمسؤولياتها في ادارة الشؤون الدينية في المجتمع، ولكن النقطة السلبية في هذه الأطروحة أنها تقود المؤسسة الدينية باتجاه تبعية الجمهور. ومطاوعة الرأي العام، وذلك لأن المؤسسة الدينية عندما تحاول أن تحقق لنفسها حالة الاكتفاء الاقتصادي من ناحية الحكومات، فلا محالة تعتمد في تمويل مؤسساتها وأعمالها على إنفاق الناس ...

 والاعتماد على الناس في التمويل من الممكن ان يسلبها استقلالية الرأي، والقرار حتى لو كان هذا الإنفاق ضمن الحقوق الشرعية، وعليه فإن المؤسسة الدينية تحتاج الى جهد ذاتي كبير لتحفظ نفسها من الانقلاب من حالة التبعية الرسمية الى حالة مطاوعة الجمهور.ثقة الجمهور وطاعتهم للفقهاء

 قلما نجد نظيراً لهذه الثقة والطاعة من ناحية الجمهور للفقهاء، ولست أقول لا نجد، وأتباع مدرسة أهل البيت (ع) يُعرفون بهذه الميزة ويشتهرون بها.

 وسبب ذلك يعود: أولاً الى تعليمات أهل البيت (ع) لشيعتهم بطاعة الفقهاء والثقة بهم والالتفاف حولهم. وقد تكرّر الأمر والتوصيات بذلك من ناحية أئمة أهل البيت (ع)، وهذه التعليمات أكسبت موقع الفقاهة عند الإمامية قيمة اجتماعية وسياسية كبيرة.

 والعامل الآخر هو سلوك الفقهاء تاريخياً الى اليوم، فإن المعروف منهم الأعراض عن الدنيا ومتاعها، والزهد فيها، وعدم الاستغراق في لذاتها وطيباتها، أولاً، والاهتمام بشؤون الناس وهمومهم ومصائبهم ثانياً.

 يقول أمير المؤمنين (ع) في الخطبة الشقشقية في صفة العلماء: (وما أخذ الله على العلماء ألا يقارّوا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم) أي لا يسكتوا عن تـُخمة ظالم ولا جوعة مظلوم ... وهذا الاهتمام بشؤون الناس والمراعاة لحقوقهم والدفاع عنهم في مقابل الظالمين، بالاضافة الى ما عرف عنهم تاريخياً من الإعراض عن الدنيا والزهد فيها ... من عوامل طاعة الناس لهم وثقتهم بهم ومحبتهم لهم وهذه الحالة لا تزال الى اليوم باقية، وإن كان يصيبها مدّ وجزر أحياناً.

 وقد سألني أحد الأخوة عن قصّة الملك ناصر الدين القاجار مع زوجته، حينما طلب منها أن تعدّ له دخان التبغ اليومي الذي اعتاده كل يوم ... وكان المرحوم السيد حسن الشيرازي قد حرّم استعمال التبغ على المسلمين بعد أن أعطى الشاه حق احتكار التبغ لشركة انجليزية، تستأثر به في أطماعها الاستثمارية، فامتنع المسلمون في ايران جميعاً عن استعمال التبوغ، استجابة لحكم الفقيه، فلما طلب الشاه من زوجته داخل قصره أن تأتي اليه بما اعتاده من شرب التبغ يومياً امتنعت، فلما زجرها قالت له: الذي أحلّني عليك حرّمها عليَّ.

 هذه الثقة الغالبة والطاعة النادرة بمثابة عتلة قوية استخدمها الإمام الخميني (رض) في حياتنا المعاصرة، في الاطاحة بالنظام البهلوي الفاسد وإقامة دولة اسلامية محله، ولولا هذه الثقة وهذه الطاعة النادرة لم يكن مثل هذه الثورة العامة بمقدور أحد من الناس.

 وليس من شك أن هذه عطية إلهية جليلة، حبا الله بها الفقهاء، وعليهم المحافظة عليها، والمحافظة عليها تكون بالمحافظة على مسيرة السلف الصالح من الفقهاء، بالإعراض عن الدنيا والزهد فيها، والاهتمام بهموم الناس، ومعايشة الناس في سرائهم وضرائهم، وعدم حجب الناس عنهم. فإن الجمهور يحمل فطرة سليمة في التقويم والتقدير، فيضع الثقة حيث تجب الثقة، وتحجب الثقة حيث لا يستحق الثقة. فإذا حجب الجمهور ثقته عن شخص فالأحرى به أن يراجع نفسه وعمله قبل أن يتّهم الناس في إقبالهم وإعراضهم، او يشك في سلامة تقديرهم، فقد دلتنا التجارب الكثيرة إن الله تعالى زود جمهور المؤمنين بحسّ مرهف دقيق في التوثيق والتقييم.الدفاع عن قضايا المسلمين

 وجدنا الفقهاء دائماً خلال تاريخنا المعاصر في المقدمة من خطّ المواجهة، في كل القضايا السياسية المصيرية التي تتعرض له بلاد المسلمين؛ في ثورة العشرين في العراق، عندما قاد فقهاء النجف جمهور العراقيين لطرد الانجليز من العراق، وثورة الدستور في ايران، عندما قاد العلماء الجمهور الى المطالبة بالدستور في ايران، وتحرك الإمام الحكيم في وجه المد الأحمر الشيوعي في العراق، وقيام العلماء بالثورة ضد البرامج التي اعلنها الشاه في ايران، وغير ذلك من الثورات والانتفاضات والحركات الشعبية الواسعة، كان آخرها قيام الإمام الخميني (رض) بالاطاحة بحكومة البهلوي الفاسدة ولم يقتصر فقهاء أهل البيت على القضايا التي تخصّ مساحة نفوذهم وانما كانوا يحملون هموم وقضايا العالم الاسلامي في شتى أقاليم المسلمين، مثل قضية الجزائر وفلسطين، وكشمير والبوسنة والهرسك والشيشان وأفغانستان، وسائر الجروح في جسم العالم الاسلامي.

 ولا يختلف عندهم أن يتعرض للظلامة شيعي أم سني، فالمسألة عندهم الإسلام والكفر.

 وقد رأينا وقوف علماء الشيعة بكلمة واحدة أمام الاحتلال الانجليزي، عندما اشتبكت القوات العثمانية والانجليزية في حروب ضارية في العراق، وكانت غاية الانجليز اخراج آل عثمان من العراق.

 والذين يعرفون تاريخ العراق المعاصر يعرفون ماذا لقي شيعة العراق وهم أكثرية الشعب، من ظلم آل عثمان وعدوانهم خلال فترة حكمهم في العراق... ومع ذلك لما جدّ الجد واشتبكت الجيوش العثمانية بالجيوش الانجليزية في العراق؛ هب علماء الشيعة في العراق لمواجهة الانجليز وأتبعهم المسلمون كافة سنة وشيعة، وكان القائد التركي يقول عن ساحة المعركة: كلما ضاقت بنا الحرب، واشتدت بنا الأزمات كنت أنظر الى خيمة فقيه الشيعة شيخ الشريعة الاصفهاني تحت وابل الرصاص، وهو ثابت مطمئن في شيخوخته وعجزه، فاكتسبت منه القوة والطمأنينة والثقة في الموقف العسكري.الدعوة الى التقريب

 ومن اهتمامات فقهاء الشيعة الدعوة الى وحدة المسلمين، وملء الفجوات التي احدثها اعداء الاسلام فيما بين المسلمين، والعمل الجاد لتوحيد الرأي والموقف السياسي، في كل القضايا الأساسية التي تهم العالم الاسلامي، وازالة الحدّة والتشنج من الخلافات التاريخية والعقائدية والفقهية بين المسلمين، و ليس معنى التقريب أن يتحول السني الى الشيعي ولا العكس، ولكن معنى التقريب إزالة التشنج والحدّة من هذه الخلافات أولاً، وطرح المسائل العلمية التي يختلف فيها المسلمون، في ضوء البحث العلمي الموضوعي النزيه ثانياً، كما يتفاهم فقهاء طائفة واحدة فيما بينهم، والبحث عن المفاهيم والتصورات والأحكام والقواعد والأصول الفقهية والأحاديث المشتركة، لتكون قاعدة للتلاقي بين المسلمين، ثالثاً ورابعاً: السعي الجاد لتوحيد الموقف السياسي في القضايا الاسلامية الأساسية مثل قضية فلسطين وأفغانستان والعراق وسائر مصائب المسلمين.

 وقد أثّرت الأعمال الكبيرة التي نهض بها فقهاء أهل البيت (ع) في ايجاد ارضية واسعة وخصبة للوحدة الاسلامية.

 فمن الناحية العلمية دوّن علماء الشيعة مدونات واسعة في الحديث المشترك، والأسانيد الروائية المشتركة بين الشيعة والسنة، والتفسير المقارن والحديث المتفق عليه، والفقه المقارن بين الشيعة والسنة، والأصول المقارن، والقواعد الفقهية المقارنة.

 كما كتب السيد عبدالحسين شرف الدين (رض) كتاباً في تحديد عنوان (الإسلام)، وحرمات المسلمين التي لا يجوز انتهاكها بحال. واسم الكتاب (الفصول المهمة في تأليف الأمة)، وهو كتاب قيّم يحسن بكل دعاة التقريب قراءة هذا الكتاب، الذي استقى المؤلف مفاهيمه من الكتاب الكريم، وما صحّ من السنة الشريفة عند الشيعة وأهل السنّة.

 كما كان للإمام كاشف الغطاء جولات واسعة في سبيل توحيد كلمة المسلمين، ومؤلفات وخطب ومقالات كثيرة.

 وكان الإمام السيد حسين البروجردي الزعيم والمرجع الديني المعروف من دعاة التقريب، وممن ساهم في تشييد صروح التقريب، وكان بينه وبين الإمام الشيخ محمود شلتوت شيخ جامع الأزهر (رض) مراسلات وتعاون في أمر التقريب. رحم الله الماضين منهم، وحفظ الله لنا الباقين.

 2ـ في مجال الدراسات الفقهية:

 لأن فقهاء مدرسة أهل البيت (ع) لم يغلقوا باب الاجتهاد قط، واستمرت حركة الاجتهاد في حلقات متصلة، متواصلة في مدرسة أهل البيت (ع) ... هيأت هذه الحركة فرصاً جيدة لتكامل ونضج وتطور الآليات الفقهية للاجتهاد في هذه المدرسة.الآليات الفقهية للاجتهاد في هذه المدرسة

 

 وظهر خلال هذه الفترة فقهاء كبار أحدثوا تغييرات واسعة في منهج الاجتهاد وتطويره، وظهرت مدارس فقهية جديدة، مكّنت الفقهاء من ممارسة الاجتهاد بدرجة عالية من الكفاءة والدقة، والفرز الدقيق لموارد استخدام الأدلة والحجج.

 وفيما يلي نشير الى بعض هذه النقاط بصورة إجمالية، ونترك البحث التفصيلي والفنّي عنها الى مواضعها:

 1ـ الموازنة بين العقل والنقل:

 (النص) هو المصدر الأساسي للاجتهاد بلا شك، سواء كان النص من الكتاب، أم من السنّة.

 غير أن نصوص السنّة لابدّ ان تناقش من حيث السند بصورة دقيقة؛ لتمييز الصحيح منها عن غير الصحيح.

 والفقيه يتعامل مع النص من منطلق الحجية والتعبّد، ولا يصح له أن يتجاوز النص، أو يطوّع النص لرأيه، او يحمل على غير معناه الصريح، إذا كان نصاً في معناه، او غير معناه الظاهر، إن كانت الآية أو الرواية ظاهرة في معناها.

 ولا اجتهاد في مقابل النص، وكل اجتهاد أو رأي في مقابل النص فهو باطل البتّة ... ولا يلجأ الفقيه الى الاجتهاد إلا عند فقدان النص او إجماله او تعارض النصوص.

 وعليه فإن النص هو المصدر الأساس للفقيه في فهم الحكم الشرعي ... وهذا هو الجانب النقلي من الاجتهاد، وهو البعد الأول والأهم في الاجتهاد والى جانب هذا البعد البُعد العقلي في الاجتهاد.

 وللعقل ثلاثة أدوار في الاجتهاد: الدور الأول في فهم النص.

 فقد يحتاج الفقيه في فهم النص واكتشاف آفاقه ومجالات تطبيقه الى الدقة العقلية، وهذا التدقيق في فهم النص لا ينافي ما ذكرنا آنفاً من منهج (الاستظهار)، وعدم العدول عن صريح الكلام في النصوص وعن ظاهر الكلام في غيرها.

 والدور الثاني في الأدلة العقلية المستقلة وغير المستقلة، والعقل بمعنى القطع واليقين حجة يحاجج الله تعالى بها عباده، وهذا باب واسع من العلم، لا يسعنا أن نتحدث عنه الآن بأكثر من هذه الإشارة.

 والدور الثالث للعقل الأصول العقلية التي يلجأ اليها الفقيه عندما لا يجد سبيلاً الى الدليل الشرعي.

 وهكذا نجد أن الفقيه يوظّف العقل لخدمة النص وفهم الحكم الشرعي في ثلاثة اتجاهات، في فهم النص وفهم مجالات تطبيقه أولاً، وفي اكتشاف الحكم الشرعي عن طريق العقل بقانون الملازمة، بين الحكم العقلي والشرعي ثانياً. وفي تحديد الوظيفة العقلية عند فقدان الدليل ثالثاً.

 وهذا الاستخدام الواسع للعقل في عملية الاجتهاد لا يُحجِّم دور الدليل النقلي في عمل الفقيه، إذا عرفنا أن الدليل النقلي الذي تتبعه الفقيه هو الأساس في عملية الاجتهاد وفهم الحكم الشرعي.2ـ الموازنة بين الأصولية والتطوير:

 الأصولية هي الصيغة العامة للاجتهاد، والفقيه المتمرس في الفقه يعطي قيمة كبيرة لكلمات الفقهاء المتقدّمين، وللاجماعات الفقهية التي يركن اليها الفقيه في الاستنباط، وحتى للمرتكزات الفقهية، ولسيرة المتشرعة.

 ويحافظ الفقيه على المنهج الفقهي المألوف والموروث، ويعتبر هذا النهج أساساً صحيحاً للاستنباط تركن اليه النفس.

 والى جنب هذه الصيغة الأصولية العريقة في الاستنباط، والتي توليها الحوزات العلمية التابعة لمدرسة أهل البيت (ع) اهتماماً كبيراً ... نجد أن هناك سعياً جاداً لتطوير آلية الاستنباط.

 والذي يتبع التطور العلمي الحاصل في هذه المدرسة؛ يجد أن فقهاء هذه المدرسة اكتشفوا خلال عملهم العلمي آليات جديدة في عملية الاستنباط.

 وأضرب على ذلك مثلاً ـ تقسيم الفقهاء الأدلة والحجج في أصول الفقه الى طائفتين: (الامارات) و(الاصول) ويتم تنظيم العلاقة بينهما من خلال قاعدتي (الحكومة) و(الورود).

 وإذا عرفنا أن ترتيب الأدلة من المسائل الأساسية التي يواجهها الفقه في عملية الاستنباط، وتحوج الفقيه الى نظام واحد عام في الفقه؛ لتقديم الأدلة بعضها على بعض، ولا يمكن الاكتفاء بالعلاجات والحلول الموضعية ... نعرف قيمة هذا الكشف العلمي الذي توفق له الفقيه الشيخ الأنصاري (رض) لأول مرة في تاريخ الفقه، وتترتب على هذا الكشف آثار كبيرة في تقديم الأدلة بعضها على بعض.

 إن الاجتهاد عملية صعبة، تتعهد بتطبيق الثابت على المتغير، فإن شريعة الله ثابتة لا تتبدل ولا تتغير، وظروف الحياة الاجتماعية متغيرة شديدة التغيير، ومهمة الاجتهاد هي تطبيق ثوابت الشريعة على متغيرات الحياة، وهي مهمة شاقة تحتاج الى جهد متواصل، في تطوير آلية الاجتهاد ليكون قادراً على تحقيق هذه المهمة.الموازنة بين حرية الرأي وانفتاح باب الاجتهاد،

 وبين الالتزام بالحجة وضوابط الاجتهاد

 اشتهر فقهاء مدرسة أهل البيت (ع) بالانفتاح على الآراء المختلفة، وقبول تعددية الرأي في الفقه، ولم ينغلق باب الاجتهاد في هذه المدرسة قط، وقد اثمر هذا الانفتاح ثمرات طيبة في تنامي وتكامل الدراسات الفقهية.

 وتتميز الدراسات الفقهية في الحوزات العلمية التابعة لهذه المدرسة بإفساح المجال لمناقشة الآراء وحرية ابداء الرأي، والنقاش العلمي يجري على كل الأصعدة بين الطلبة والأساتذة، وبين الطلبة أنفسهم، وبين الفقهاء وأساتذة الدراسات العليا على أعلى مستويات (القمّة).

 ويتناقل الطلبة أجواء هذا النقاش وقناعاتهم العلمية، ويتمخض هذا النقاش عن تكامل حركة الاجتهاد.

 يقال أن فقيهين معاصرين هما الفقيه المحدث البحراني (رض) صاحب الموسوعة الفقهية (الحدائق الناضرة) في الفقه، والفقيه الأصولي الوحيد البهبهاني صاحب كتاب (الفوائد الحائرية) تلاقيا بعد صلاة العشاء في ساحة الحائر الحسيني بكربلاء؛ فأخذا في نقاش مسألة فقهية حتى آن وقت اغلاق ابواب الروضة، فطلب منهما سادن الروضة أن يخرجا عن ساحة الروضة فخرجا، ووقفا خارج ساحة الروضة، وهما يواصلان النقاش في نفس المسألة، فذهب السادن الى بيته للنوم ولما عاد فجراً لفتح أبواب الجامع للصلاة، سمع من بعيد نقا شهما، فذكّرهما بقرب دخول وقت صلاة الفجر فرجعا الى الجامع للاستعداد للصلاة.

 ويؤاخذ البعض حالة الانفتاح على الرأي الآخر، وحرية النقاش في هذه الحوزات بالمبالغة في الانفتاح ... ومهما يكن نصيب هذه المؤاخذة من الصحة، فإن أمثال هذا الانفتاح وحرية إبداء الرأي والمناقشة ضمن ضوابط الاجتهاد، يؤدي الى تنضيج وتكامل هذه الحركة.

 ونحن من خلال التجربة الطويلة في هذه المدارس نعرف جيداً أن هذه الحرية في نقد الرأي، والانفتاح على الرأي الآخر، يتم ضمن ضوابط الاجتهاد الدقيقة ... ووجود هذه الضوابط يحفظ حركة الاجتهاد من الانفراط والخروج عن الحدود، ولذلك استمرت حركة الاجتهاد في مدرسة أهل البيت (ع) بين المحافظة على التراث والمعاصرة، وبين الأصولية والتطوير، ولم تخرج هذه الحركة عن الخطوط العامة المقبولة في هذه المدرسة.الاستناد الى الحجة

 إن القيمة العلمية الوحيدة في هذه المدرسة للحجة وما لم يعتمد الرأي على الحجة القطعية لا يكون مقبولاً ولا صواباً، والشك في الحجية يساوق دائما القطع بعدم الحجية.

 إذن، لابد أن يستند الرأي أخيراً الى الحجة، حتى يكتسب الصفة العلمية، وهذه القاعدة تحفظ حركة الاجتهاد في هذه المدرسة عن الزيغ والخطأ، في الوقت الذي تحرص قيمة هذه المدرسة على فسح المجال للتعددية في الرأي الفقهي، وتلاقح الآراء والأفكار.

 3ـ في المجال التربوي

 للعلماء موقع حساس وخطير في هذه الأمة، وهو موقع التوجيه والتثقيف والتربية والاصلاح.

 وليس العلم كل شيء في شخصية العالم الديني، الذي يتخرج من الحوزات العلمية، وإنما هو أحد شطري شخصية العالم الديني، والشطر الآخر والأهم في هذه الشخصية هو الخلق الإسلامي وتهذيب النفس، وما لم يكتسب العالم الديني هذه الخصال الحميدة لا يستطيع أن يؤدي حق العلم؛ فإن الناس يأخذون من الخصال الحميدة للعالم الديني أكثر مما يستمعون اليه ويقتبسون من عمله أكثر مما يُصغون اليه ... وقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه كان يقول لأصحابه: (كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم).

 ومهمة العالم الديني ليس هو التعليم فقط، وإنما التعليم والتزكية معاً في امتداد خط الأنبياء (ع): (يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة). ولا تتيسر التزكية للعالم الديني إلا إذا كان معلم التزكية هو على درجة عالية من التزكية.

 ولذلك فإن منهج التهذيب والتزكية في مقدمة المناهج والأعمال التي تُعنى بها الحوزات العلمية التابعة لمدرسة أهل البيت (ع) ... ويدخل شباب الطلبة من بلاد شتى ومن أمزجة وأخلاق وسلوكات نفسية متعددة، فتصهرهم الحوزة العلمية في أجوائها خلال سنوات عديدة، وتطبعهم بطابعها الخاص، فيغلب عليهم الخشوع، والتفكير، وخشية الله، وحب العبادة، والاشتغال بذكر الله، والتقوى.

 وطبيعي أن يكون ذلك بدرجات مختلفة، وليس كلهم يبلغ القمّة في ذلك، إلا أنهم جميعا يسلكون هذا الطريق وتصهرهم الحوزة بحرارتها التربوية العالية، إلا من شذ منهم.

 ومن الطبيعي أن هذه الحالة من الانصهار قد هبطت بنسبة عكسية مع التوسع الكلي للحوزة، ولم يعد اليوم كما كان قبل خمسين سنة، ولكنها باقية الى الآن وفاعلة، ومؤثرة، وإن كانت دون الطموح.

 ويدرس اليوم أساتذة الحوزة طريقة معالجة هذا الهبوط الروحي النسبي في نفوس الطلبة، في ظروف التوسع الكمي الهائل الذي اكتسبته الحوزات العلمية في السنين المتأخرة، وتنعقد لذلك مؤتمرات ولجان عمل لتحقيق الطموح الذي تطمح اليه الحوزة العلمية في أبنائها.

 وثمرة هذا الجهد التربوي الذي تهتم به الحوزات العلمية، ثمرة طيبة، فقد أنشأت هذه الحوزة عباداً صالحين لله، رزقهم الله حظاً كبيراً من تهذيب النفس وتزكيتها، وأذاقهم حلاوة ذكره، وشغلهم به تعالى عن غيره، (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله)، يدخلون معنا في ساحات حياتنا، في السوق، والمدارس، والدوائر، والشوارع، ويعيشون كسائر الناس، إلا أن شيئاً من ذلك لا يشغلهم عن ذكر الله تعالى ويصح فيهم بشكل دقيق حديث الحاضر الغائب، فهم حاضرون في مجامع الناس بأبدانهم وغائبون عنها بقلوبهم حاضرون في مجامع الناس بأبدانهم لأداء المهمات التي ألقاها الله تعالى على عواتقهم، غائبون عنها لأن قلوبهم معلّقة بعزّ قدسه، ومشغولة عن الناس وهموم الحياة بذكر الله، وشغوفه بحب الله، وشائقة الى لقاء الله وخائفة وجلة من عقوبة الله، ومولهة بجمال الله وجلاله.

 وأمثال هؤلاء متواجدون في هذه الحوزات، رجالاً ونساء، وشباباً وشيوخاً، لو خليت ـ كما يقال ـ لقلبت ، وليتك تراهم، وهم يقومون بين يدي الله في الأسحار خاشعين للصلاة، فتجري دموعهم على خدودهم وتسمع زفيرهم وانينهم، ونشيج بكائهم، وليتك تراهم وهم سجّداً بين يدي الله يحنّون الى ربهم حنين الواله المشتاق، وترتعد فرائصهم من خشيته، وتخشع جوارحهم وجوانحهم بين يدي الله رب العالمين ... لو رأيتهم في صلاتهم في الأسحار لشغلك ذلك عن نومك وصلاتك، ووددت يطول بك هذا المشهد ولا ينغلق ظلام الليل على الإصباح.

 وفي هذه الحوزات مناهج ومدارس للتربية والتزكية والتهذيب.

 وأهم هذه المناهج منهج التأمل والتفكير، والاستغراق في التأمل والتفكير، ومن مسالك التأمل والتفكير مسلك التأمل في النفس، فإن التأمل في النفس من أفضل مداخل التفكير في الله وذكر الله. وقد جعل القرآن الكريم التفكير في النفس قبل التفكير في الآفاق، وكلاهما هاديان الى الله، ولكن التفكير في الأنفس اسرع وصولاً بالانسان الى الله من التفكير في الآفاق، رغم أن أيّاً منهما لا يغني عن الآخر، بالضرورة.

 ومن هذه المناهج منهج الذكر والعبادة والاشتغال بالصلاة والدعاء وقراءة القرآن، وهو من اهم هذه المناهج واكثرها شيوعاً، ولسنا نقصد بالنهج الأول الانشغال بالتأمل والتفكير عن العبادة والعمل، فهذا ما لا تسوّغه روح هذا الدين، ولكن اقصد بمنهج التفكر والتأمل أن تكون الصيغة العامة للمنهج هو التفكر والتأمل ... وأما المنهج الثاني فهو الاستغراق في الصلاة والدعاء والذكر، وهؤلاء يدأبون في تلاوة القرآن والدعاء، وقيام الليل، والمواظبة على النوافل، ويعشقون الليل عشقاً، فإذا حل بهم الليل، وهدأت من حولهم الأصوات وغلقت الأبواب، وذهب الناس الى مضاجعهم؛ قاموا الى صلاتهم كما يقول ربنا تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) فلا تستقر جنوبهم على المضاجع حتى يهبّوا الى عبادة الله.

 ولليل دولة وللنهار دولة، وكلتاهما دولة الصالحين. وهناك ابطال لدولة الليل رجالاً ونساء، وهناك ابطال لدولة النهار، وأبطال دولة النهار لابدّ لهم من دولة الليل حتى يتمكنوا من القيام بأعباء عبودية الله تعالى وطاعته والدعوة اليه في النهار، وأبطال دولة الليل تنقصهم دولة النهار، حتى لا تعزلهم دولة الليل عن الانصراف الى مسؤولياتهم في النهار، فإذا تكاملت دولة الليل ودولة النهار عندئذ يتكامل الإنسان، ويؤدي حق هذين الشطرين العظيمين من حياته.

 والعلماء أمراء دولة الليل والنهار. ولذلك يجب عليهم ان يحرصوا على أن يعطوا حق الليل والنهار بشكل كامل.

 يقول أمير المؤمنين (ع): (أما الليل فصافون اقدامهم يرتلون القرآن ترتيلا، ويستثيرون به دواء دائهم ... أما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء قد برأهم الخوف بري القدّاح).

 ومن مناهج التربية والتزكية ترويض الجسم والنفس. ومن مفردات الترويض الصيام، والكف عن لذائذ الطعام، والكف عن الاستغراق في النوم ... وبين الجسم والروح علاقة عكسية فكلّما بالغ الانسان في لذات جسمه ـ حتى المحللة منها ـ تضاءل حظه من المعرفة والبصيرة والخشوع، والإنابة، والدعاء، والمناجاة ... وهو رزق تتلقاه النفوس من عند الله، كما تتلقى الأجسام المطاعم والمشارب والمناكح من عند الله، وكل منهما رزق الله، ولكن الإكثار من الأول يؤدي بصورة قهرية الى تحجيم وتحديد حظّ الإنسان من الرزق الثاني، ولابد للإنسان من رعاية الجسم، والمحافظة عليه، وتطييبه بما خلق الله تعالى له من الطيبات، فإن الجسم مركّب الروح والنفس، ومن دون الجسم لا يستطيع الإنسان أن يبلغ ما أراد الله تعالى له من السعي والكدح الى جنابه الكريم، ولكن بشرط أن لا يبالغ الإنسان في ذلك، وبشرط أن يأخذ الإنسان نفسه ببعض التضييق والتشديد في لذاته، حتى يفتح الله تعالى عليه لذات الروح والنفس، ولذات الروح والنفس لا تضاهيها لذة لمن طعم هذه اللذات.

  -----------------------

 (1) تدوين للمحاضرة التي القاها صاحبها في (ندوة التراث التربوي العلمي الاسلامي) التي اقامتها كلية التربية بجامعة السلطان قابوس بمسقط ـ عمان بتاريخ 25 ـ 27 شعبان 1422 في التعريف بالحوزات العلمية الشيعية في ايران والعراق.

 (2) التوبة: 122.

  

 

(7) سب الامام علي  من على المنابر

 

http://www.alzakera.eu/music/Turas/Turas-0093.htm

 

القسم الأول : سبه - عليه السلام - على منابر الكوفة
القسم الثاني : سبه - عليه السلام - على منابر الشام
القسم الثالث : سبه - عليه السلام - على منابر المدينة
القسم الرابع : ذكر ذلك في كتب التاريخ
القسم الخامس : أقوال علماء أهل السنة "المنصفين" في ذلك

المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 8 / ص 8)
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق ، أنبأ محمد بن أحمد بن النضر الأزدي ، ثنا معاوية بن عمرو ، ثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي صادق ، قال : قال علي رضي الله عنه : « إنكم ستعرضون على سبي فسبوني ، فإن عرضت عليكم البراءة مني ، فلا تبرءوا مني ، فإني على الإسلام ، فليمدد أحدكم عنقه ، ثكلته أمه ، فإنه لا دنيا له ولا آخرة بعد الإسلام ، ثم تلا ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) » « صحيح الإسناد ولم يخرجاه »
القسم الأول : سبه - عليه السلام - على منابر الكوفة (41 - 50 هـ)

مسند أحمد - (ج 4 / ص 68)
حدثنا علي بن عاصم قال حصين أخبرنا عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم المازني قال لما خرج معاوية من الكوفة استعمل المغيرة بن شعبة قال فأقام خطباء يقعون في علي قال وأنا إلى جنب سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال فغضب فقام فأخذ بيدي فتبعته فقال ألا ترى إلى هذا الرجل الظالم لنفسه الذي يأمر بلعن رجل من أهل الجنة فأشهد على التسعة أنهم في الجنة ولو شهدت على العاشر لم آثم قال قلت وما ذاك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اثبت حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد قال قلت من هم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن مالك قال ثم سكت قال قلت ومن العاشر قال قال أنا

المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 13 / ص 415)
فحدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق ، أنا موسى بن إسحاق الأنصاري القاضي ، ثنا أحمد بن يونس ، ثنا أبو بكر بن عياش ، عن حصين ، عن هلال بن يساف ، عن عبد الله بن ظالم ، قال : كان المغيرة بن شعبة ينال في خطبته من علي ، وأقام خطباء ينالون منه ، فبينا هو يخطب ، ونال من علي ، وإلى جنبي سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي ، قال : فضربني بيده وقال : « ألا ترى ما يقول هذا ؟ - أو قال هؤلاء - أشهد على التسعة أنهم في الجنة ، ولو حلفت على العاشر لصدقت كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء أنا وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف ، فتزلزل الجبل » ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « اثبت حراء فليس عليك إلا نبي ، أو صديق ، أو شهيد »

مصنف ابن أبي شيبة - (ج 3 / ص 244)
حدثنا وكيع عن مسعر عن أيوب مولى بني ثعلبة عن قطبة بن مالك قال سب أمير من الامراء عليا فقام إليه زيد بن أرقم فقال أما إني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن سب الموتى فلم تسب عليا وقد مات.

مسند أبي يعلى الموصلي - (ج 2 / ص 253)
حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا شقيق بن أبي عبد الله ، عن أبي بكر بن خالد بن عرفطة ، أنه أتى سعد بن مالك فقال : بلغني أنكم تعرضون على سب علي بالكوفة ، فهل سببته ؟ قال : معاذ الله ، قال : والذي نفس سعد بيده ، لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في علي شيئا : « لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسبه ما سببته أبدا »

معجم الصحابة لابن قانع - (ج 1 / ص 162)
حدثنا محمد بن زكريا التستري ، نا أحمد بن محمد العصفري ، نا أشعث بن أشعث ، نا عباد بن راشد ، نا ميمون بن سياه ، عن شهر بن حوشب قال : قام رجال خطباء يشتمون عليا رضي الله عنه حتى كان من آخرهم رجل يقال له أنيس فحمد الله وأثنى عليه وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لأشفعن يوم القيامة لأكثر مما في الأرض من حجر وشجر » فتصل شفاعته إليكم وتعجز عن أهل بيته عليهم السلام

الكوفة في ولاية الحجاج (75 - 95هـ)

الأعلام للزركلي - (ج 4 / ص 237)
عطية بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي القيسي الكوفي، أبو الحسن: من رجال الحديث. كان يعد من شيعة أهل الكوفة. خرج مع ابن الاشعث، فكتب الحجاج إلى محمد بن القاسم الثقفي: ادع عطية، فان سب علي بن أبي طالب وإلا فاضربه 400 سوط واحلق رأسه ولحيته، فدعاه وأقرأه كتاب الحجاج، فأبى أن يفعل، فضربه ابن القاسم الاسواط وحلق رأسه ولحيته.

الطبقات الكبرى لابن سعد - (ج 6 / ص 304)
قال: أخبرنا سعد بن محمد بن الحسن بن عطية قال: جاء سعد بن جنادة إلى علي بن أبي طالب وهو بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين إنه ولد لي غلام فسمه. قال: هذا عطية الله. فسمي عطية. وكانت أمه أم ولد رومية. وخرج عطية مع بن الأشعث على الحجاج، فلما انهزم جيش بن الأشعث هرب عطية إلى فارس. فكتب الحجاج إلى محمد بن القاسم الثقفي أن ادع عطية فإن لعن علي بن أبي طالب وإلا فاضربه أربعمائة سوط واحلق رأسه ولحيته. فدعاه فأقرأه كتاب الحجاج فأبى عطية أن يفعل، فضربه أربعمائة وحلق رأسه ولحيته. فلما ولي قتيبة خراسان خرج عطية إليه فلم يزل بخراسان حتى ولي عمر بن هبيرة العراق

سير أعلام النبلاء - (ج 4 / ص 267)
روي عن أبي حصين، أن الحجاج استعمل عبدالرحمن بن أبي ليلى على القضاء ثم عزله، ثم ضربه ليسب أبا تراب رضي الله عنه، وكان قد شهد النهروان مع علي.

المعرفة والتاريخ - (ج 1 / ص 326)
حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا حفص وأبو بكر بن عياش عن الأعمش قال: رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد ضربه الحجاج وكان يحضره شيخاً وهو متكيء على ابنه وهم يقولون له العن الكذابين، فيقول لعن الله الكذابين، ثم يقول الله الله عز وجل، علي بن أبي طالب، عبد الله ابن الزبير، المختار بن أبي عبيد. قال الأعمش: وأهل الشام حوله كأنهم حمير لا يدرون ما يقول وهو يخرجهم من اللعن.

تهذيب التهذيب - (ج 10 / ص 143)
قلت: إنما قيل له المعرقب لان الحجاج أو بشر بن مروان عرض عليه سب علي فأبى فقطع عرقوبه.


القسم الثاني : سبه - عليه السلام - على منابر الشام

أسد الغابة - (ج 1 / ص 194)
وروى أبو أحمد العسكري بإسناده عن عمارة بن يزيد، عن عبد الله بن العلاء، عن الزهري قال: سمعت سعيد بن جناب يحدث عن أبي عنفوانة المازني، قال: سمعت أبا جنيدة جندع بن عمرو بن مازن، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " ، وسمعته - وإلا صمتا - يقول، وقد انصرف من حجة الوداع، فلما نزل غدير خم قام في الناس خطيباً وأخذ بيد علي وقال: " من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " .
قال عبيد الله: فقلت للزهري:
ألا تحدث بهذا بالشام، وأنت تسمع ملئ أذنيك سب علي، فقال: والله إن عندي من فضائل علي ما لو تحدثت بها لقتلت.

حلية الأولياء - (ج 2 / ص 267)
حدثنا أبو بكر بن على، حدثنا عبد الله بن معبد، حدثنا إسحاق بن زريق، حدثنا عبيد الله بن معاذ، عن شعيب بن العلاء، عن أبيه العلاء بن كريز قال: بينما سليمان بن عبد الملك جالس إذ مر به رجل عليه ثياب يخيل في مشيته، قال: هذا ينبغي أن يكون عراقياً، وينبغي أن يكون كوفياً، وينبغي أن يكون من همدان، ثم قال: علي بالرجل، فأتي به فقال: ممن الرجل؟ فقال: ويلك دعني حتى ترجع إلى نفسي، قال: فتركه هنيهة ثم سأله: ممن الرجل؟ فقال: من أهل العراق، قال: من أيهم؟ قال: من أهل الكوفة، قال: أي أهل الكوفة؟ قال: من همدان، فازداد عجباً. فقال: ما تقول في أبي بكر؟ قال: والله ما أدركت دهره ولا أدرك دهري، ولقد قال الناس فيه فأحسنوا وهو أن شاء الله كذلك، قال: فما تقول في عمر؟ فقال مثل ذلك، قال: فما تقول في عثمان؟ قال: والله ما أدركت دهره ولا أدرك دهري، ولقد قال فيه الناس فأحسنوا وقال فيه ناس فأساءوا وعند الله علمه، قال: فما تقول في على؟ قال: هو والله مثل ذلك، قال:
سب علياً، قال: لا أسبه، قال: والله لتسبنه، قال: والله لا أسبه، قال: والله لتسبنه أو لأضربن عنقك؟
قال: والله لا أسبه، قال: فأمر بضرب عنقه، فقام رجل في يده سيف فهزه حتى أضاء في يده كأنه خوصة، فقال: والله لتسبنه أو لأضربن عنقك، قال: والله لا أسبه، ثم نادى ويلك يا سليمان ادنني منك، فدعا به، فقال: يا سليمان أما ترضى مني بما يرضى به من هو خير منك ممن هو خير مني فيمن هو شر من على؟ قال: وما ذاك، قال: الله رضى من عيسى وهو خير مني إذ قال في بني إسرائيل وهم شر من على: " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " . قال: فنظرت إلى الغضب ينحدر من وجهه حتى صار في طرف أرنبته، ثم قال: خليا سبيله، فعاد إلى مشيته، فما رأيت رجلاً قط خيراً من ألف رجل غيره، وإذا هو طلحة بن مصرف.
في مجلس معاوية

تاريخ ابن أبي خيثمة - (ج 1 / ص 458)
حدثنا عبد السلام بن صالح ، قال : حدثنا بن عيينة ، عن ابن نجيح ، عن أبيه أن ربيعة الحرشي قام عند معاوية
يسب علي بن أبي طالب فقام سعد فقال : أيسب هذا عليا وأنت ساكت ، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له : أنت مني بمنزلة هارون موسى ؟

عيون الأخبار - (ج 1 / ص 23)
بلغني عن حفص بن عمران الرازي عن الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو قال: قال معاوية لشداد بن عمرو بن أوس:
قم فاذكر عليا فتنقصه.

الإمامة والسياسة - (ج 1 / ص 179)
وذكروا أن رجلا من همذان يقال له برد قدم على معاوية،
فسمع عمرا يقع في علي، فقال له: يا عمرو، إن أشياخنا سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، فحق ذلك أم باطل ؟ فقال عمرو: حق، وأنا أزيدك أنه ليس أحد من صحابة رسول الله له مناقب مثل مناقب علي، ففزع الفتى، فقال عمرو: إنه أفسدها بأمره في عثمان، فقال برد: هل أمر أو قتل ؟ قال: لا، ولكنه آوى ومنع. قال: فهل بايعه الناس عليها ؟ قال: نعم. قال: فما أخرجك من بيعته ؟ قال: اتهامي إياه في عثمان. قال له: وأنت أيضا قد اتهمت ؟ قال: صدقت فيها خرجت إلى فلسطين، فرجع الفتى إلى قومه فقال: إنا أتينا قوما أخذنا الحجة عليهم من أفواههم.

بغية الطلب في تاريخ حلب - (ج 3 / ص 214)
أبو أيوب خالد بن زيد بدري، وهو الذي نزل عليه النبي صلى الله عليه وسلم مقدمة المدينة، وهو كان على مقدمة علي يوم صفين، وهو الذي خاصم الخوارج يوم النهروان،
وهو الذي قال لمعاوية حين سب علياً: كف يا معاوية عن سب علي في الناس، فقال معاوية: ما أقدر على ذلك منهم، فقال أبو أيوب: والله لا أسكن أرضاً أسمع فيها سب علي، فخرج إلى ساحل البحر حتى مات رحمه الله.
التاريخ الكبير - (ج 4 / ص 60)
حدثنى إسحاق بن جعفر حدثنى عن عبد الرحمن بن أيوب الانصاري: قال أبو أيوب:
لو رأيت معاوية ببدر ما سببته - يعنى عليا.

القسم الثالث : سبه - عليه السلام - على منابر المدينة (41 - 50هـ)

سنن ابن ماجه - (ج 1 / ص 134)
حدثنا علي بن محمد حدثنا أبو معاوية حدثنا موسى بن مسلم عن ابن سابط وهو عبد الرحمن عن سعد بن أبي وقاص قال قدم معاوية في بعض حجاته فدخل عليه سعد
فذكروا عليا فنال منه فغضب سعد وقال تقول هذا لرجل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه فعلي مولاه وسمعته يقول أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وسمعته يقول لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله

تاريخ الرسل والملوك - (ج 1 / ص 433)
حدثني به محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، قال: قيل لسهل بن سعد:
إن بعض أمراء المدينة يريد أن يبعث إليك أن تسب علياً عند المنبر، قال: أقول ماذا ؟ قال: تقول : أبا تراب، قال: والله ما سماه بذلك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلت: وكيف ذلك يا أبا العباس ؟ قال: دخل علي على فاطمة، ثم خرج من عندها، فاضطجع في فيء المسجد. قال: ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة، فقال لها :أين ابن عمك ؟ فقالت: هو ذاك مضطجع في المسجد، قال: فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فوجده قد سقط رادؤه عن ظهره، وخلص التراب إلى ظهره، فجعل يمسح التراب عن ظهره، ويقول: اجلس أبا تراب. فوالله ما سماه به إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ووالله ما كان اسمٌ أحب إليه منه !.

مسند أبي يعلى - (ج 12 / ص 107)
حدثنا أبو خيثمة حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا عيسى بن عبد الرحمن البجلي عن السدي عن أبي عبد الله الجدلي قال : قالت أم سلمة :
أيسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنابر ؟ قلت : وأنى ذلك ؟ قالت : أليس يسب علي ومن يحبه ؟ فأشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحبه

العلل - (ج 3 / ص 176)
حدثني أبي قال حدثنا إسماعيل قال حدثنا بن عون عن عمير بن إسحاق قال
كان مروان أميرا علينا ست سنين فكان يسب عليا كل جمعة ثم عزل ثم استعمل سعيد بن العاص سنتين فكان لا يسبه ثم أعيد مروان فكان يسبه

العقد الفريد - (ج 2 / ص 127)
ولما مات الحسن بن علي حج معاوية، فدخل المدينة وأراد أن
يلعن عليا على منبر رسول الله صلى عليه وسلم. فقيل له: إن ها هنا سعد بن أبي وقاص، ولا نراه يرضى بهذا، فابعث إليه وخذ رأيه. فأرسل إليه وذكر له ذلك. فقال: إن فعلت لأخرجن من المسجد، ثم لا أعود إليه. فأمسك معاوية عن لعنه حتى مات سعد. فلما مات لعنه على المنبر، وكتب إلى عماله أن يلعنوه على المنابر،
ففعلوا. فكتبت أم سلمة زوج النبي صلى عليه وسلم إلى معاوية: إنكم تلعن الله ورسوله على منابركم، وذلك أنكم تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبه، وأنا أشهد أن الله أحبه ورسوله، فلم يلتفت إلى كلامها.

ولاية خالد بن عبد الله القسري (في حدود 90هـ)

الكامل في اللغة والادب - (ج 1 / ص 187)
وكان خالد بن عبد الله القسري لعنه الله
يلعن عليا رضي الله عنه على المنبر فيقول: فعل الله على علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة وأبي الحسن والحسين. ثم يقبل على الناس ويقول: أكنيت!

تهذيب الكمال - (ج 8 / ص 116)
وقال عبدالله بن أحمد ابن حنبل: سمعت يحيى بن معين، قال: خالد بن عبدالله القسري كان واليا لبني أمية وكان رجل سوء،
وكان يقع في علي بن أبي طالب.

البيان والتبيين - (ج 1 / ص 309)
وقال عبد الله بن كثير السهمي، وكان يتشيع، لولادة كانت نالته، وسمع
عمال خالد بن عبد الله القسري يلعنون عليا والحسين على المنابر: من الخفيف
لعن الله من يسب عليا ... وحسينا من سوقة وإمام
أيسب المطيبون جدودا ... والكرام الأخوال والأعمام

نثر الدر - (ج 1 / ص 367)
وكان خالد بن عبد الله القسري مال عن أمير المؤمنين علي عليه السلام،
وتنقصه على المنابر. وذكر أنه اتخذ طستا في المسجد بالكوفة ميضأة، وخرق قناة من الفرات إليها. ثم أخذ بيد أسقف النصارى يمشي في مسجد علي حتى وقف على الطست. ثم قال للأسقف: ادع فيها بالبركة. فوالله لدعاؤك عندي أرجى من دعاء علي بن أبي طالب - صلوات الله عليه وسلامه على علي، وغضبه على خالد.
التدوين في أخبار قزوين - (ج 1 / ص 20)
قال محمد بن زياد المذحجي: رأيت في
مسجد قزوين لوحاً نقش عليه هذا مما أمر به محمد بن الحجاج، وكان عمال خالد بن عبد الله القسري وسائر عمال بني أمية يلعنون في هذا المسجد علياً رضي الله عنه حتى وثب رجل من موالي بني الجند وقتل الخطيب وانقطع اللعن من يومئذ.

بغية الطلب في تاريخ حلب - (ج 3 / ص 240)
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات بن الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو بكر الشامي قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: أخبرنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثني الفضل بن الزبير قال:
سمعت خالد القسري وذكر علياً فذكر كلاماً لا يحل ذكره.

 

القسم الرابع : ذكر سبهم له - عليه السلام - في كتب التاريخ وإيقاف عمر بن عبد العزيز لذلك

تاريخ دمشق - (ج 50 / ص 96)
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد المقرئ إذنا وأبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء مشافهة قالا أنبأنا أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي أنبأنا أبو بكر بن المقرئ أنبأنا أبو عروبة حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا خالد بن يزيد عن معاوية قال كان لا يقوم أحد من بني أمية إلا سب عليا فلم يسبه عمر

الطبقات الكبرى لابن سعد - (ج 5 / ص 393)
أخبرنا علي بن محمد عن لوط بن يحيى الغامدي قال: كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون عليا، رحمه الله، فلما ولي عمر أمسك عن ذلك

الكامل في التاريخ - (ج 2 / ص 364)
كان بنو أمية يسبون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، عليه السلام، إلى أن ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، فترك ذلك وكتب إلى العمال في الآفاق بتركه.

المختصر في أخبار البشر - (ج 1 / ص 139)
كان خلفاء بني أمية يسبون علياً رضي الله عنه، من سنة إِحدى وأربعين، وهي السنة التي خلع الحسن فيها نفسه من الخلافة، إلى أول سنة تسع وتسعين، آخر أيام سليمان بن عبد الملك، فلما ولي عمر، أبطل ذلك، وكتب إِلى نوابه: بإبطاله، ولما خطب يوم الجمعة، أبدل السب في آخر الخطبة بقراءة قوله تعالى " إِن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي لعلكم تذكرون " " النمل: 90 " فلم يسب علي بعد ذلك. واستمرت الخطباء على قراءة هذه الآية

تاريخ الإسلام للذهبي - (ج 2 / ص 337)
قال عمر بن عثمان الحمصي: ثنا خالد بن يزيد عن جعونة قال: كان لا يقوم خليفة من بني أمية إلا سب علياً، فلم يسبه عمر بن عبد العزيز حين استخلف

الإستيعاب في معرفة الأصحاب - (ج 1 / ص 344)
وروى ابن وهب عن حفص بن ميسرة عن عامر بن عبد الله بن الزبير أنه سمع ابناً له ينتقص علياً فقال
: إياك والعودة إلى ذلك، فإن بني مروان شتموه ستين سنة فلم يزده الله بذلك إلا رفعة وإن الدين لم يبن شيئاً فهدمته الدنيا. وإن الدنيا لم تبن شيئاً إلى عاودت على ما بنت فهدمته.

 


طبقات الشافعية الكبرى - (ج 3 / ص 339)
وهذه هى الفتنة التى طار شررها فملأ الآفاق وطال ضررها فشمل خراسان والشام والحجاز والعراق وعظم خطبها وبلاؤها وقام في سب أهل السنة خطيبها وسفهاؤها إذ أدى هذا الأمر إلى التصريح بلعن أهل السنة فى الجمع وتوظيف سبهم على المنابر وصار لأبى الحسن كرم الله وجهه بها أسوة لعلى بن أبى طالب كرم الله وجهه فى زمن بعض بنى أمية حيث استولت النواصب على المناصب واستعلى أولئك السفهاء فى المجامع والمراتب

وهذه الرواية نهديها خصيصا لخوارج هذا العصر من المدافعين عن بني أمية

تاريخ ابن أبي خيثمة - (ج 2 / ص 148)
حدثنا ابن الأصبهاني ، قال : أنا شريك ، عن محمد بن إسحاق ، عن عمر بن علي بن حسين ، عن علي بن حسين ؛ قال : قال لي مروان بن الحكم : ما كان في القوم أحد أدفع عن صاحبنا ؛ - يعني : عثمان بن عفان - من صاحبكم - يعني : علي بن أبي طالب ، قلت : فما بالكم تسبوه على المنابر ؟ قال : لا يستقيم الأمر إلا بذاك .

تاريخ الإسلام للذهبي - (ج 1 / ص 449)
وروى عمر بن علي بن الحسين، عن أبيه قال: قال مروان
: ما كان في القوم أدفع عن صاحبنا من صاحبكم - يعني علياً - عن عثمان، قال: فقلت: ما بالكم تسبونه على المنابر! قال: لا يستقيم الأمر إلا بذلك. رواه ابن أبي خيثمة. بإسناد قوي، عن عمر.

القسم الخامس : أقوال علماء أهل السنة في ذلك

ونذكر اسم العلم مع تاريخ وفاته ثم نص قوله من كتابه :

ابن حزم (456 هـ)

المحلى - (ج 5 / ص 64)
قال أبو محمد: كان الحجاج وخطباؤه يلعنون عليا وابن الزبير رضى الله عنهم ولعن لاعنهم

وقال في موضع آخر
المحلى - (ج 5 / ص 86)

واعتلوا بأن الناس كانوا إذا صلوا تركوهم ولم يشهدوا الخطبة، وذلك لانهم كانوا يلعنون على بن أبى طالب رضى الله عنه، فكان المسلمون يفرون، وحق لهم، فكيف وليس الجلوس للخطبة واجبا

القرطبي (656 هـ)

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (ج 20 / ص 25)
وقول معاوية لسعد بن أبي وقاص : (( ما منعك أن تسب أبا تراب )) ؛ يدل : على أن مقدم بني أمية كانوا يسبون عليا وينتقصونه ، وذلك كان منهم لما وقر في أنفسهم من أنه أعان على قتل عثمان ، وأنه أسلمه لمن قتله ، بناء منهم على أنه كان بالمدينة ، وأنه كان متمكنا من نصرته . وكل ذلك ظن كذب ، وتأويل باطل غطى التعصب منه وجه الصواب

وقال في موضع آخر :
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (ج 1 / ص 148)

وأما مروان وبنو أمية ، فإنما قدموها ؛ لأنهم كانوا في خطبهم ينالون من علي ـ رضى الله عنه ـ ، ويسمعون الناس ذلك ، فكان الناس إذا صلوا معهم ، انصرفوا عن سماع خطبهم لذلك ، فلما رأى مروان ذلك أو من شاء الله من بني أمية ، قدموا الخطبة ؛ ليسمعوا الناس من ذلك ما يكرهون.

ياقوت الحموي (626 هـ)

معجم البلدان - (ج 2 / ص 432)
قال الرهني
: وأجل من هذا كله أنه لعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه على منابر الشرق والغرب ولم يلعن على منبرها إلا مرة وامتنعوا على بني أمية حتى زادوا في عهدهم أن لا يلعن على منبرهم أحد

النويري (733 هـ)

نهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 6 / ص 75)
قال
: وكان من أول ما ابتدأ به عمر بن عبد العزيز أن ترك سب علي بن أبي طالب رضي الله عنه على المنابر، وكان يسب في أيام بني أمية إلى أن ولي عمر فترك ذلك، وأبد له بقول الله عز وجل: " إنَّ الله يأْمُرُ بالعَدْلِ والإحسان وإيتاء ذي القرْبَى ويَنْهَى عن الفحشاء والْمُنْكَرِ والبغْي يعِظكم لعلكم تذكرون " . فحل ذلك عند الناس محلاً حسنا، وأكثروا مدح عمر بسببه

العبدري (737 هـ)

المدخل - (ج 2 / ص 413)
وأما ترضي الخطيب في خطبته عن الخلفاء من الصحابة وبقية العشرة وباقي الصحابة وأمهات المؤمنين وعترة النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم أجمعين فهو من باب المندوب لا من باب البدعة وإن كان لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء بعده ولا الصحابة رضي الله عنهم لكن فعله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لأمر كان وقع قبله وذلك أن بعض بني أمية كانوا يسبون بعض الخلفاء من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين على المنابر في خطبتهم ، فلما أن ولي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أبدل مكان ذلك الترضي عنهم . وقد قال مالك رضي الله عنه في حقه هو إمام هدى وأنا أقتدي به .

ابن رجب الحنبلي (795 هـ)

فتح الباري لابن رجب - (ج 6 / ص 231)
ولو شرع الإمام في خطبته في كلام مباح أو مستحب كالدعاء ، فإنه يستمع له وينصت ، وهذا قول جمهور العلماء، منهم : عطاء وغيره .
ولأصحابنا ثلاثة أوجه : أحدها : تحريم الكلام في الحالين . والثاني : لا يحرم . والثالث : أن كان مستحبا كالدعاء حرم الكلام معه ، وإن كان مباحا لم يحرم .
فأما أن تكلم بكلام محرم ، كبدعة أو كسب السلف ، كما كان يفعله بنو أمية ، سوى عمر بن عبد العزيز -رحمة الله عليه - ، فقالت طائفة : يلحق بالخطب وينصت له، روي عن عمرو بن مرة وقتادة .

 

السرخسي (483 هـ)

المبسوط - (ج 2 / ص 358)
فقد كانت الخطبة بعد الصلاة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين حتى أحدث بنو أمية الخطبة قبل الصلاة لأنهم كانوا في خطبتهم يتكلمون بما لا يحل فكان الناس لا يجلسون بعد الصلاة لسماعها فأحدثوها قبل الصلاة ليسمعها الناس

ابن الطقطقي (709 هـ)

الفخري في الآداب السلطانية - (ج 1 / ص 47)
وكان عمر بن عبد العزيز من خيار الخلفاء عالماً زاهداً عابداً تقياً ورعاً، سار سيرةً مرضيةً ومضى حميداً. هو الذي قطع السب عن أمير المؤمنين، صلوات الله عليه وسلامه، وكان بنو أمية يسبونه على المنابر.
ابن حجر العسقلاني (852 هـ)

فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 499)
قال أحمد وإسماعيل القاضي والنسائي وأبو علي النيسابوري
لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر مما جاء في علي وكأن السبب في ذلك أنه تأخر ، ووقع الاختلاف في زمانه وخروج من خرج عليه ، فكان ذلك سببا لانتشار مناقبه من كثرة من كان بينها من الصحابة ردا على من خالفه ، فكان الناس طائفتين ، لكن المبتدعة قليلة جدا . ثم كان من أمر علي ما كان فنجمت طائفة أخرى حاربوه ، ثم اشتد الخطب فتنقصوه واتخذوا لعنه على المنابر سنة ، ووافقهم الخوارج على بغضه وزادوا حتى كفروه ، مضموما ذلك منهم إلى عثمان

السيوطي (911 هـ)

تاريخ الخلفاء - (ج 1 / ص 99)
وقال غيره
كان بنو أمية يسبون علي بن أبي طالب في الخطبة فلما ولي عمر ابن عبد العزيز أبطله وكتب إلى نوابه بإبطاله وقرأ مكانه " إن الله يأمر بالعدل والإحسان " " النحل: 90 " الآية فاستمرت قراءتها في الخطبة إلى الآن.

المناوي (1031 هـ)

فيض القدير - (ج 3 / ص 20)
ومع ذلك فقابل بنو أمية عظيم هذه الحقوق بالمخالفة والعقوق فسفكوا من أهل البيت دماءهم وسبوا نساءهم وأسروا صغارهم وخربوا ديارهم وجحدوا شرفهم وفضلهم واستباحوا سبهم ولعنهم فخالفوا المصطفى صلى الله عليه وسلم في وصيته وقابلوه بنقيض مقصوده وأمنيته فوا خجلهم إذا وقفوا بين يديه ويا فضيحتهم يوم يعرضون عليه
علي القاري (1014 هـ)

مرقاة المفاتيح - (ج 5 / ص 48)
وما أحسن فعل عمر بن عبد العزيز حيث جعل مكان سب أهل البيت الصادر من بني أمية فوق المنابر هذه الآية الشريفة في آخر الخطبة إن الله يأمر بالعدل والإحسان وايتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون النحل فهذه هي البدعة الحسنة بل السنة المستحسنة

المحبي (1111 هـ)

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر - (ج 2 / ص 122)
وقرأت في بعض مجاميعه بخطه قال
جرى لي يوماً في بعض الأندية أنه ذكر أشج بني مروان عمر بن عبد العزيز وما فعله وهو خليفة من أمره بالكف عن لعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه على المنابر مدة تزيد على سبعين عاماً كما هو مشهور

الإتليدي (1100 هـ)

إعلام الناس بما وقع للبرامكة - (ج 1 / ص 27)
كان، رضي الله عنه عفيفاً زاهداً ناسكاً عابداً مؤمناً تقياً صادقاً، أزال ما كانت بنو أمية تذكر به علياً رضي الله عنه، على المنابر وجعل مكان ذلك قوله تعالى: " إن الله يأمر بالعدل والإحسان " الآية

 

وأخيرا

خير الدين الزركلي (1976 م)

الأعلام للزركلي - (ج 5 / ص 50)
وسكن الناس في أيامه، فمنع سب علي بن أبي طالب (وكان من تقدمه من الامويين يسبونه على المنابر) ولم تطل مدته، قيل: دس له السم وهو بدير سمعان من أرض المعرة، فتوفي به.
ومدة خلافته سنتان ونصف.
 

 

 

 

(8)  نبوءة كتاب الرب المقدس : من هو قتيل شاطئ الفرات

 

الصديقة المسيحية : ايزابيل بنيامين ماما آشوري العراق

نبوءة كتاب الرب المقدس : من هو قتيل شاطئ الفرات ؟ضمن دراستي الكهنوتية للكتاب المقدس والتي استمرت سنوات وانا اتفكر في نص غريب موجود في الكتاب ...المقدس لكوني عراقية ونهر الفرات يمر في البلد الذي اسكنه. سألت عن هذا النص الكثير من قساوستنا وعلمائنا واساتذتنا وراجعت التفاسير والمراجع الخاصة بتفسير الكتاب المقدس ولكن يبدو أن الجميع تواطأ على السكوت.حتى ألتقيت بقداسة الانبا المقدس البطريارك الماروني

: صبيح بولس بيروتي. وسألته عن النص الذي يذكر بأن هناك ذبيح على شاطئ الفرات، فمن يكون . فنظر لي مليا ثم قال . لولا انك مسيحية وباحثة في علم اللاهوت وان هذا ضمن دراساتك ما اجبتك على سؤالك ولكني سأجيب.قال : أولا أن شاطئ النبوءة يمتد طولا على امتداد نهر الفرات من منابعة وحتى مصبه في البصرة. ولكنني استطعت أن احصر منقطة الحدث في صحراء تقع في العراق بالقرب من بابل. الثاني : بحثت ايضا عن تفسير هذه النبوءة فوجدت أنه من تاريخ نزول هذه النبوءة وحتى يومنا هذا لم تتحقق هذه النبوءة إلا مرة واحدة.قلت له : واين المكان ومن هو الذبيح؟قال : أن النبوءة تتحدث عن شخص مقدس (ابن نبي) وهو سيّد عظيم مقدس اسمه ((اله سين )). ولما سألت قداسة الاب بطرس دنخا كبير الاساقفة عن معنى كلمة ((إله سين )) قال : أن العرب في جنوب العراق يقلبون الهاء حاء . فتصبح (الحسين) . هذا هو المذبوح بشاطئ الفرات وهي نبوءة تتعلق بابن نبي مقدس جدا وهو سيكون سيّدا في السماء.من هذه النقطة بحثت وتعمقت والآن أضع هذا النص بين يدي الاخوان لعلي احظى بإطلالة شافية كافية وافية مع أن النص واضح لأنه يُشير إلى معركة مصيرية كبيرة بجانب شط الفرات في ارض يُقال لها ((كركميش)) من أجل ارجاع خلافة مغتصبة لأن النص يقول بأنه هذا السيّد ذهب ليرد سلطته .وعندما بحثت في معجم الكتاب المقدس وجدت أن ((كركميش)) تعني كربلاءفمن هذا السيد الذي ذُبح بجانب شط الفرات ولماذا يصف الكتاب المقدس هذه الواقعة بهذا الوصف المخيف وكأن مصير البشرية يتوقف عليها .صحيح اني وضعت احاديث واشياء تدل على هذه الواقعة لكن كلها افتراضات لأني لست من داخل الحدث الإسلامي ولكن هذا الشيء موجود على شكل نبوءة لم يستطع احد ان يغيرها او يتلاعب بها ، ومنذ كتابتها منذ لآلاف السنين لم تتحقق هذه النبوءة إلا في الاسلام من حيث المكان والشخص المقتول كما يقول كبير علماء اهل الكتاب والمتضلع بالكتب السماوية ((كعب الاحبار بن ماتح )) اتمنى القراءة بتدبر وتروي وعدم الانسياق وراء العاطفة وإنما يتم تحكيم العقل .جاء في سفر إرمياء الاصحاح 46 : فما 6 ـ 10 النبوءة التالية وهي تحكي عن المستقبل البعيد حيث كان وصف إرمياء النبي صحيح مائة بالمائة فقد كان الوصف مهيبا رهيبا كأنك ترى ذلك المصروع والجيوش التي التفت حوله : (( أسرجوا الخيل ، واصعدوا أيها الفرسان وانتصبوا بالخوذ اصقلوا الرماح البسوا الدروع . لماذا أراهم مرتعبين ومدبرين إلى الوراء ، وقد تحطمت أبطالهم وفروا هاربين ، في الشمال بجانب نهر الفرات حيث عثروا وسقطوا لأن للسيد رب الجنود ذبيحة عند شط الفرات )) .ثم ماذا تقول النبوءة عن اسباب ذهاب هذا السيد إلى ذلك المكان ؟ تقول : ((ذهب ليرُد سلطته إلى كركميش ليُحارب عند الفرات في الصحراء العظيمة التي يُقال لها رعاوي عند الفرات )).وكلمة كركميش تعني كربلاء ، وكلمة رعاوي هي الصحراء الواسعة التي تمتد من حدود بابل إلى عرعر والتي يسميها الكتاب المقدس (رعاوي) وهي بالقرب من مدفن مقدس لأهل الكتاب اسمه النواويس ولا يُعرف بالضبط السر في وجود دور عبادة لأهل الكتاب في هذا المكان تحيط به المقابر، ولكن الأب أنطوان يوسف فرغاني يقول : بأن اكثر اهل الكتاب دفنوا في هذا المكان لأنهم كانوا ينتظرون ذلك السيد المذبوح لينصروه لأنه مقدس جدا ، ولكن قدومه تأخر وماتوا وهم ينتظروه ، ولذلك لم يُقتل مع هذا المقدس عند نهر الفرات سوى نصارى اثنين يُقال انهم اعتنقوا دين هذا المقدس.لم يصف احد من شخصيات الاديان نفسه بأنه هو المذبوح هناك على ساحل كركميش حيث رعاوي الصحراء القاحلة . فقط الحسين عليه مراحم الرب وبركاته يصف نفسه بأنه المذبوح بجانب الفرات وانه ابن الذبيحين وهذا ما قاله كعب الأحبار المتضلع بالتوراة ، عندما مرّ بجانب الفرات في كربلاء حيث قال : ((ما مررت في هذا المكان إلا وتصورت نفسي أنا المذبوح حتى ذبح الحسين فقلنا هذا هو لأننا نروي ان ابن نبي يُذبح في هذا المكان)) .ملاحظة أن كعب الاحبار قال ذلك امام حشد من الصحابة وغيرهم كما في الرواية التالية ((ولمّا أسلم كعب الأحبار وقدم جعل أهل المدينة يسألونه عن الملاحم الّتي تكون في آخر الزمان وكعب يخبرهم بأنواع الملاحم والفتن ثمّ قال كعب: نعم ، وأعظمها فتنة وملحمة هي الملحمة الّتي لا تنسى أبداً ، وهو الفساد الّذي ذكره الله في الكتب ، وقد ذكره في كتابكم بقوله : ( ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ وإنّما فتح بقتل هابيل ، ويختم بقتل الحسين )) المصدر انظر مقتل الخوارزمي الجزء الأول ص 162 هذا اذا اخذنا بنظر الاعتبار رواية امام أهل السنة احمد التي تؤكد بأن ابن النبي يقتل بشاطئ الفرات وإليك الرواية : ((روى الامام أحمد بن حنبل من حديث علي بن أبي طالب ـ في ص85 من الجزء الاول ـ من مسنده، بالإسناد إلى عبد الله بن نجا عن أبيه: قال: «دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله، ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: قام من عندي جبرئيل قبل، فحدثني أن ولدي الحسين يقتل بشط الفرات)) أو في الرواية التالية : ((روى الشافعي ـ في باب إنذار النبي (صلى الله عليه وآله) بما سيحدث بعده ، من كتابه أعلام النبوة ـ عن عروة، عن أم المؤمنين عائشة، قالت: دخل الحسين بن علي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يوحى إليه، فقال جبرائيل: إن أُمّتك ستفتتن بعدك وتقتل ابنك هذا من بعدك، ومدّ يده فأتاه بتربة بيضاء، وقال: في هذه يقتل ابنك، اسمها الطف، قال: فلما ذهب جبرائيل، خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)إلى أصحابه والتربة بيده ـ وفيهم: أبو بكر، وعمر، وعلي، وحذيفة، وعثمان، وأبو ذر ـ وهو يبكي، فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: «أخبرني جبرائيل: أن ابني الحسين يقتل بعدي ))بحثت فلم اجد غير ذلك تفسيرا فهل هناك اضافة لا أعرفها .ـــــــــــــــ

 

الصديقة المسيحية : ايزابيل بنيامين ماما آشوري العراق

 

 

 

 (9)   مفتي حلب الأكبر يفجّر قضية مظلومية أهل البيت (عليهم) على منبر الجمعة

الشيخ الحسون (باكيا): أنا في ظلال نعلك يا زهراء (صلوات الله وسلامه عليها)!

أجرى الحوار: جاسم صفر

في زمن ما، حالك السواد، كانت بقعة من الأرض معقلاً للنصب والنواصب، تضج منابرها بلعن أهل البيت! ويهتف مشايخها بحياة بني أمية! تلك هي الشام، مركز حكم معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله، الذي أمر الناس بالتبرؤ من أهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام، وجرفهم إلى الضلال، وأسس مذهبا يقوم على بغض الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا!

لم يكن أحد يومها - أي منذ تولى معاوية ثم يزيد ومن تعاقب بعدهما من السلاطين - يجرؤ على أن يذكر آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بخير، كان علي (عليه السلام) في مفهوم أهل تلك الديار (أول ظالم في الأرض)! وكان الحسين (ع) (خارجا على طاعة إمام زمانه)! أما معاوية فهو (خال المؤمنين)! وأما يزيد فهو (أمير المؤمنين)!

هكذا كانت المعادلة آنذاك، لكنها اليوم، بعد قرون ودهور، انقلبت عندما شع نور آل محمد صلى الله عليهم أجمعين، وتبينت روعة الحق والحقيقة!

هاهو - كمثال - أحد كبار علماء الشام، مفتي حلب وشيخ مشايخها، يرتقي منبره في يوم عاشوراء؛ في هذه السنة؛ في الشام نفسها التي كانت موطن الناصبة الأموية؛ ليصدع بالحق بأعلى أعلى صوته وينادي: (أيها الناس.. قتل والله الحسين مظلوما)!!

بهذه الكلمة المدوية؛ نطق الشيخ أحمد بدر الدين الحسون، ليكشف فبني جلدته من أهل السنة حقائق أخفاها الحكام ووعاظهم، الذين وجدوا في ذكر آل بيت النبوة تهديداً لهم، ولعروشهم، ولفنوذهم، ولمذهبهم!

في تلك الخطبة البليغة؛ أراح هذا الشيخ الشجاع ضميره، عندما أبان أن الحق مع آل الرسول، وعرى أعداءهم، وفضح مخالفيهم. إنه لم يتشيع، لكنه أراد أن ينفض الغبار عن الحقيقة، ويصحح مفاهيم ترسبت في عقول السنة بمؤامرة دبرها أعداء الدين وطلاب الدنيا، عندما صوروا مثل يزيد آميرا للمؤمنين وعندما أنزلوا أهل بيت الوحي عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها!

كانت كلمة شجاعة، من عالم شجاع لايهاب إلا الله، ولا يوالي إلا أولياء الله. غير أن هذه الكلمة كلفته الكثير، لأنها كانت صعبة؛ شديدة الوقع على آذان وأسماع من وقعوا ضحية مؤامرة التجهيل.

خطبة جمعة؛ ألقى فيها الشيخ الحسون ما في جعبته من حقائق توصل إليها، وأظهر فيها ما يجيش في صدره منذ زمن، حول ما نزل بأهل البيت عليهم الصلاة والسلام من كرب وبلاء وما قاسوه من عناء، وما تحملوه من رزايا، من أجل استقامة دين الله. إنه فرزبين معسكرين، معسكر الرحمن، ومعسكر الشيطان، وكان صعبا عليه أن يضع النقاط على الحروف، لكنه أبى إلا أن ينهض بمسؤوليته.

بيد أن هذه الكلمة الصادقة، ا لخارجة من القلب النابض بحب المصطفى وآله عليهم الصلاة والسلام؛ لم ترق لآخرين، فاشتعلت نار المجابهة، وثارت ثائرة مشايخ وخطباء، وتصدت منابر لتكفير هذا الشيخ الشجاع والطعن فيه بدعوى أنه سب الصحابة وشتم أمهات المؤمنين!! كل ذلك لا لأنه فعل ما تهموه به، بل لأنه حكي بلغة غير معهودة عندهم فهي جريمة ن ينطق في خطبته باسم آل البيت! وهي مثلبه أن ينتصر لسيد الشهداء سبط الرسول ضد من قتله واستباح دمه وحرمه!!

حينما وجد مفتي حلب الأكبر؛ وعضو مجلس الشعب السوري؛ الشيخ أحمد بدرالدين الحسون؛ أن من تلبّسوا برداء العلماء أبعدوا أهل مذهبه السنى عن أهل البيت عليهم السلام خوفا من انتشار التشيع، وجد أن عليه أن يتصدى ويتحرك لإعادة الحق إلى نصابه، كي لا يندرس ذكر الميامين الأطهار، وكي لا يقع الناس في لبس تجاه أعدائهم، فيترضّون على أمثال يزيد!

لقد أعاد حزءاً يسيراً من حق الحسين عليه الصلاة والسلام، فقامت الدنيا وشتمته عشرات المنابر على الملأ. لكن كل هذا يهون عنده في سبيل الحق، وفي سبيل ساداته الذين يدين بحبهم وموالاتهم. إنه بكى لأكثر من مرة في خطبته، وكان يتأوه من شدة الألم، لأنه كتم وكتم، وها هو اليوم يعتذر للمئات الذين جلسوا يستمعون له قائلا: (سامحوني.. لأنني سأتحدث بما لم تعتادوا سماعه)!

ليس له هم إلا جمع الكلمة، والتحليق بالأمة عالياً بجناحيها؛ السنة والشيعة، غير أنه لا يرى وحدة تتحقق بالتنكر للحقائق وإخفائها، أو بترك سيرة أهل البيت ونبذها.

(المنبر) في خضم هذه العاصفة التي حركها المفسدون ضد الشيخ الجليل؛ والعالم الفاضل؛ اتصلت به وحاورته، فوجدته لسانا عذبا يفيض بعشق محمد وآله الأبرار صلوات الله وسلامهعليهم أجمعين، ووجدته رجلاً صلبا لا يتزحزح عن كلمة الحق.

في ذلك الحوار الذي دار لحوالي ساعتين من الوقت، استفسرت (المنبر) من سماحة الشيخ عن أسباب كلمته ودواعيها ومبرراتها، واستعلمت منه عن مفاهيم ورؤى، فبكى وأبكى، وأظهر عقيدة أهل السنة الحقيقية في أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، الذين هم عندهم أشرف الخلق وأولو الأمر والأئمة الواجب طاعتهم واتباعهم ومودتهم، متبرئا من عقيدة أهل الغلظة والجفاء ممن اندسوا تحت راية أهل السنة، الذين وصلت فيهم جرأتهم إلى التطاول على أهل بيت الوحي والرسالة، عندما قالوا: (إن الحسين قتل بخروجه على الخليفة)!!

هذه كلمات لم تخرج من فيه رجل عادي، إنما خرجت على لسان عالم كبير تتبعه الملايين، فهو سليل أسرة علمية، وعضو مجلس الإفتاء الأعلى، فضلا عن كونه مفتي حلب وأستاذ علمائها. فلنستمع ولنع ولنعرف كيف أن الحق يعلوولا يعلى عليه:

* المنبر: لماذا جاءت تلك الخطبة وفي ذلك الوقت بالذات، وما هي دواعيها؟ هل وجدتم أنه من الواجب إزاحة الستار عن كثير مما أخفاه أهل الأهواء والعصبيات؟

- من خلال قراءتي السريعة للواقع الذي تعيشه أمتنا المسلمة، حاولت أن أعود لتاريخنا لأستنبط منه ما يعيد الصحوة لها، وحينما قرأت مسيرة الحسين (عليه السلام) والذي لم يكن يمثل نفسه أو يمثل آل البيت (عليهم السلام) فحسب، إنما كان يمثل خط الإسلام العام، وجدت أنه منذ يوم استشهاده وحتى يومنا هذا لم تقرأ قضيته قراءة صحيحة، إنما قرئت قراءة عاطفية، وهذه القراءة منعتنا من أن نستنتج ما يمكن استنتاجه بغيرها، فحالت دون استفادتنا لما نحتاج اليوم، في موقفنا المعاصر، وفي مشاكلنا الحالية، فقررت حينما قرأت هذه المسيرة أن أعيد قراءتها قراءة عامة نطبقها في حياتنا. وقد قررت أن أعيد قراءة مأساة الحسين عليه السلام بإعادة قراءة التاريخ الإسلامي ككل بدءاً من رسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحتى آخر لحظة من حياة الخلفاء وكيف انفصلت الخلافة الروحية بعد سيدنا على (عليه السلام) عن الخلافة السياسية.

لقد استطاع سيدنا على (عليه السلام) ومن قبله من الخلفاء أن يجمعوا الخلافة التشريعية الروحية مع الخلافة السياسية، ولكن بعد استشهاد أمير المؤمنين على (عليه السلام) صار الملك - أي ملك الخلافة - ملكا عقيما، واتجه اتجاها آخر، فكان الناس يطلقون على البعض ممن استحوذ على الخلافة (أمراء المؤمنين) وما كانوا أمراء مؤمنين، فانا لا أراهم سوى ملوكا.

وهذا قد يفاجئ كثيراً من المعاصرين ولكنها الحقيقة التي يجب أن يعرفها أبناؤنا حتى لا نظلم الإسلام بأناس حسبوا عليه وسموا بأمراء مؤمنين وهم في الحقيقة أشخاص ليس لهم علاقة بالإيمان.

* المنبر: ما هو الجديد في خطبتكم بالنسبة إلى الوسط السني؟ هل إن هذا الوسط لم يعتد على هذه اللغة؟! وهل تجدون أن هذه اللغة ضرورية؟ وما ردكم على من يقول إن هذه اللغة إنما تسهم في زعزعة وبلبلة وانقسامات؟

- بعد الصحوة الإسلامية في الجمهورية الإيرانية، وبعد الحرب الإيرانية العراقية وحرب الخليج، صار هنالك نوع من التخوف في الساحة السنية من أن يكون هنالك مد شيعي يجتاح العالم العربي، أو الإسلامي ككل، وبدأ اتخاذ مواقف الدفاع والهجوم وقد ظهرت عدة كتب طائفية ومذهبية تربط التشيع بالفارسية وأحياناً بالمجوسية. وكان هذا نوع من المواجهة الخطرة خوفا من أن يأتي سيل لا يستطيعون إيقافه، وكان يقود هذه الحملة عدد من السياسيين المرتبطين بالدول الأجنبية وأنا لا أشك في ذلك! واستطاعوا أن يجيروا بعض العلماء في سبيل ذلك، وقد قام هؤلاء العلماء في سبيل ذلك، بتأليف عدة كتب وزعت بشكل كامل في الدول العربية والإسلامية بغرض تشويه صورة الإنسان الجعفري في خيال الإنسان السني.

وقادت تلك الحملة التشويهية جماعة مرتبطة بالاستخبارات الأجنبية في عدد من البلدان العربية التخويفية، وهي الجماعة التي تسمي نفسها بالسلفية، وأفرادها في الحقيقة يغطون أنفسهم بهذا العنوان، لأن السلفي الحقيقي والسني الحقيقي والشيعي الحقيقي جميعهم يلتقون في محور واحد ألا وهو الإسلام، وليس الكذب على بعضهم بعضا وتشويه صورة بعضهم بعضا.

من خلال هذه الحملات التي بدأت تظهر في المجتمعات العربية والإسلامية رأيت أن هنالك خوفا دائما من الطرف الآخر وتأهبا للهجوم عليه دائما، ولعل الذي يحدث في باكستان حاليا، في عدد من المساجد والحسينيات خير مثال على ذلك، إذ يقتحم واحد من هذا الطرف مكان اجتماع الطرف الآخر ليبيده! وفي اعتقادي أن نار الفتنة هذه ليست من الطرفين إنما من طرف ثالث يؤجج الفتنة في هذه الساحة، ومن هنا بدأت اقرأ كتبنا الإسلامية فراءة جديدة، شيعية كانت أم سنية لأفاجأ أن هناك 98% من نقاط الالتقاء و3 أو 4% من نقاط الاختلاف، كما رأيت أن هناك بين الأحناف والشافعية أكثر من 10% من نقاط الاختلاف، وأن بين المذهب الزيدي والشافعي 3% من نقاط الاختلاف، وهذا سببه كتاب الأم الذي ألفه الإمام الشافعي والذي قال فيه:

إن كان رفضاً حب آل محمد فليشهـد الثـقلان أني رافضي

هذا الذي دعاني لأن أدخل إلى الساحة بهدوء ودون أن أمس أي طرف من الأطراف، لأقول: لماذا لا يعرف أبناؤنا من هـ أهـ البيت؟ أهناك خوف من أن يتشيع أبناؤنا إذا ما عرفوا آل البيت؟ هذا الذي عاني لأن أدخل الساحة. إنني أرى أنه يحق للشيعي أن يلوم أخاه السني على تقصيره في معرفة أهل البيت عليهم السلام، ذلك لأنه إذا سأله عن ذرية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن السني لن يعدد له إلا الحسن والحسين عليهما السلام، ولن يعرف الباقي مع أن من واجبه معرفتهم شرعا، لأن الله تعالى يقول على لسان نبيه (صلى الله وآله: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). فكيف يود السني من يجهلهم؟!

لقد اكتشفت أن هناك من قصد تجهيل الناس وابعادهم عن معرفة آل البيت عليهم السلام خوفا من سريان التشيع، بل رأيت أن هناك من قصد تشويه صورتهم سلام الله عليهم في أذهان الناس! فقبل بضع سنوات وقعت عيناي على كتاب صدر في المدينة المنورة لعالم من علمائنا في سورية، وقد جاء فيه: (إن الحسين قتل نفسه بخروجه على الإمام)!! وقد جرى توزيع هذا الكتاب السيئ السعودية، فاجتمعت مع مؤلفه وبادرته قائلاً: (لحساب من تسيء إلى آل البيت؟! لحساب من تسيء إلى سيدنا الحسين وهو من أعطي حقا عظيما يتمثل في أن من أحبه اسكنه الله الجنة مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)! يا هذا.. ما الذي تعني من قولك أنه قتل نفسه؟ هل تعني أنه انتحر مثلا؟ وفي مقابل من؟! من هو الخليفة الذي خرج عليه؟!) فأجاب الرجل: (في مقابل يزيد)! فقلت له: (ومن قال أن يزيد خليفة)؟!

ثم بدأ النقاش مع مجموعة من الأخوة هناك، وقد وجدت جهلا في القضية تاما، فلذلك آليت على نفسي أن أدخل على هذا الخط بهدوء ودون تعصب لأي طرف من الأطراف، وغرضي إظهار الحقيقة حتى إذا جاء العدو ليعبثبها نكون قد هيأنا ما نتكاتف به وما نقوي به بعضنا بعضا.

* المنبر: ما الذي اكتشفتموه وأردتم قوله للناس أداء لمسؤوليتكم الشرعية أمام الله تعالى؟

- بعد عشر سنوات من البحث على مقعد الدراسة، وجدت أن هنالك خوفا شديداً من الاعتراف بالحقيقة، وهذا الخوف سببه أن من يريد أن يتحدث عن آل البيت يخشى أن يقع في شتم الصحابة، وكان الجميع يظنون أنه لو بدأنا بالحديث عن موالاة أهل البيت ولاء ووفاء والبراءة من أعدائهم، فإن ذلك سيكون نوعا من إعادة التفرقة بين المسلمين من خلال شتم الصحابة أو الطعن فيهم.

ومن هنا وجدت هجوماً شديداً صاعقا علي بعد هذه الخطبة واعتبرت خطيب فتنة وخطيب سوء لأني أنبش التاريخ بمعاول التفرقة بين الناس، وكأنهم سيجمعون الناس بإخفاء الحقائق التاريخية!

لذلك كان هناك إصرار على المبدأ، وإصرار على البقاء مستمراً في تسجيل الحقائق مهما كانت التضحيات، لا من أجل إيران ولا من أجل الشيعة ولا من أجل السنة، ولكن من أجل الله جل وعلا، وحتى نقف أمامه وقد أدينا الرسالة. ونحن في هذا الوقت بالذات أحوج ما نكون للموقف الحسيني، وأحوج ما نكون لمواقف أهل البيت في صد الطغيان، طغيان السياسة والاستيلاء الذي دمر حقوق آل البيت، نحن أحوج ما نكون إلى صحوة إسلامية، تبنى على أسس واضحة.

وفي الحقيقة فقد استطاع الإخوة في حزب الله في لبنان أن يبدأوا هذه الصحوة، وأسأل الله أن نكون جميعاً عونا لهم في هذه الصحوة.

* المنبر: كررتم مراراً قول: سامحوني! السؤال هو: على ماذا؟ ولماذا الاعتذار؟

- المعنى هو: سامحوني إن لمست مسلّماتكم التي عشتم عليها قرونا ولم يتجرأ أحد أن يكشف لكم بكل وضوح خطأ هذه المسلمات.

فإن كنتم لا تستوعبون كلامي فسامحوني! فإنني أتكلم بكل وضوح.

* المنبر: وهل تعتقدون بأن هناك من أخفى الحقائق من العلماء السابقين؟

- لا أشك أن السياسة منعت الحقائق من الظهور: فحينما أجد كتب صحاح الحديث الموجودة في الساحة السنية قد ذكرت فضائل أبي بكر وعمر و عثمان في عدة صفحات بينما تعطي لسيدنا علي (ع) فإني أتساءل: لماذا لم تذكر تلك الكتب السابقة هذه الفضائل؟! وأعتقد أنك تدرك ما يحدث لي حينما أجد أن مسند أحمد قد طبع في بلد إسلامي وحذفت منه الستة والأربعون صفحة! هنا أعرف أن التاريخ كيف زور!!

* المنبر: ما سبب هذا الخلاف في نظركم؟

- لأننا إذا ذكرنا فضائل سيدنا على (عليه السلام) نظن أن الشيعة سينتصرون على السنة، وأن الشيعة ستحكم العالم العربي والإسلامي وأن السلفية ستغيب، هنا مشكلة السياسة!

* المنبر: وهل عليّ صلوات الله عليه وسلامة للشيعة فقط؟!

- إن علياً (ع) اليوم هو رمز للثورة الحقيقية، والذين يحكمون العالم الإسلامي اليوم لا يريدون علياً جديداً لذلك قال الشاعر مظفر النواب غفر الله له: أفديك عليا لو جئت اليوم لحاربك الداعون إليك وسموك شيوعياً!

لماذا؟! لأن الجماهير المؤمنة تجد في فكر علي وقوله وعمله ما يحييها ويعيد عزتها، فهم حينما ينظرون إلى عظيم أعمال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) محاولين محاكاتها: يقولون: هذا رسول.

وعلي سلام الله عليه كان رجلا مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، واستطاع أن ينقل الشريعة من شريعة صامتة إلى شريعة ناطقة، حيث قال: هذا كتاب الله الصامت؛ وأنا كتاب الله الناطق.

والذي يخافه الكثيرون اليوم أن تعود روح علي من جديد!

* المنبر: هل تؤمنون بأن الإمام على (عليه السلام) والإمام الحسين (عليه السلام)، لا يزالان مظلومين؟

- مازال الظلم قائماعلى آل البيت حتى اليوم وهذا الظلم لن يزول بسهولة، وستبقى هنالك فئة تحارب الآل لأن وجودهم يعني وجود العدل والأمن بالعالم وهنالك من يحارب هذا العدل وهذا الأمن!

* المنبر: هناك إشكالية في يوم عاشوراء ربما تطرقتم إليها في خطبتكم الميمونة، ولكن السؤال هو: أيجوز الاحتفال في يوم عاشوراء؟ يعني ما الواجب علينا أن نفعل؟ أنفرح أم نحزن؟ هل الحديث عن صيام يوم عاشوراء حديث صحيح أم موضوع وضعه الأمويون نكاية بسبط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

- حتى نكون حياديين، فإنني أرى أن يوم عاشوراء هو يوم الانتصار على الفراعنة، قد انتصر موسى (ع) فيه على فرعون أمته، وقد انتصر فيه الحسين (عليه السلام) على فرعون هذه الأمة. وأقول أنه سلام الله عليه انتصر رغم هزيمته الظاهرية على أرض المعركة، لأنني إن سألت الناس اليوم عن قبر يزيد أو أبناء يزيد أو آثار يزيد أو صرخت وقلت: أروني أين يزيد؟! فإن أحدا لن يقدر على جوابي، أما إن سألت: أروني أين الحسين؟ فإن كل الناس سيشيرون إلى قلوبهم قائلين: إنه ها هنا!

لقد اتخذت هذه الرمزية الرائعة جداً، واعتبرت أن يوم عاشوراء هو يوم تجدد الموقف بين الحق والباطل، انتصر الله فيه بالحق على الباطل، بموسى على فرعون، وبالحسين على يزيد وهو فرعون هذه الأمة.

إن القضية ليست قضية أكل وشرب، ولا بكاء ونواح، إنما هي قضية مبدأ وعقيدة، قضية انتصار وشهادة، فلماذا لا نستثمر هذا اليوم ونحو له إلى يوم تتفق فيه الأمة على إسقاط فراعنتها؟!

إن الأصل الثابت في يوم عاشوراء أنه اليوم الذي نجّى فيه الله تعالى موسى وقومه من فرعون وقومه، ولكن أن يصبح هذا اليوم طبغ الحلوى والتوسعة على العيال، فأعتقد أنها عملية لصيقة جاءت من النواصب لإبعاد هذا اليوم عن هدفه الذي أوجد لأجله.

* المنبر: إن الوهابية لا تزال على موقفها بشأن عاشوراء، هي تحث الناس على صيامه، وتدافع فيه عن يزيد، وتكفر فيه المحيين قضية سيد الشهداء (عليه السلام) لأنهم يلعنون يزيد! بل إنهم هاجموا حتى مشايخ السنة الذين لهم موقف معاد ليزيد! ما الرأي عندكم؟ وما هو موقف أهل السنة الحقيقي من يزيد لعنه الله؟

- الذي أعرفه أن الوهابية لم تكفر الشيعة فقط، إنما كفرت السواد الأعظم من المسلمين حتى من السنة، فقد كفرت الصوفية وقد كفرت الكثير من أئمة المذاهب وهم فئة تغطت باسم السلف أي السلفية.

أما قضية يزيد فاقرأ كتب السنة بأجمعها واقرأ خطب معاوية بن يزيد نفسه، هذا الرجل الصالح الذي تكلم عن أبيه وجده بما فيه الكفاية ومن خلال كتب السنة لا كتب الشيعة.

سترى عندها أن هنالك الكثير من علماء السنة الذين التزموا مذهب السنة الحقيقي ولم يكن أيا منهم راضيا عن يزيد بأي شكل من الأشكال، ولم يعتبروه خليفة للمسلمين يوما، فهوالذي أدخل الساحة الإسلامية في ضياع الملك العظيم. وقد قلتها في خطبة الجمعة يوما حينما قلت لمعاوية: (أنت صحابي لن أتكلم عنك، ولكن لك موقف أمام الله سيسألك عنه؛ لم وضعت هذا الولد، على هذه الأمة حتى فرق كلمتها وقتل خير شبابها)؟! نعم... هذا ما قلته وهو كاف.

أما الذي يقول أن الحسين قتل نفسه؛ فأعتقد أن خصمه سيكون محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم القيامة!

* المنبر: أنتم تتحدثون عمّن حرّف من مسار الإسلام الأصيل، فهل تنسحب إدانتكم إلى الخلفاء الأوائل أيضا، أم أنكم تنطلقون فقط من يزيد لعنه الله؟

- أنا لا أعطي العصمة للصحابة رضي الله عنهم اجمعين، فهم يخطئون ولكنهم لا يصرون على خطأ. وقد كان موقف علي (ع) من عثمان موقف الشهم العظيم حينما أرسل الحسن والحسين إلى باب عثمان، وقال لا تتركا عثمان حتى ولو قتلتما دونه، لقد قام سيدنا علي (عليه السلام) بعمل يجب أن أقوم به أنا وأنت، لم؟! لأن سيدنا علي (عليه السلام) كان يجب أن يحفظ دماء المسلمين ما استطاع، كما كان يدخل إلى عثمان وينصحه فيقدر عثمان أن يقف موقفا وجهه إليه سيدنا علي سلام الله عليه، وما أن يخرج حتى يدخل عليه مروان وجماعته ليحولوا هذا الرجل عن الفكر الذي بثه فيه سيدنا علي بصدقه وصفائه. وأنا الذي أعتقده أن سيدنا عثمان أخطأ ولكنه لم يصر على خطأ والدليل أنه كان حينما يجتمع بسيدنا علي (عليه السلام) يتراجع وحينما يبتعد عنه سيدنا علي (عليه السلام) يضيع. الحقيقة كان يجب أن تكون هناك ومجموعة من تلك الأمة تأخذ على يد عثمان وتعطي الحق لسيدنا على (عليه السلام) ليتابع المسيرة ولكن أقف الآن وأقول: (وكان أمر الله قدرا مقدوراً). لكنني لا أغيب الحق بأن سيدنا علي كان ذلك الناصح الصادق الصبور الذي أراد بالأمة ألا تتفرق ووضع دم الحسنين سلام الله عليهما على فوهة القتل، حتى لا يقتل واحد من الصحابة، والعجب من هؤلاء القتلة الذين قتلوا سيدنا الحسين وقتلوا سيدنا علي عليهما السلام! ولكن لعن الله اليهود أينما كانوا ومن أخذ بآرائهم ومن سار على دريهم!

* المنبر: هل نفهم من كلامكم هذا ومن خطبتكم الكريمة أنكم تدينون جمعاً من الصحابة وتجوزون الخطأ عليهم؟ وهل نفهم أيضا أنه ثمة ظلم وقع على أهل البيت (عليهم السلام) منذ يوم السقيفة؟!

- أولا، لا أستطيع الآن أن أحاكم الصحابة، ولا أن أدين. ولكن أنا لا أعطيهم العصمة فهم يخطئون، انتبه إلى ذلك جيداً، إنهم يخطئون، ليسوا معصومين. ليس هناك صحابي معصوم. ولكن هل كان خطؤهم عن إصرار؟ أم عن وقوع في أمور واجتهادات أنا لم أكن في ميدانها آنذاك؟ صحيح أنه كان هناك خطأ في حق سيدنا علي (عليه السلام) منذ يوم السقيفة، وهذا الخطأ لا يمكن أن يتجاهله أي مخلوق في الأرض، حينما يرى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والي من واله وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله).

وأنا الذي أعتقده يقينا، أن أبابكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح، لم يعادوا يوما سيدنا علي وهذا نهج البلاغة يحدثنا عن خطب سيدنا علي (عليه السلام) فيهم جميعاً. ولكن هل هناك خطأ ارتكبوه في حق سيدنا عليه (عليه السلام)؟!

نعم هناك اجتهاد ارتكب منهم في حق سيدنا علي ولكنه سلام الله عليه أعطانا رمزاً من رموز التسامح العظيم في هذا المبدأ. فلذا لا يمكن أن أقف هنا مع تشتطير كلمة الأمة في حق الصحابة أو في حق سيدنا علي، إنما أقف فيمن أزاحوا سيدنا على وأقول أنهم أخطأوا وقد اعترفوا بخطئهم، وكذلك الذين قاتلوه فقد قالت عائشة أم المؤمنين: (ليت لي عشرة من الولد ضربت أعناقهم ولم أخرج عليك أبا الحسن).

وأنا في هذا النص أناقش الذين يقولون بأنهم لم يخطئوا، فأقول: لماذا كان الاعتذار من أم المؤمنين إذن وحقيقة علينا أن نقرأ التاريخ قراءة صحيحة لا نعطي فيها العصمة والقداسة لأي أحد بعد الأنبياء صلوات الله عليهم ومن حفظهم ربي بحفظه الخاص، كما أن سيدنا على (عليه السلام) قد سئل: لم سكت على أبي بكر وعمر وعثمان وأعلنت حربك على معاوية؟

(أنصحهم ويسمعون، ونصحت ولم يسمع لي فحقه عليّ أن أقف مقاتلا في سبيل الله والله لو خرجوا كما خرج لقاتلت كما قاتلت).

فإذا سيدنا علي في سكوته الأول كان ناصحاً ولم يسكت، إن كان البعض يظن سيدنا علي (عليه السلام) انسحب في الأول.. لا.. كان ناصحاً وكانت تسمع نصيحته وهذا (سيدنا) عمر يقول: (لولا علي لهلك عمر) فكان سيدنا علي هو الناصح الصادق ولكنه حينما ابتلي بالخلافة كان لابد له من اتخاذ هذا الموقف ضد معاوية.

وفي الحقيقة لقد ضيّع حق سيدنا علي فيمن عرفه من قربه ولم يعرفه من قربه، لأنهم حجبوا الخلافة السياسية عن الخلافة الشرعية، لقد صب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في صدر مولانا علي علوماً لم يصبها في صد رأي من البشر، وقد ظلم سيدنا حتى في هذه الحقائق التي أودعت في صدره فما وجد لها صدرا يحملها وهذا ما قاله لسيدنا الحسن وسيدنا الحسين وسيدنا زين العابدين، فكان كل واحدٍ منهم يضرب على صدره ويقول: (آه.. إن هاهنا علوما جمّاً)!

هذه العلوم التي وضعت في صدورهم لم تجد لها أوعية عند الناس فكتمت في صدورهم إلا عند الخواص. وأعتقد أنه يجب أن تكون لنا وقفة ضد الظلم الذي لاقاه سيدنا علي (عليه السلام) والظلم الذي لاقاه سيدنا الحسن (عليه السلام) والظلم الذي لاقاه سيدنا الحسين (عليه السلام) والظلم الذي لاقاه سيدنا الحسين (عليه السلام) حتى نستطيع مقاومة الظلم في كل مكان.

* المنبر: وماذا عن نظرية عدالة الصحابة؟

- أنا أرى أن الصحابة ينقسمون إلى أقسام، قسم أشار إليهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والقرآن الكريم فهم عدول وليس معنى عدول أنهم لا يخطئون. إذ ليس هناك معصوم بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى آل البيت فانني أقول عنهم أنهم محفوظون، لأن الله أثبت في القرآن أنه أذهب عنهم الرجس فقط، ولهذا أفرق بين العصمة والحفظ، العصمة للرسالات فقط، والحفظ لمن ورثوا الرسالات.

وأنا أستنبط من قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) كما أستنبط هذا من قوله تعالى: (ولقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) ومن رضي الله عنه لا يسخط عليه أبدا، فهذا محفوظ وهذا محفوظ.

* المنبر: هل معنى كلامكم أن أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم يمكن أن يخطئوا؟!

- بالنسبة لهم إذا أخطأوا لا يتركهم الله على خطأ، إنما يوضح لهم معالمه، كما أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اجتهد في أمور فقال له الله عزوجل (عفا الله عنك لما أذنت لهم، وتخفي في نفسك ما الله مبديه). فلا يترك الله آل البيت يخرجون من الدنيا إلا في نقاء كامل. نعم.. لا يبقى عليهم خطأ لأن الله يستدد لهم أمورهم.

* المنبر: ما هي موقعة أهل البيت (عليهم السلام) في الشريعة، هل لهم أثر تعبدي أو تشريعي طريقي؟ - أهل مكة أدرى بشعابها، وآل البي أدرى بأسرار بيت النبوة، أما عندنا في طريقة التصوف فما من طريقة صوفية إلا وفي سندها علي بن أبي طالب، لأننا نسميه، (مصدر الحقائق النبوية)، حتى سيدي الوالد يقول: يا ولدي إن سيدنا على (ع) أبو الحقائق، ودائما من حمل الحقيقة ابتلى كثيراً، فهو الذي عرف الحقيقة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وسيدنا علي ابتلي لأنه عرف الحقائق على حقائقها، فلذلك ترى الطريقة القادرية والطريقة الرفاعية والطريقة النقشبندية كلها تمر بالسند المتصل إلى سيدنا جعفر الصادق ثم سيدنا زين العابدين ثم سيدنا الحسين إلى سيدنا علي (عليهم السلام) أجمعين. وأحياناً يدخل عبد الرحمن بن أبي بكر في بعض الطرق، ويحضرني الآن أن أذكر أن الشيخ الأكبر في الفتوحات المكية رحمه الله قد ألف كتابا قيما وكم أتمنى أن يقرأ الشيعة والسنة كتاب هذا الرجل العجيب وقد رأيته يدرس في جامعة الإمام الصادق (عليه السلام) في غيران ولم أجده يدرّس في أية جامعة إسلامية أخرى في العالم، بل منعت طباعته في عدد من البلدان الإسلامية! والشيخ الأكبر يعتبر مالكيا ثم صار مجتهداً يتكلم عن مقام سيدنا علي (عليه السلام) بكلام لم أجد أروع منه في أي كتاب آخر.

* المنبر: ما مقامه (عليه السلام) عنده؟

- الشيخ الأكبر يقدم لسيدنا علي - لمعرفته الحقائق الإلهية - على الجميع. وأنا مذهبي مذهب الشيخ الأكبر محيي الدين العربي، فعلي (عليه السلام) هو مصدر الحقائق وسيد الأولياء وهو مقدّم على الكل.

* المنبر: نعود من جديد لنسأل عن موقعية أهل البيت (عليه السلام) في الشريعة؟

- لكي نعرف موقعيتهم يكفي أن نقربأنه لا تقبل صلاة مسلم ما دام لم يصل على محمد وآل محمد عليهم السلام، فقد قال الإمام الشافعي: (من لم يصل عليكم لا صلاة له).

ولكن الحكام الذين تعاقبوا على بلاد الإسلام، حاولوا أن ينقصوا من قدر أهل البيت عليهم السلام، فوضعوهم في مرتبة واحدة مع الصحابة، مع أن القرآن وضعهم في منزلة أعلى من كل الصحابة، وهذا لا ينكره أحد. عموماً.. اصغر واحد من آل البيت؛ أعلى من أعلى صحابي وهذا شيء نعتقده ونقربه نحن أهل السنة.

* المنبر: شيخنا الجليل.. أنتم تعلمون بأن قضية مظلومية الزهراء صلوات الله وسلامه عليها هي المحور الذي تدور حوله مظلومية أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام)، ونحن نجد أن الطرف المقابل لطرف المظلومية، هم أهل السقيفة، أبوبكر وعمر خصوصا، وهناك علماء سنة يرون أنهما أخطأ خطأ فادحا بحق الزهراء (عليها السلام)، فما رأيكم؟

- أرى أن ابابكر اجتهد في مسألة منع الزهراء (عليها السلام) إرثهما، ولذا فهي لم تظلم في قضية الإرث، بل كان الأمر أكبر من ذلك في موقفها من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد كانت ترى أن لعلي حقا وأن لأبنائها حقاً وأن لآل البيت حقاً قد انتزعه القوم، وهذا صحيح، ولا يستطيع أحد أن يقول بنفي ذلك، ولكن قضية الميراث أتوقف بها عند سماع أبي بكر للنص.

وسيدنا علي (عليه السلام) لم يعترض على هذا النص، أما سيدتنا الزهراء (عليها السلام) فقد سمعت نصا آخر وطالبت بهذا النص، فلا أرى في القضية ظلما، ولا أريد أن أثير هذه القضية بالذات لأن الزهراء (عليها السلام) لم تكن طالبة دنيا، إنما كانت باحثة حق الميراث.

فقضية الميراث هذه ليست المحور ولكني أرى قضية الخلافة وقضية استشهاد سيدنا علي (عليه السلام) وسيدنا الحسين (عليه السلام) هي المحور الأهم والأكثر تأثيراً في حياتنا.

* المنبر: تحدثتم في خطبتكم عن أن بعض أرباب التواريخ طمسوا بعضا من الحقائق محاباة لهؤلاء الأمراء، وأن من جاء بعدهم من المؤلفين فعلوا فعلتهم مداهنة للجمهور ودرءا لانتشار التشيع بالتأثر.. من هم هؤلاء؟ وما هي كتبهم؟ وهل لديكم أمثلة ومصادر على ما ذكرتم؟

- الذي أعتقده أن أكثر الكتب التي ألّفت في تفسير الحديث - وهي الظاهرة التي بدأت في الدولة العباسية - حاولت ألا يظهر فضل آل البيت خوفا من الحاكم، حيث كان الحكام - آنذاك - حريصون على إظهار فضل بني العباس وفضل الصحابة فقط. هذه مشت مع التاريخ وصارت من المسلمات، أرأيت اثر العمل السياسي في اعتقال الحق؟!

ونحن الآن كشيوخ دين في ساحة السنة أو الشيعة، أتساءل: هل نحن نقود الجاهير؟! أم الجماهير تقودنا؟! إذا اردنا الحقيقة، هناك الكثير منا يخاف الجمهور والدليل على ذلك أن هذه الخطبة التي تذكرني بها، على إثرها تلقيت العديد من الاتصالات التي سألني اصحابها: هل قمت حقا بسبّ الصحابة؟! هل شتمت عائشة؟

مع أني لم أذكر عائشة (رضوان الله على عائشة)، إنما تصوّر الطرف الآخر المتعصب أو الذي لا يريد إظهار الحقائق أني أعادي الصحابة، ولكنني لا اعاديهم بيد أني أقول الحقيقة.

وكما أنكم ترجون من السنة أن يكونوا منصفين مع آل البيت (عليهم السلام)، فإنني أرجو منكم أن تلتزموا الأدب مع الصحابة ولا تشتمونهم، وهذا ما لمسته في عدد من الأخوة الشيعة مثل حسن نصر الله والنعماني، وكثير من القادة حيث بلغني أن الشيخ حسن نصر الله يقول: يجب أن نلتزم الأدب في ألسنتنا حينما نذكر أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومع وجود الخطأ يجب أن نعبر عنه دون أن يكون في كلامنا شطط عن أحد.

وهذا ما أرجوه من الطرفين، السنة في احترامهم لأهل البيت واعتقادهم بهم، والشيعة في الوقوف موقفا ليس فيه تنقيص للصحابة أو شتما لهم، أما يزيد وأمثال يزيد، هؤلاء أناس لا خلاف بيننا على وصفهم، هنالك بعض المتطرفين يقولون: رضي الله عن يزيد! يا أخي، إذا كنت حياديا مسلما تجد أن من استحل مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن قتل ريحانته هو فرعون هذه الأمة كما كان ذاك فرعون تلك الأمة!

* المنبر: كأنكم ذكرتم أنكم تلقيتم صفعات بسبب الخطبة العاشورائية التي دافعتم فيها عن مظلومية أبي عبد الله الحسين (عليه السلام).. ما هي تلك الصفعات؟

- عشرات المنابر بدأت تتهم مفتي حلب بعدائه لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو رأوا في غير ذلك لتكلموا ولكن لن يستطيع أحد منهم إثبات شيء، لأن الله إذا ما أراد نشر أمر هيأ له.

عند ما قالوا إني شتمت الصحابة اسرع الناس لشراء ذلك الشريط الذي شتمت به الصحابة، فإذا بهم يجدون أني لم أشتم الصحابة إنما أعدت جزءاً من حق الحسين (عليه السلام) والله لم أعد حتى جزءاً يسيراً منه، إنما بدأت بإعادة الحق فقامت الدنيا!

* المنبر: هل هناك دافع روحي ووجداني جعلكم تقدمون على إلقاء تلك الكلمة المدوية، يعني هل أردتم منها إراحة الضمير، وأرواء حبكم الفطري لأهل البيت (عليهم الصلاة والسلام)؟ وهل تعتقدون بأن سيد الشهداء سيكون له معكم موقفا خاصا من مواقف الشفاعة يوم لا ينفع مال ولا بنون؟!

- أنا أعتقد بموقف أتقرب به للزهراء صلوات الله عليها، فحينما أقف مع سيدنا الحسين (عليه السلام)‘ إنما أقف مع أمي الزهراء، وأنا بالنسبة لي أعتقد أني منسوب إلى غبار نعلها صلوات الله عليها، فيا سيدي الكريم، حينما أسمع بالحديث الصحيح، أن الزهراء يوم القيامة تقوم وينادي مناد: (يا أهل المحشر غضوا أبصاركم لتمر فاطمة وبنوها). فهنا أقول: يا أماه! أنا في ظلال نعلك، وأفتخر بذلك! (أجهش الشيخ بالبكاء).

وقد كنت بالأمس في درس مولاتنا زينب عليها السلام وقلت: أنا ضيف زينب بنت بنت محمد.. وعلى الكريم كرامة الضيفان. وهنالك كنت أفسر سورة التوبة وقد ورد بها حديث صحيح: (لا يبلغ عني إلا رجل من أهل بيتي). فأسأل الله بحق آل البيت أن يجعلنا في ظلالهم.. ولي كل الأمل والرجاء.

* المنبر: ما هي نصيحتكم للسنة، وما هي للشيعة، وما هي للمسلمين جميعا بختلف طوائفهم ومذاهبهم؟

- أما نصيحتي للسنة فأقول لهم: أخوتي؛ كل سني يجب أن يكون شيعيا بالولاء لأهل البيت الأطهار عليهم السلام، فلا سنة دون ولاء، وأقول لكل شيعي: يجب أن تكون سنيا بالاقتداء بسنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم، فهي القدوة. إذا كل سني شيعي بالضرورة، وكل شيعي سني بالاقتداء، إذا كل سني شيعي بالضرورة، وكل شيعي سني بالاقتداء، فكفانا تحزبا، دعونا نرتقي فوق الألقاب المذهبية، يقول تعالى: (هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون).

فلنعد إلى سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومسيرة آله الأطهار ومسيرة صحبه الأخيار، فنجد الدواء الشافي لكل معضلاتنا المعاصرة، بشرط أن نقرأ هذه السيرة بحيادية ودونما تعصب، وبذلك نستدل على سفينة النجاة، إن شاء الله تعالى.

 

 

 (10) بيان السيد محمد باقر الناصر

بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى: ﴿لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعاً عليماً﴾ إلى علماء البلاد والوجهاء والأساتذة والنخب والمسؤولين, وإلى جميع أبناء وطني من السنة والشيعة أوجه كلمتي هذه وأنقل لكم بكل شفافية معاناة أتباع المذهب الجعفري الشيعة في محافظة الخبر من تجاوزات وتعدي بعض المسؤولين الإداريين والأمنيين, لقد رفضت شخصياً طوال عامين التعامل مع وسائل الإعلام, وحرصت على التواصل مع المسؤولين والآن بعد أن حفيت أقدامنا في هذا الطريق وبروح ملؤها الإحباط واليأس أجد نفسي مجبراً على إعلان ما يلي :

أولاً/ إن الشيعة في جميع أنحاء البلاد وخصوصاً في المنطقة الشرقية هم جزء من هذا الوطن الكبير ومن أشد فئات الشعب ولاء وانتماء لهذا الوطن الغالي , وقد اثبتوا ذلك في الأزمات التي مرت بها البلاد بثباتهم وصمودهم , ومن المعيب أن بعض المسؤولين يحاول بالتقارير الكاذبة التشكيك في ولائهم أو وطنيتهم. لقد عمل الشيعة في مرافق الدولة الحساسة وخدموا البلاد بصدق وأمانة, وكما أن عليهم واجبات ينبغي أن يؤدوها لهم حقوق ينبغي أن تحفظ وتصان.

ثانياً/ لقد منعنا منذ قرابة العامين من إقامة الصلاة التي هي عمود الدين, وعندما أصررنا على إقامة الصلاة وأدائها قبضوا على وجهائنا وشبابنا وزجوا بهم في السجون , وطوقوا أماكن العبادة بالدوريات بحجة أنها غير مرخصة, علماً أن هذه المصليات قديمة وبعضها يعود إلى قرابة الخمسين عاماً, وأنهم لا يمنحوننا ترخيصاً لبناء المساجد.

ثالثاً/ إننا الآن وبعد إغلاق مصلياتنا الثلاثة في محافظة الخبر, صرنا نقيم الصلاة في المنازل كل يوم في بيت بخوف وحذر وكأننا نرتكب جرماً أو محرماً من المحرمات, وتقوم شرطة البحث الجنائي يومياً بمراقبتنا ومطاردتنا, وبين فترة وأخرى يسدون علينا مكاناً ويستدعون صاحب البيت ويجبرونه على التعهد بعدم فتح بيته لإقامة الصلاة , وقد أخبرناهم مرراً أن الصلاة فريضة لا يمكن أن نتوقف عن إقامتها, وأن البيوت إذا كانت غير مرخصة فليمنحونا مكاناً مرخصاً نصلي فيه.

رابعاً/ بالأمس الأول الاثنين 13 ربيع الثاني 1431, قامت إدارة البحث الجنائي التي لم تدخر جهداً طوال هذه المدة في التضييق علينا واستفزاز المواطنين بالقبض على كوكبة من أبرز وجهاء الخبر الشيعة والزج بهم في السجن العام بالخبر, وهم من البيوتات المحترمة والشريفة, وتم استدعاء مجموعة كبيرة أخرى لإمضاء تعهدات والتزامات لا تنتهي حول إقامة الصلاة والمآتم الحسينية . إن هؤلاء أناس محترمون ولعلهم لم يروا مخافر الشرطة من قبل, ولهم مكانة اجتماعية, وسجنهم لإقامة الصلاة ومناسبات أهل البيت (ع) مع المجرمين إهانة لكافة المجتمع الشيعي. إننا نعلنها صراحة عملاً بتكليفنا أننا ندين هذا العمل اللامسؤول, ونستنكر بشدة هذا التمييز الطائفي, ونطالب المسؤولين بالتدخل السريع وإطلاق سراحهم, وتوجيه إدارة البحث أن توفر جهدها للمجرمين ومروجي المخدرات والفواحش .

خامساً/ طوال المراجعة للمسؤولين كان المسؤولون يوجهوننا دائماً إلى الصلاة في المساجد مع بقية المسلمين, إلا إننا كنا نعلم أن المتطرفين لا يسمحون لنا, ولكن عندما ضاقت علينا الأرض برحبها بسبب التضييقات الأمنية , صلينا في المسجد المجاور تماماً لمصلانا المغلق, وبتصريح خطي من مدير البحث الجنائي نفسه, إلا أن القائم على المسجد جمع جماعة من المتشددين, ومنعنا من أداء الصلاة, مع أننا كنا نصلي بإمامة إمام المسجد, وقال: إنني بنيت المسجد لأهل السنة والجماعة, والدولة لم تساهم فيه بشيء, وأطفأ أنوار المسجد, فخشينا وقوع الفتنة وبادرنا إلى الخروج . وبدلاً من أن يعاتب هذا الرجل صدر الأمر من الإمارة بناءً على توصية من إدارة الأوقاف بمنعنا من الصلاة جماعة في مساجد أهل السنة, بل تضمن القرار المنع حتى من الصلاة مع أهل السنة في جماعتهم إذا كنت تريد الالتزام بأحكام المذهب الشيعي, وعليه إذا أردنا الصلاة علينا أن نتفرق في المساجد وأن نصلي بدون العمل بأحكامنا الفقهية الخاصة .

سادساً/ إن الصلاة وعبودية الله عزوجل وحب أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وإحياء شعائرهم متجذرة في عمق وجودنا, ولن يستطيع أي مخلوق أن يمنعنا من ممارستها, ولن يزيدنا منعه إلا إصراراً عليها وتمسكاً بها, وإذا كان يعتقد بأننا كفار ولا صلاة لنا فهذا شأنه, ولكن أقولها وبملء الفم: سيبقى شيعة الخبر الطيبون محافظين دوماً على إقامة صلاة الجماعة وإحياء مناسبات أهل البيت عليهم السلام مهما حصل . أسال الله تعالى أن يرفع الحيف عنا, وأن يوحد قلوب المسلمين, وأن يصون بلدنا من كل مكروه .

السيد محمد باقر الناصر 1431/4/15 محافظة الخبر

 

 

(11) ظاهرة تشيع علماء السنة ومثقفيهم استوقفتني!!

 

إن قصة الانتقال في العصر الحاضر من السنة إلى الشيعة

زادتني حيرة وتأملا وتفكرا في هذا المجال العقائدي،

فصرت أتساءل مع نفسي ما هذا الانتقال الضخم؟ والتحول الهائل؟

من التسنن إلى التشيع،

من علماء أهل السنة ومثقفيهم ولم أجد العكس..!! لماذا..؟!!

فقلت لو لم تكن الأدلة مقنعة لما انتقل هؤلاء بهذه الكثرة وتركوا التسنن وأصبحوا شيعة والكل كتبوا تجربتهم في هذا المجال سأذكر قسما من هؤلاء الذين انتقلوا من مذهب السنة إلى مذهب الشيعة.

1 - الشيخ الحلبي الذي تخرج من الأزهر الشريف وأصبح قاضيا للقضاة في حلب وهو (الشيخ محمد مرعي الأمين الأنطاكي) الذي ألف كتاب) لماذا اخترت مذهب الشيعة مذهب أهل البيت عليهم السلام، وأخوه الشيخ (أحمد مرعي الأمين الأنطاكي الذي ألف كتاب (في طريقي إلى التشيع).

2 - الدكتور التونسي (محمد التيجاني السماوي) الذي ألف ستة كتب في هذا المجال منها (ثم اهتديت) وكتاب (لأكون مع الصادقين) وكتاب (فاسألوا أهل الذكر) وكتاب (الشيعة هم أهل السنة) وكتاب (إعرف الحق) وكتاب (كل الحلول عند آل الرسول.

3 - المحامي الأردني، (أحمد حسين يعقوب) الذي ألف عدة كتب في هذا المجال (مرتكزات الفكر الشيعي) وكتاب (نظرية عدالة الصحابة) وكتاب (المواجهة مع رسول الله صلى الله عليه وآله)، وله كتب أخرى.

4 - (أسعد وحيد القاسم)، فلسطين، لديه شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية، والماجستير في إدارة الإنشاءات، كان على مذهب أهل السنة، وتشيع وألف كتاب (حقيقة الشيعة الأمامية الاثني عشرية) مطبوع وذكر قصة تشيعه.

5 - (صالح الورداني)، كاتب مصري، كان على مذهب أهل السنة فاستبصر وتشيع وله عدة مؤلفات مطبوعة، منها : (الخدعة) وكتاب (رحلتي من السنة إلى الشيعة) وكتاب (أهل السنة، شعب الله المختار) وكتاب (عقائد السنة، وعقائد الشيعة) وكتاب (زواج المتعة حلال عند أهل السنة) وكتاب (دراسة في فساد عقائد أهل السنة).

6 - (إدريس الحسيني)، كان على مذهب أهل السنة فتشيع، له عدة مؤلفات مطبوعة منها : (لقد شيعني الحسين) أو الانتقال الصعب في المذهب والمعتقد.

7 - (الشيخ معتصم سيد أحمد)، من السودان ألف كتاب في هذا المجال (الحقيقة الضائعة) و (رحلتي نحو مذهب آل البيت) مطبوع.

8 - الشيخ الأردني (مروان خليفات)، الذي تخرج من كلية الشريعة الإسلامية، جامعة اليرموك وألف كتاب في هذا المجال (وركبت لسفينة) مطبوع.

9 - السيد (محمد الكثيري)، من المغرب العربي وقد ألف كتابا في ذلك هو (السلفية بين أهل السنة والأمامية).

10 - الأستاذ (سعيد أيوب المصري)، صاحب كتاب (معالم الفتن) والذي يقع في مجلدين كبيرين وهو من الكتب التي تعالج موضوع الخلافة بأدلة قوية وباع طويل وثقافة عالية، وله كتاب أيضا (عقيدة المسيح الدجال في الأديان) وكتاب (الانحرافات الكبرى القرى الظالمة في القرآن).

11 - الأستاذ (عثمان جاسم مرعي المصري)، صاحب كتاب (الشيعة في مصر)، وهو من الكتب التاريخية والإحصائية المفيدة والنافعة.

12 - الأستاذ المهندس (محمد عبد الحفيظ المصري)، صاحب كتاب (لماذا أنا جعفري).

13 - الأستاذ (موسى صالح الفلكي)، صاحب كتاب خواطر ومشاهدات حيدرية وقد طبع هذا الكتاب في القاهرة وقدم له العلامة الفاضل السيد حسين الضرغامي عالم الشيعة المعروف في القاهرة اليوم وهو من العلماء المتشيعين أيضا.

14 - الأستاذ (صائب عبد الحميد) وهو من مدينة عانة في العراق وقد انتمى إلى مذهب الشيعة الإمامية وله عدة كتب مطبوعة منها : (منهج في الانتماء

المذهبي، حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي، ابن تيمية وغيره)...

15 - الأستاذ (عبد المجيد تراب زمزمي) وهو أستاذ رياضيات في سويسرا ومتخصص في علوم التنمية (جامعة جنيف)، وأصله من تونس ومقيم حاليا في سويسرا وله كتاب مطبوع وهو (الحرب العراقية الإيرانية – الإسلام والقوميات، قدم له المفكر الفرنسي المسلم روجيه غارودي).

16 - العلامة السيد (حسين الضرغامي) الحاصل على شهادة العالمية من الأزهر والذي انتمى إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام على يد المرحوم السيد الخوئي (قدس سره) في جامعة النجف الدينية ومنها رجع إلى القاهرة ليمارس نشاطه الديني هناك.

17 - الدكتور (زهير غزاوي) وهو من فلسطين صاحب كتاب (المؤسسات الدينية والقضية الفلسطينية) ابن باز مثالا وله مقالات علمية نقدية هادفة.

18 - المرحوم الدكتور (حليم صديقي) وهو من الباكستان، وكان يرأس البرلمان الإسلامي في بريطانيا وكان (رحمه الله) كثير الانفتاح على الشيعة وأفكارهم ويمتاز بالاعتدال والنضج في الأفكار.

19 - الأستاذ المرحوم (فتحي رضوان) رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان وقد كتب كثيرا في الصحف المصرية أيام الحرب بين العراق وإيران ودعا التيار

المتطرف من الكتاب إلى الاعتدال وعدم الانجرار وراء الأهواء والدولار وطالب شيخ الأزهر أن يزور إيران ليعرف الحقائق عن كثب فإن السياسة زورت الحقائق.

20 - الأستاذ (محمد حسن محمد العباسي)، صاحب كتاب البعد الدولي لاغتيال الإمام باقر الصدر - قصة الصراع بين الإسلام والاستكبار - المطبوع بالقاهرة عن دار الفتح الإسلامي سنة 1986، وقد نشرته دار البداية للنشر والتوزيع بالقاهرة - ومؤلف الكتاب من مواليد دمياط في جمهورية مصر العربية وهو ليسانس آداب قسم اللغات الشرقية وله كتاب آخر هو (الإجابات المعمقة لوئد الفتنة بين الشيعة والسنة).

21 - الأستاذ الدكتور (فهمي الشناوي)، وهو من الرموز الإسلامية العاملة في القاهرة.

22 - الدكتور (محمد ميشال غريب)، الذي كان مسيحيا مارونيا ثم اعتنق الدين الإسلامي على مذهب أهل السنة سنة 1978 وهو يناصر الشيعة ورموزهم وقد كتب عن ذلك في كتابه (إسلامي العقلاني) المطبوع في بيروت عام 1992 وذكر أنه تربى على نهج البلاغة.

23 - (الدمرداش العقالي المصري)، القاضي والمستشار في مصر الذي هو من دعاة التشيع في القاهرة حاليا.

24 - (السيدة صافيناز كاظم)، الكاتبة المثقفة المعروفة في الأوساط المصرية والعربية بقلمها الإسلامي المسؤول وأفكارها النيرة.

25 - الأستاذ الشيخ محمد عصمت بكر المصري صاحب كتاب (عبد الله بن عمر بين السياسة والدين) المطبوع في بيروت سنة 1993، وعلم أصول الدعوة إلى الله.

26 - سماحة العالم والخطيب والمناظر السيد علي البدري، له خدمة واسعة في نشر مذهب أهل البيت عليهم السلام بعد أن تشيع فطاف العالم وهو يعقد المناظرات المتعددة وقد ضمنها كتابا ضخما في طريقه إلى المطبعة تحت عنوان (أحسن المواهب في حقائق المذاهب).

27 - الكاتب السوداني الأستاذ عبد المنعم محمد الحسن وله كتاب (بنور فاطمة اهتديت).

28 - الشيخ محمود أبو رية، عالم أزهري وكاتب مصري له كثير من الكتب والإبداعات من بينها (أضواء على السنة المحمدية) وكتاب (أبو هريرة شيخ المضيرة).

29 - الشيخ عبد الله ناصر من كينيا، تشيع بعد أنكان من كبار مشايخ الوهابية وله كتب عديدة في هذا المجال : (الشيعة والقرآن) وكتاب (الشيعة والحديث)

وكتاب (الشيعة والصحابة) وكتاب (الشيعة والتقية) وكتاب (الشيعة والإمامة).

30 - الشيخ سليم البشري، وهو من علماء أهل السنة والجماعة، قد تزعم مشيخة الأزهر الشريف مرتين في حياته، وقد جرت بينه وبين العالم الشيعي السيد عبد الحسين شرف الدين حوارات متعددة جمعت في كتاب يسمى (المراجعات) وقد أسفر هذا الحوار عن تشيع الشيخ سليم البشري فقد صرح في أول محاورة

أنه غير متعصب بقوله : (إنما أنا نشاد ضالة، وبحاث عن حقيقة، فإن تبين الحق، فإن الحق أحق أن يتبع، وإلا فأنا كما قال القائل : نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف، وبعد الحوار قال : صرح الحق عن محضه، وبان الصبح لذي عينين، والحمد لله على هدايته لدينه والتوفيق لما دعا إليه من سبيله).

31 - المحدث الجليل أبو النفر محمد بن مسعود بنعياش المعروف بالعياشي، كان من كبار علماء السنة قبل تشيعه وهو يعد من كبار علماء الشيعة الإمامية

له تفسيره المأثور (تفسير العياشي).

32 - الأستاذ السيد (حسين الرجا)، من دير الزور (قرية حطلة) والذي ألف كتابا في هذا المجال (دفاع من وحي الشريعة ضمن دائرة السنة والشيعة) والمطبوع في بيروت (مؤسسة السيدة زينب الخيرية) عام 1999.

33 - الأستاذ السيد (عبد المحسن العبد الله السراوي)، من محافظة الحسكة في سوريا رئيس ديوان مديرية أوقاف محافظة الحسكة سابقا وهو الآن يواصل دراسته الحوزوية في منطقة السيدة زينب عليها السلام بدمشق له كتاب فقهي جليل هو (القطوف الدانية في المسائل الثمانية)، مطبوع، وغيره من الكتب العلمية المفيدة.

34 - الأستاذ (ياسين المعيوف البدراني)، من محافظة دير الزور السورية على شاطئ الفرات صاحب كتاب (يا ليت قومي يعلمون) المطبوع في لبنان عن مؤسسة العارف.[/grade]

والكثيــر الكثيــر

هولاء من كانوا حقاً يبحثون عن الحقيقة دون تعصب فوجــدوها لأن الشمــس ساطعــة

ثبتنا الله وإياكم على حب محمد وآل محمد و ولاية أمير المؤمنين عليه السلام

من يود أن يقرأ كتب أولئك المستبصرين بعد أن وصلوا للحقيقة فهي موجودة هنا

http://www.shiaweb.org/Word/index.html

 

 

(12) آل الحكيم: بعد خسارات فادحة.. هل يصبح عمار المعمم الموعود

رشيد الخيون

http://www.aawsat.com/details.asp?issueno=9532&article=314505#.UR--_jvykqg

 

لأسرة آل الحكيم الطباطبائية، أثر بالغ في المرجعية الشيعية، أسسه آية الله محسن الحكيم. كانت البداية برفقة الحكيم للمجتهد والشاعر محمد سعيد الحبوبي (قتل 1915) في الجهاد ضد الإنجليز، ثم برز بعد وفاة أستاذه محمد حسين النائيني (1936)، وسلسلة من المراجع الكبار بداية من أبي الحسن الأصفهاني (1946)، ومحمد رضا آل ياسين (1950)، ومحمد حسين كاشف الغطاء (1954). وبعد وفاة حسين الحمامي (1959)، وعبد الهادي الشيرازي (1962) «ثنيت له وسادة» المرجعية العليا بالنجف، رغم وجود الموازي في المكانة الفقهية مثل أبي القاسم الخوئي. وحسب مذكرات الشيخ هاشمي رفسنجاني (حياتي، ص 148)، إثر وفاة حسين البروجردي (1961)، أبرق شاه إيران إلى الحكيم معزياً، اعترافاً له بالمرجعية العليا، على الرغم من وجود المراجع الموازين بقم والنجف. قيل إن الشاه أراد بهذه الحركة إبعاد مركز المرجعية إلى العراق، وإبعادها في الوقت نفسه عن عبد الهادي الشيرازي غير المريح له.

وبعد وفاة الحكيم (1970)، لم يتقدم نجله الأكبر آية الله يوسف إلى تولي مهام المرجعية. ذلك لوجود الأعلم والأقدم وهو الخوئي. وكان رده البليغ أن أغلق باب داره بوجه الداعين لمرجعيته. وبعد نقل السلطة الدينية عن آل الحكيم، ظلت الأسرة في مقدمة الأحداث، لما لها من علاقة بتأسيس العمل الحزبي الشيعي، ووجود السيد مهدي الحكيم محرضاً من خارج العراق ضد نظام البعث، بعد اتهامه بالتجسس والحكم عليه بالإعدام. وجاء في «أساطين المرجعية العليا»، أنه عند مشاركة أحمد حسن البكر في تشييع جثمان الحكيم الأب، هتف المشيعون: «سيد مهدي مو جاسوس اسمع يالريس».

قُتل من آل الحكيم العشرات، وآخر قتلاهم كان آية الله محمد باقر، ولم يبق من تلك الوجوه، التي زانت الحوزة الدينية بعلمها، وملأت العمل السياسي المعارض بتحركها غير السيد عبد العزيز الحكيم، الذي تولى مهام رئاسة المجلس الأعلى، بعد إعلان أخيه محمد باقر، حال عودته التفرغ للمرجعية بالنجف. وكان محمد باقر يفكر في استعادة منزلة الأسرة الحوزوية، مع الحرص على وجودها في الهم السياسي ومن مركز السلطة، فعبد العزيز أصبح عضواً في مجلس الحكم، ورئيساً في دورة من دوراته. وأول إجراء له هو تحقيق رغبة الوالد القديمة بإلغاء قانون الأحوال الشخصية، وإعادة سطوة الفقيه، التي خفف منها هذا القانون إلى حد ما، بينما ضمن القانون وحدة قانونية تساعد على تأكيد وحدة العراق. عموماً ان التفكير في الجمع بين السلطتين، الدينية والدنيوية، بهذه الطريقة هو تحقيق شكل من أشكال ولاية الفقيه.

وبعد خسارة أسرة آل الحكيم عميدها، لحظة تركه محراب الصلاة في الروضة الحيدرية، أُعلن عن تأسيس منظمة «شهيد المحراب». وأخذ يبرز عن طريقها نجم رئيسها الشاب صاحب العمامة السوداء عمار عبد العزيز الحكيم، ومن يومها أصبح لا يغيب عن محفل سياسي أوديني، يصرّح ويخطب، ويحضر مؤتمرات الخارج، ليس نيابة عن والده أو عن جهة معينة، بل يفهمك من خطابه أنه يمثل نفسه، ويُعد لدور قيادي موعود. وعرف الحكيم الحفيد بنفسه ذاباً عن انحداره العراقي: «أنا عمار الحكيم، كنت من أولئك الأشخاص، أعيش في إيران. رجعت إلى وطني. كنت صغيراً حينما ذهبت، ولا أعرف أين هي جنسيتي؟ فراجعت الدائرة وطلبتها. وبعد أن راجعوا دفاتر النفوس، وتأكدوا من الاسم والخصوصيات، حصلت على الجنسية العراقية. أنا لست إيرانياً».

عاد عمار إلى العراق، الذي غادره طفلاً، محتفظاً بلسان عربي فصيح، لا تخالطه لكنة إيرانية أو ملائية، مثلما هي واضحة على العديد من الزعامات الدينية. وكان من القلائل بين آلاف الأطفال العراقيين من الذين نشأوا في المهجر الأوروبي أو الإيراني، احتفظوا بلسانه العربي. ونستغرب إذا قارنا خلو لغة ولكنة الحكيم من أي أثر إيراني بمَنْ لم يغادر العراق، ولم تحم حوله تهمة الأعجمية، ويتصدى للزعامة أيضاً. وربما سلامة الخطاب ودماء الشباب جعلا بعض الإسلاميين يتمنون أن يكون عماراً خلفاً لعمه في زعامة المجلس الأعلى.

مَنْ يراقب نشاط عمار الحكيم، عبر وسائل الإعلام، يجده إما يخطب في مؤتمر للتبليغ، أو يعظ أمام حشد نسوي ملحف بالسواد من أجل تطبيق الشريعة في الدستور، أو يترأس وفداً إلى خارج العراق. زار الفاتيكان مشاركاً في تنصيب البابا الجديد، سوية مع سفير العراق هناك البرت يلدا. ولنا أن نحسبها رداً على زيارة وفد الفاتيكان بالمواساة بوفاة الجد، يوم شق القساوسة بثيابهم الدينية الزاهية شوارع النجف. ولم ينس عمار، وهو يخطب في مؤتمر الوحدة الإسلامية إلى جانب رفسنجاني بطهران، أن يُشيد بالصحوة الإسلامية. قال: «وقد تفاجأ العالم وتفاجئنا نحن من مستوى الصحوة». وأن يصف هناك أميركا بالمحتلة، وأن يختم خطابه بالدعاء «لولي أمر المسلمين»، ويعني مرشد الثورة آية الله علي خأمنئي.

تورط عمار الحكيم في تصريحات كادت تعصف بالعلاقة بين الأكراد والشيعة، عندما اعتبر في إحدى خطبه «كركوك» عراقا مصغرا، وهي لكل العراقيين. زار إثرها رئيس الجمهورية جلال الطالباني معتذراً لتأويل كلامه، ولما قال: تكون تسمية البلاد «جمهورية العراق الإسلامية الفيدرالية»، جاء الرد سريعاً من الدكتور فؤاد معصوم، رئيس التحالف الكردستاني: «جمهورية العراق اتحادية، وليست عربية أو إسلامية».

نستشف من هذا أن السيد عمار، ومن دون أن يُقلد مركزاً رسمياً، أصبح لكلمته وقع، حتى أكثر من والده ومن الحكومة نفسها. لنا القول إنه هو موعود آل الحكيم بعد خساراتهم الفادحة. ولهذا حاول الراصدون لنمو دور المعمم الشاب استخدام تهم زائفة ضده، مثل زيارته إلى إسرائيل سراً. والسؤال هل سيتحمل العراق الديمقراطي زعامة الحكيم الحفيد لصحوة إسلامية، أو لنقل خميني آخر، والدرس الإيراني أقرب إلى العراق من حبل الوريد؟

 

 

(13) محمد حسين فضل الله في عيون خصومه

خالد بن محمد البديوي

http://www.thirdpower.org/index.php?page=read&artid=55677

 

رحل محمد حسين فضل الله وهو يمثل أحد وجوه الإصلاح الداخلي في المذهب الاثني عشري، ونسجل له إصلاحات أساسية هي أهم في المقاييس الشرعية من مسألة الإمامة، كإصلاحاته في باب إفراد الله بالدعاء والعبادة وطلب الشفاعة من الله، وأنّ الأئمة لا يشفعون إلا لمن يأذن الله لهم بالشفاعة له، فيجب طلب الشفاعة من الخالق، وتأكيده على إفراد الله بالتصرف بالكون التي تعني إخلاص توحيد الربوبية لله، وكما ذكرت فإن هذه الإصلاحات من محمد حسين فضل الله أتت على أمور أساسية في مسائل تتعلق بتوحيد الربوبية والعبودية وهي أهم من مسألة الإمامة التي يؤكد فإن محمد حسين فضل الله إيمانه بها وبفروعها، وهذا القول يغنينا عن نقل أرائه حول الصحابة،

أول لقاء جمعني بالمرجع الراحل محمد حسين فضل الله كان في مارس 2003م.. وفي أول الأمر كنت أظن أن اللقاء معه سيكون صعباً كما اعتدت على ذلك مع كثير من المبرزين الذين عرفتهم، لكنني عندما اتصلت بأحد الأرقام المدونة في موقع فضل الله الإلكتروني، تلقيت رداً مباشراً من شخص وبعد أن عرفته بنفسي وحاجتي للالتقاء بفضل الله قاطعني وطلب مني الانتظار، ثم كلمني شخص آخر أجش الصوت ومن الواضح أنه كبير السن، فأعدت له نفس الكلام، فقاطعني وقال أنا محمد حسين فضل الله ما المطلوب؟ تلعثمت أولاً .. ثم أخبرته برغبتي في الاتقاء به لأنّني سأتطرق لآرائه في بحثي لمرحلة الماجستير ـ الذي طبع لاحقاً بعنوان أعلام التصحيح والاعتدال في صفوف الإمامية ـ، فجاء تحديد موعد اللقاء بسهولة.

أذكر أنني عندما وصلت إلى حارة حريك في بيروت ـ حيث يسكن فضل الله ـ انتابني شيء من القلق لِما رأيت من الحراسة المشددة هناك، فليس بيت المرجع هو المُطَوَّق وإنما الحارة التي يسكنها كلها مطوقة بسياج حديدي ولا يُستطيع الدخول إليها إلا عبر بوابة يتم تفتيشك عندها بشكل دقيق.

لم يكن فضل الله هو المتعاون معي فحسب؛ بل العاملون معه أيضاً، إلى درجة أنهم لم يترددوا عن تزويدي بما لديهم من مقالات أو كتب حتى لأولئك الذين ينتقدون مرجعهم محمد حسين فضل الله.

*خصومه ومحاولات وأده في حياته:

عندما اطلعت على أقوال منتقدي محمد حسين فضل الله أدركت شدّة الحملة عليه، فهذا وحيد الخرساني ـ وهو من المراجع المعاصرين ـ يصف أراء فضل الله بأنها "إضلال عن سبيل الله وإفساد في الطريقة الحقة"( الحوزة العلمية تدين الانحراف - القسم الثالث/وثيقة 11)، كما وصف فضل الله بأنه "ضال مضل", وصرح الخرساني في أحد مجالسه العلمية بقوله: "يجب على جميع المؤمنين، كل بحسب وسعه وقدرته إسقاط فضل الله"! وعندما سأله أحد الحضور: هل نقتله؟! أجابه: "كلا"، ثم يعقب بما يكشف بأن ذلك ليس لحرمة دمه، فيقول: "لأنه إذا قتل فستصبح أفكاره أكثر شهرة ورواجاً، والواجب هو القضاء على أفكاره ومنع انتشارها" ( فتنة فضل الله/فصل الموقف من الفتنة).

وأما المرجع جواد التبريزي، فقد وصف أراء فضل الله بأنّها "خلاف المسلمات بل ضروريات المذهب الحق, وقائلها خارج عن طريقة المذهب الاثني عشري, وأن فضل الله ومن يساهم في نشر أقواله يدخلون في عنوان: من يشري مرضاة أعدائنا بسخط الخالق" (الحوزة العلمية تدين الانحراف ـ القسم الثالث/ وثيقة12).

وأما المرجع محمد تقي بهجت، فقد صرح بأنّ "فضل الله مشروع وهابي ينخر في كيان التشيع من داخله" ( فتنة فضل الله / فصل الموقف من الفتنة).

كما اعتبر الشيخ علي السيد حسين يوسف مكي أن فضلَ الله "يشكل خطراً كبيراً على التشيع وعلى الفكر الشيعي وعلى أسسه وقواعده وعقائده وشرائعه وتاريخه" (انظر رسالته للتريزي والخرساني, الحوزة العلمية تدين الانحراف، ص175 و176/ وثيقة20 و21).

واعتبر محمد الصدر أن فضل الله يحمل "مشروعا خطرا", حقيقته: "تغيير الشخصية الشيعية باستبدال عقيدتها الأصلية بعقيدة مزيفة" (ردود المرجع الديني السيد محمد الصدر على الشبهات البيروتية ص3/دار الملاك الأصيل-بيروت /مصور ضمن ملاحق كتاب الحوزة العلمية تدين الانحراف).

وفي بيان الحوزة في (قم) اعتبروا أقواله"ضلال وإضلال" و"إنكار لضروريات المذهب" (الحوزة العلمية تدين الانحراف ـ القسم الثالث179-181).

كما أصدرت الحوزة العلمية في أصفهان بياناً جاء في عنوانه: "انحرافات الضال المضل فضل الله" (الحوزة العلمية تدين الانحراف ـ القسم الثالث 169).

أما محمد باقر الصافي ـ مؤلف كتاب فتنة فضل الله ـ فقد أوغل في ذم فضل الله فنعته بأنه "صاحب فتنة", وأنه صاحب "دور خبيث".

وقد فهمت وقتها أن هذه الأقوال تشير إلى شدّة الخلاف الواقع بين هذا الفريق وبين محمد حسين فضل الله، وأن هؤلاء كانوا يستشعرون خطراً حقيقياً في آراء فضل الله.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الآراء التي تبناها فضل الله وجعلت هذا الفريق يتبنى هذا الموقف المعادي منه؟

ـ لعل من أبرز مآخذ منتقدي فضل الله، أنهم اعتبروه ممن يشكك في الضروريات التي يعتقدونها:

فعندما شكك فضل الله في صحة روايات كسر ضلع فاطمة الزهراء رضي الله عنها وقتل جنينها على يد عمر رضي الله عنه، مستبعداً أن يحدث ذلك لأن الروايات التي تذكر الحادثة تخبر بوجود علي رضي الله عنه في المنزل، وليس علي رضي الله عنه فقط بل معهم بني هاشم كلهم، فالتسليم بهذه الروية يؤدي لاتهام علي بالجبن، وتخاذل أهل البيت عن نصرة بنت النبي صلى الله عليه وسلم وهذا ما دعا فضل الله للتشكيك دون النفي القاطع.

ومع أن هذه جزئية تاريخية إلا أن كثيراً من الذين ردّوا على فضل الله اعتبروها من الضرورات التي لا يسوغ إنكارها, فقد حكم المرجع التبريزي على محمد حسين فضل الله بالخروج من المذهب بمجرد تشكيكه في هذه القضية (الحوزة العلمية تدين الانحراف26. وانظر وثيقة ص259).

كما أن قول محمد حسين فضل الله، أن "الإمامية من المتحول" وليست من ضرورات الدين التي توجب الخروج من الإسلام, ووصفه الإمامة بأنها من (المتحول) الذي يدور في فلك التوثيق والتضعيف: أحدث ضجة كبيرة ضد المرجع فضل الله عام 1418هـ وفتح عليه باباً واسعاً لمحاولة إسقاطه، فقد اعتبره بعض خصومه ممن يشكك في القطعيات, وذهب المرجع الخرساني في ردّه إلى درجة بعيدة حينما قال في معرض ردّه على فضل الله: "إلقاء الشك فيها [يعني الإمامة] نقض للغرض من الخلقة والبعثة"(انظر الحوزة العلمية تدين الانحراف / القسم الثالث ص147/ وثيقة11).

كما أن منتقدي فضل الله أخذوا عليه قوله في الشفاعة وعدم مشروعية اتخاذ الوسطاء في الدعاء حيث أكد فضل الله أنّ المؤمن "لا يسأل غيره [ أي الله ] فيما يريد سؤاله, ولا يطلب حاجته من غيره , ولا يدعو أحداً سواه , ولا يشرك أحداً معه في رجـائه, ولا يتفـق معه في دعـائه, فهو المدعو في وحدانية الدعاء" (تفسير من وحي القرآن / تفسير الفاتحة).

وقد رد آية الله تقي القمي قولَ فضل الله بنفي الحاجة للوسطاء بين الله وخلقه في طلب الحاجات, وعدّ كون الأئمة وسطاء في طلب الحاجات من ضروريات الدين, فقال: "وأما جعل الأنبياء والأئمة عليهم السلام والأولياء وسطاء إلى الله لقضاء الحوائج, فمما لا إشكال فيه ثبوتاً, كما أن الأدلة كافية لإثبات المُدْعَى, والسيرة بين المسلمين جارية على المنوال المذكور, وكل من ينكر هذا الأمر فقد أنكر ضرورة من ضروريات المذهب بل الدين" (الحوزة العلمية تدين الانحراف/ملحق الوثائق الجديد ص7).

وما ذكره القمي هنا غاية في الغلو, لأن مقتضى كلامه كفر من قال لا إله إلا الله ولو قام بجميع فرائض الإسلام, ما لم يقر بكون الأنبياء والأئمة وسطاء في طلب الحاجات، لأنه في نظره أنكر لضروري من ضروريات الدين.

ـ ومن أبرز مواضع الخلاف بين فضل الله ومناوئيه مسألة الولاية التكوينية ـ أي اعتقاد تصرف الأئمة بالكون ـ، حيث أنكرها فضل الله مبيناً أن دور الرسل والأنبياء هو دور دعوي تشريعي, وليس دوراً إداري للكون (تفسير من وحي القرآن، سورة المائدة، آية 48/49).

ورأى فضل الله أن الرسل والأنبياء والأئمة بشر في خلقتهم وطريقة حياتهم وأساليب دعوتهم وعليه فقد حكم على القول بالولاية التكوينية بأنه انحراف عن ما يقرره القرآن (تفسير من وحي القرآن، الأنعام آية 50).

كما أن محمد حسين فضل الله استغرب ممن يؤمن بهذه العقيدة مع أن الأئمة لم يستخدموا هذه القدرة لا في حماية أنفسهم ولا في حماية رسالتهم، وكما يقول فضل الله: "ثُمَّ ما معنى هذه الولاية التي لا أثر لها في حياتهم من قريب أو من بعيد، ولا دخل لها في حماية رسالتهم، فلم يستعملوها في إذهاب الخطر عنهم، ولـم يتحرّكوا بها في الانتصار لرسالاتهم، وذلك من خلال قراءة تاريخهم الصحيح كلّه؟" (تفسير من وحي القرآن، سورة المائدة، آية 48/49).

وقد وُوجهت أراء فضل الله حول الولاية التكوينية بالرفض من عدّة أسماء بارزة منهم محمد بهجت, ومحمد الشاهرودي, وتقي القمي (المرجع السابق/القسم الثالث /242، 249-250، ملحق الوثائق الجديدة7-8), كما ألف هشام شري العاملي كتاباً في إثباتها والإجابة على أدلة فضل الله سمّاه "الولاية التكوينية بين الكتاب والسنة" وغير ذلك.

لقد تبنى محمد حسين فضل الله فتح باب التصحيح بجرأة وشرّع الباب للنظر في أخطر المسائل كما سبق، وأكد أهمية هذا المنهج بقوله: "لا بد من الخروج من أقبية الذات والخصوصيات والحسابات الضيقة، وعلينا أن نواجه قضايانا وأفكارنا وحتى عقيدتنا بالنقد والشجاعة والجرأة قبل أن ينقدها الآخرون، لأننا نملك كما غير قليل من الموروث الذي تركه لنا الأقدمون ، والذي ينبغي النظر إليه بعين النقد والتحليل حتى لا نكون مصداقا للآية الكريمة: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون)"، (الحياة 25/1/1999م مقال: فضل الله يقود ثورة ثقافية).

ولعل هذا المبدأ الذي طرحه فضل الله من أخطر الأمور التي تخوف منها التقليديون في مشروع محمد حسين فضل الله.

أخيراً: قبل خمس سنوات أخرجت كتابي (أعلام التصحيح والاعتدال)، ومنهم محمد حسين فضل الله، وكنت متردداً في الحديث عن شخص حيّ قد يغير اجتهاده، وأمّا الآن فقد رحل محمد حسين فضل الله، فالحديث عن مشروعه أنسب، فأقول: رحل محمد حسين فضل الله وهو يمثل أحد وجوه الإصلاح الداخلي في المذهب الاثني عشري، ونسجل له إصلاحات أساسية هي أهم في المقاييس الشرعية من مسألة الإمامة، كإصلاحاته في باب إفراد الله بالدعاء والعبادة وطلب الشفاعة من الله، وأنّ الأئمة لا يشفعون إلا لمن يأذن الله لهم بالشفاعة له، فيجب طلب الشفاعة من الخالق، وتأكيده على إفراد الله بالتصرف بالكون التي تعني إخلاص توحيد الربوبية لله، وكما ذكرت فإن هذه الإصلاحات من محمد حسين فضل الله أتت على أمور أساسية في مسائل تتعلق بتوحيد الربوبية والعبودية وهي أهم من مسألة الإمامة التي يؤكد فإن محمد حسين فضل الله إيمانه بها وبفروعها، وهذا القول يغنينا عن نقل أرائه حول الصحابة، لأن مقتضى قوله بالنص على الإمامة يعني ترك الصحابة لتطبيق أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وهي جريمة تستوجب الذم إلا أنهم ليسوا كفاراً، ولولا قول فضل الله بأن الإمامة ليست من ضروريات الدين لما صدقنا عدم تكفيره للصحابة واتهامهم بما يوجب الفسق ـ حاشاهم رضي الله عنهم ـ.

وفي الجملة يسجل لمحمد حسين فضل الله جرأته في طرح مراجعات أساسية ومهمة وصموده في تبنيها حتى وفاته، مع شدّة الهجوم الذي لقيه في سبيل ذلك.

غير أن ما أصابني بالدهشة، أني قرأت لكثير ممن كتب عنه من داخل المذهب بعد وفاته، فلاحظت تغافلاً عن طرح أهم المسائل التي قدمها المرجع فضل الله في مراجعاته، وقصارى ما رأيت من كثير من أصحاب المقالات، الحديث عن نواحٍ لا تشكل فرائد فضل الله، كالتركيز على إنكاره مسألة ولاية الفقيه وقد أنكرها قبله الخوئي ـ وكان رأس المرجيعة في النجف ـ، بل إن كثيراً مما تحدث عنه أصحاب المقالات يتفق عليه فضل الله مع بعض أشد مناوئيه، فهل هي عدم الجرأة في فتح الملفات الأهم؟ أم هو السير في جنازة فضل الله مع وأد أهم أرائه الإصلاحية؟.

 

 

(14 ) صحيفة بريطانية : فتاة سعودية تكتشف أن شيعة بلادها

 يتكلمون العربية وليست الفارسية

http://www.thirdpower.org/index.php?page=read&artid=54269

تقرير: صحيفة الفايننشال تايمز / لندن

الصورة المرفقة: هي للشيخ النمر المقيم في القطيف في السعودية، والذي قاد أنتفاضة ( طلبات وهتفات) العام الماضي.... وتطالب السلطات السعودية بأعتقاله

تنشر صحيفة فاينانشيال تايمز تقريرا لمراسلتها في القطيف، شرق السعودية، بعنوان "شكوك السنة تحبط شيعة السعودية". يقول التقرير ان نشطاء الشيعة في المنطقة الشرقية يقومون بتنظيم رحلات للسنة من انحاء المملكة الى مناطقهم في محاولة لمواجهة عمليات التشويه الطائفي لهم.

وينقل التقرير عن فتاة سنية تزور المنطقة الشرقية للمرة الاولى اندهاشها لانها اكتشفت ان "شيعة السعودية يتكلمون العربية وليس الفارسية ويقدسون القران وليس النصوص التي ترد اليهم من ايران".

يتراوح عدد الشيعة في السعودية ما بين 1.5 و2 مليون من بين سكان المملكة البالغ عددهم 25 مليون، ويتركزون في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط.

وتقول الصحيفة ان التمميز ضد الشيعة منهجي، اذ لا يوجد شيعي في منصب قيادي في الدولة ولا في المستويات الوسطى من الادارة.

وينقل التقرير عن الكاتب الشيعي السعودي محمد محفوظ قوله: "لا تزال الدولة تتعامل مع الشيعة كقضية امنية، وليس كمواطنين لهم مشاكلهم".

ويتساءل الشيخ فوزي السيف: "لا احد يشكك في ولاء كاثوليكي عربي للحكومة لانه يتبع البابا، فلماذا نحن؟"

ويقول تقرير الصحيفة ان اوضاع الشيعة تحسنت كثيرا في السنوات الاخيرة، ومنذ بدأ الملك عبد الله، وقت ان كان وليا للعهد، "الحوار الوطني" عام 2003 تحسنت فرص الشيعة في التعليم والتوظيف.

وينقل التقرير عن منظمة هيومان رايتس ووتش الامريكية عرضها للتمييز ضد الشيعة في السعودية، وممارسات القيادات الدينية السنية التي تصورهم على انهم "مهرطقين".

كان اخر اضطراب في المنطقة الشرقية وشهد اعمال عنف واسعة عام 1979 حين خرجت المظاهرات تاييدا للثورة الايرانية.

وفي عام 1993 عاد اغلب المعارضين الشيعة من الخارج بعدما وعد الملك فهد بتخفيف القيود السياسية مقابل تخليهم عن العنف السياسي.

وفي العام الماضي، اثر صدامات بين الحجاج الشيعة والشرطة الدينية هدد الداعية الشيعي المتشدد نمر النمر بانفصال المنطقة الشرقية عن السعودية اذا تواصلت الانتهاكات ضد الشيعة.

 

 

15 كتب سماحة الشيخ محمد مهدي  ردا ً على المدعو حسن الكشميري في افتراءاته على المؤسسة الدينية

 

المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء كتب سماحة الشيخ محمد مهدي ردا ً على المدعو حسن الكشميري في افتراءاته على المؤسسة الدينية

 

بسم الله الرحمن الرحيم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} الحجرات/12. {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور/19.

تسقيط المؤسسة الدينية وقع بيدي كتابان لبعض الخطباء احدهما بعنوان (محنة الهروب من الواقع) والثاني بعنوان (جوله في دهاليز مظلمة) وكنت قد قرأت له من قبل ثلاث مجلدات من كتاب (مع الصادقين). من خلال هذه القراءة وجدت أن الكاتب يتملّكه ولع شديد (الى حدود الشره) بالنقد الجارح للمؤسسة الدينية وطريقة تعاملها مع الأموال وعلاقاتها السياسية والاجتماعية. ويبلغ هذا النقد للأسف حدود التشهير والتسقيط والتخريب باتهامات يرسلها الكاتب جزافاً, ومن دون أي دليل وحجة وبينة... وهو ما نهى الله تعالى عند أشّد النهى, واوعد فيه الذين يقترفونه أشد العذاب. وهذه هي المنهجية المفضلة للكاتب فيما قرأت له. وكتبه محشوة بمثل هذه الاتهامات الجزافية بغير حساب, ويستعمل هذا النقد التسقيطي للأسف في مواقع تمتلك احترام جمهور المؤمنين وثقتهم العالية. والذي يقرأ هذه الكتب يعرف أنّ الكاتب بهذه الطريقة التي يتحدث بها عن المؤسسة الدينية عند الشيعة يعمل على تخريب المؤسسة الدينية بمكوناتها الاربعة (المرجعية, ولاية الأمر, الحوزات العلمية, المنبر الحسيني), سواء كان يقصد ذلك ام لا يقصد فإن النتائج في الاعمال الاجتماعية لا تتبع دائماً نية العاملين. وللأسف أخذت هذه الظاهرة السلبية تجاه المؤسسّة الدينية تنتشر وتستشري منذ أن عرف أعداؤنا القيمة السياسية والاجتماعية والحضارية الكبيرة للمؤسسة الدينية عند الشيعة الإمامية, ودورها الفاعل والمؤثر في حاضرنا وتاريخنا المعاصر وقدراتها العالية على استقطاب الجمهور وتحريكهم وتفعيلهم, منذ فتوى الإمام السيد محمد حسن الشيرازي رحمه الله بتحريم التبغ الى نهضة الإمام الخميني وثورته الاسلامية الكبيرة... وانتصار (حزب الله) في لبنان على اسرائيل بعد انتكاسة الانظمة العربية كلها في مواجهة اسرائيل سنة 1967م خلال ستة ايام... أقول: بالتحديد في هذه الفترة كثرت السهام والاقلام والاعلام الموجهة ضد هذه المؤسسة لغرض إضعافها وتحجيمها واحباطها. ولست اقول أن هذا الكاتب كتب كتبه العديدة بهذه النيّة, ولكني لا أشك أنها تخدم هذه الغاية, ويشجعه ناس يهمهم تخريب هذه المؤسسة, ولا يخفى هذا التشجيع من الرسائل التشجيعية والتحريضية التي ترده من هنا وهناك, ويشير اليها الكاتب في كتبه. الدور السلبي لأمثال كتاب (جولة في دهاليز مظلمة) أنَّ للتجريح والتسقيط والتشهير الذي نقرأه في اكثر صفحات (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع) وغيرهما من الكتب المشابهة دور سلبي واسع في أفساد علاقة شرائح من الناس بالمؤسسة الدينية, اراده الكاتب عن عمد وقصد ام لم يرده, وعرف الكاتب أنّه يؤدي الى هذه النتائج التخريبية في علاقة شرائح من الجمهور بالمؤسسة الدينية ام لم يعرف... وفي رأيي انه اذكى من ان تغيب عنه هذه الحقائق, ولا يفهمها, بل هو يتجاوز تسقيط الافراد والرموز وأعمدة المؤسسة الدينية الى النيل من نظام المؤسسة الدينية كلها. فيثير في نفوس الناس الشك في نظام التقليد (وهو النظام الذي يربط الناس بالمؤسسة الدينية) وفي نظام الخمس, (وهو نظام تمويل هذه المؤسسة), فاذاً هو يضرب على وتر حساس دقيق, ويعرف اين تكمن قوة المؤسسة الدينية, ويمكنّها من اداء دورها الفاعل في الساحة الاجتماعية والثقافية والسياسية, والجهادية, فيحاول أن يثير حولها الشكوك للنيل منها وتخريبها. ونحن نأسف أشد الأسف لهذا التشويه المتعمّد لتاريخنا ومؤسستنا الدينية في فترة من أصعب فترات التاريخ. ونعلم أنّ لمثل هذه الكتابات تأثير سلبي بدرجة من الدرجات في نفوس جمهورنا الذي يضع ثقته في هذه المؤسسة, ولا سيما فئة الشباب. من أجل أن نحصن جمهورنا من هذه الاوهام وإنما اكتب هذا المقال لأدعو شبابنا الى الحذر من هذه الكتب وأمثالها وهي كثيرة, لئلا تتلوث عقولهم وقلوبهم بمثل هذه الروايات والقصص المنتحلة على تاريخنا المعاصر في الظروف الصعبة التي تواجهها أمتنا والمؤسسة الدينية اليوم. وليس كل الناس يحققون ويدققون في مصاديق هذه الاتهامات, ويطالبون الكاتب بتوثيق هذه الاتهامات الظالمة الباطلة, وإقامة الحجة والبينة الشرعية على واحدة واحدة منها, كما هو حكم الله. اقول ليس كل الناس يحققون ويدققون في أمثال هذه الإتهامات وإنما تدخل هذه الافتراءات الجزافية نفوسهم بدرجة من الدرجات, وتخدش - إن لم تفسد - القيمة الحضارية والحركية الكبيرة المستقرة في نفوسهم للمؤسسة الدينية, بصورة قهرية, عندما يجدون أن هذه الافتراءات الجزافية يرسلها رجل يظهر للناس بالزي الديني (العِمَّة) ارسال المسلمات, من دون توقف ولا تردد. ويعلم الله تعالى وحده الخسارة التي تلحقنا عندما تهتز الثقة في نفوس الناس بهذه المؤسسة التي أودعوها كل ثقتهم واحترامهم وحبهم وطاعتهم. ان الخسارة هنا ليست خسارة فرد, وإنما هي خسارة الأمّة, وليست الخسارة في كيان اقتصادي او سياسي للأمة, وإنما في كيان ديني يعتقد جمهور الناس, - وهو الحق - انه الكيان النائب عن الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف في غيبته. ولست احتاج الى أن أوضح من هو المستفيد من هذا الهدم ومن المتضرر؟ فطالما وجدنا أعداء الاسلام يخططون للقضاء على المؤسسة الدينية واحباطها, وهي القلعة الوحيدة التي قاومت أمواج التغريب التي دخلت العالم الاسلامي من الغرب. القلعة التي قاومت أمواج التغريب الثقافية فعندما تهاوت حصوننا جميعاً, حصناً بعد حصن, بقي هذا الحصن شامخاً يدافع عن الاسلام وعن الامة, ويعمل لتشييد الحصون التي هدمها الغزاة القادمون الينا من الغرب من جديد. ولست اكتب هذا المقال بطوله, ولست أبذل هذا الجهد لنقد هذين الكتابين فقط, وإنما أريد ان أعالج ظاهرة اجتماعية سلبية أخذت تظهر وتشيع في أوساطنا في النيل من المؤسسة الدينية تشهيراً وتسقيطاً, بدون حجة وبينه شرعيّة, وفي استسهال الجرح والتشهير وإشاعة الفاحشة (القول السوء) في الذين آمنوا, من غير تحرج. نظرة في آية إشاعة الفاحشة ومن رقائق تعبير القرآن أنّ العقاب الاليم الذي تذكره آية النور في الدنيا والآخرة يخص الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا, وليس لمن يقترف هذه الموبقة. اما الذين يقترفون هذه الموبقة ويستسهلونها فعقابهم في الدنيا والآخرة آلم وأعظم. وإشاعة الفاحشة هي عملية التسقيط والتشهير, في مقابل (الستر) الذي أمر الله تعالى به. تأملوا آية النور/ 19. {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} والآية الكريمة واضحة فيما ذكرت غاية الوضوح, لا تقبل النقاش {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} فكيف بمن يقترف هذه الموبقة, ويشيع الفاحشة في الذين آمنوا. وكيف لو كانت هذه الاشاعة في مؤسسة مباركة هي ميراثنا من رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام, ومن أعزّ ما ورثناه من أهل بيت الوحي عليهم السلام. وكيف إذا كانت هذه النسب والاسنادات والاخبار التسقيطية لا تستند الى أي دليل وبرهان, وانما يطلقها صاحبها جزافاً, ويرسلها, كما يرسل الناس المسلمات. ان الواجب الشرعي يحتم علينا ان نقابل هذه الاشاعات التي يطلقها ناس من امثال كاتب هذه الكتب بالقوة, ونحذرّ الشباب من ان يسقطوا في شرك ذلك. ولقد أعطى الاسلام اهتماما كبيراً لتطهير المجتمع الاسلامي من ظاهرة التسقيط والتشهير في المجتمع, وكافحها طويلاً واوعد عليها بعقابات اليمة في الدنيا والآخرة, وحذر الناس منها اشد التحذير, وأمر الناس باجتنابها. يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ} الحجرات/12. القيمة العلمية لكتاب (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع) ان نسبة عالية جداً من هذه الكلمات التسقيطية تستند الى دعوى الكاتب فقط, وليس يذكر لهذه الدعاوي دليلاً وحجة وبينّة شرعية يسوغ له انتهاك حرمات المؤمنين, ويرسلها وكأنّه يصدر فتاوى, وعلى الناس ان يتعبدوا بها ولا يطالبوه بدليل. وشطر من هذه الدعاوي ينسبها الكاتب الى مصادر مجهولة مثل (موظف في شركة طيران في لندن حجز لأحدهم مقعداً للسفر الى (....) وحجز له غرفة او جناحاً فخماً في فندق فخم في (....) وأعدّ له متطلبات ذلك!!!(جولة في دهاليز مظلمة: ص116) او أن مسافراً عراقياً يلقاه الكاتب صدفة ومن غير ميعاد, ويقول له أنه رأى (س) في مطار بغداد قد شيعه ازلام صدام ورجال الأمن الى داخل الطائرة بحفاوة(ص26). وهذا من أعظم ما حرم الله, ان يستسهل الانسان النيل من كرامة المؤمنين, وينتهك ما حرم الله تعالى منهم بالادعاء فقط, وينسب السرقة, والخيانة, والغش, و(الابتزاز المافيائي) والاسراف والتبذير بأموال بيت المال, والافساد, الى مراجع وفقهاء وبطانتهم من دون دليل وحجة (شرعية). ونحن نعلم بكذب شطر كبير من هذه الدعاوي وانتحاله وافتعاله عن عمد وقصد, ونقول في الباقي, وهو كثير أنه دعاوى باطله, في دين الله وشريعته واحكامه, لا تستند الى دليل وحجة وتقع في دائرة الاتهام والافتراء, واشاعة الفاحشة في الذين آمنوا, وسوء الظن, التي حذرنا الله تعالى عنها. شواهد على الدعاوي الجزافية في هذين الكتابين واذكر لكم امثلة على الدعاوي الجزافية التي يرسلها الكاتب ويتهم بها اعضاء من أسرة المؤسسة الدينية من دون ان يستند الى دليل وحجه. وفي هذه الدعاوى تخوين وتفسيق وتسقيط للأفراد وللمؤسسة التي ينتمي اليها هؤلاء الافراد من غير حجة شرعية. يقول: (حقيبة مصنوعه من الالمنيوم يتم فتحها بالجهاز اليدوي (ريمونت) اشتراها أحد ابناء المراجع في لندن عام 1951 من احد المبيعات التابعة للثري الصهيوني (ماركس اسينر) بمبلغ 1500 باوند ما يساوي 2500 دولار امريكيا ولم نعرف ما بداخلها من هدايا. وكانت الحقيبة هذه احدى هدايا لمسؤول عراقي كبير (فاضل البراك)!! ان الناس يعرفون من يقصد بالمرجع المذكور في هذا الافتراء, وهذا الكلام إتهام صريح لمرجع من مراجع المسلمين بالخيانة والتبذير والاسراف... بدون حجة وبينه شرعية. ثم يقول (حتى اني شاهدت حرائر العديد من مراجع النجف الأشرف وايران تفضل التسوق من هذه المحلات (أي محلات ماركس اسينر) (ص159). وهذا اتهام بالجملة: للرجال والنساء للعديد من مراجع المسلمين في النجف وقم وحرائرهم وتفسيقهم وتخوينهم جميعاً رجالاً ونساءً واهدار لكراماتهم بالجملة, بدون حجة ولا بينه ولا شاهد. وأليك شاهد آخر على هذه الدعاوي الجزافية: يقول أنَّ أحدهم سافر الى طهران لعلاج اللثة ثم وجدوه في فندق (بلازا) في فرانكفورت, وحجز له صديقه عماد الكربلائي غرفة في الفندق ومستلزمات المرح والراحة... واتصل به مؤلف كتاب جولة في الدهاليز فوجد آثار السهر عليه واضحه لليلة قضاها في العبادة والتخشع (كذا)... الخ(ص211). فمن هو عماد الكربلائي هذا الذي رافقه في السفر وحجز له غرفه في فندق (بلازا) بفرانكفورت؟ وما قيمة كلام عماد؟ وهل يصح ان نرسل مثل هذا الاتهام العريض في دين الله بادعاء كاتب لا نعرف مدى صدقه في الكلام, وشهادة رجل مجهول اسمه عماد الكربلائي؟ إن هذا الكلام تفسيق لمؤمن من دون دليل ولا بينّة بالنسبة لمن يعرف عمن يتحدث عنه الكاتب وقد شخصه بشكل دقيق. وتسقيط لكيان مبارك عظيم واسع لمن لا يعرف الشخص, ولكن يعرف أن الشخص (المغدور به) ينتمي الى المؤسسة الدينية وفي موقع متقدم من المؤسسة الدينية وهو أعظم حرمة من سابقه. واخر يتصل به الكاتب فيجده ثملا.... (وهكذا......)

تفسيق وتسقيط وتخوين بالجملة ويتهم عشرة اشخاص من شخصيات النجف واعلامها بالعمالة للبلاط الملكي في ايران, ويسميهم بأسمائهم, وقد ماتو جميعاً ولم يبق منهم احد... ويقول أنهم كانوا اليد الضاربة لأسد الله علم وزير البلاط الملكي(ص282). وهؤلاء الذين يذكرهم الكاتب أعرفهم أنا جميعاً فرداً فرداً. وقد تلمذت عند بعضهم. وبعضهم كانوا اصدقاء لي, وبعضهم لم يكن معروفا في وسط الحوزة بالفضل والعلم... وجميعهم بريئون من هذه التهمة التي يرسلها هذا الكاتب جزافاً وباطلاً. وأنا اعرفهم جميعاً, وعشت معهم, ولم يكن ليغيب عني, ما يبصره بخياله الواسع, هذا الكاتب. ولم اعرف لأي منهم منكراً, ولا بدعة, ولا خيانة, ولا غشاً, ولا عمالة... وهذه شهادة يحاسبني الله تعالى عليها إن كنت مسرفاً في التوثيق. ولست انا وحدي الذي أعرفهم وأوثقهم وأبرؤهم من هذه التهمة... فقد بقى الى اليوم نفر من فضلاء الحوزة العلمية في النجف الأشرف وعلمائها في النجف وفي قم وفي الولايات, يعرفون هؤلاء وعاشروهم. وليس لكاتب هذه الكتب – البتة - أن يدعي أن له من نفاذ البصيرة السياسية ما يفقده هؤلاء, فليسألهم, وليستشهد بهم, اذا شاء ان يوثق كلامه ودعواه, ولا يجازف في الافتراء على قوم مؤمنين قد حرم الله تعالى كرامتهم, وحرّم المس بها, إلا بالحق. ويعد أسراً ستة من أسر نجفية علمية عريقة شريفة يذكرهم بأسمائهم, يقول عنهم أنّهم كانوا يسرحون ويمرحون في ظروف العراق الصعبة أيام تسلط حزب البعث على العراق, وملاحقة المؤمنين ومطاردتهم, وأنهم كانوا يجتمعون بعناصر من أجهزة نظام صدام, ويلتقون بهم في اجتماعات سرية ...الخ(ص245). ولا اريد هنا أن أذكر أسماء هذه الأسر, ولو ذكرتهم لعرفتم ان أُسرة منها قدمت 17 شهيداً تّم قتلهم على ايدي جلاوزة صدام واخرى ما يقرب من ذلك والثالثة دون ذلك والرابعة شهيداً واحداً والخامسة قتل عميد الأسرة غدراً على يد جلاوزة صدام... وهكذا ويقول أنّ بعض النجفيين كانوا يبصقون على سيارة الإمام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رحمه الله... بتحريض من أسرة...(ص264) وأنا وجدت خلاف ذلك تماماً... وجدت سيارته رحمه الله محمولة على الأيدي وتسيره جماهير النجف بأيديهم عند رجوعه من باكستان, من ساحة الميدان الى الصحن الشريف, عبر السوق الكبير, وكنت يومئذ في سني المراهقة وحضرت هذا المشهد. ورأيت زيارة الإمام كاشف الغطاء لبيت الإمام الحكيم في كربلاء, في احدى الزيارات الحسينية المخصوصة وزيارة كل منها للآخر في مناسباتهما. وقد ولدت في النجف, ونشأت وترعرت فيها, وعشت أجواء الحوزة العلمية منذ صغري الى أن كبرت, ولم اكن غائباً عن أجواء الحوزة العلمية, وانتظمت في الدراسات الدينية في فترة مبكرة من عمري, ولا اعرف مصداقية لأكثر الذي يكتبه هذا الكاتب في كتبه. ولست أنا وحدي الذي مدّ الله تعالى في عمره, وإنما يعيش اليوم كثيرون ممن عاصروا وعاشوا أجواء الحوزة في تلك الايام, فاسألوهم, هل وجدوا او سمعوا أنّ أحداً يبصق على سيارة الإمام كاشف الغطاء, بتحريض من هذه الأسرة, أو أنّه من بنات خيال هذا الكاتب وأوهامه. اتهام بالجملة, وتسقيط وتخوين وتفسيق لرجال صالحين وأسر صالحة بالجملة, وبغير حق. ان هذا التسقيط والتخوين والاتهام الذي يمارسه هذا الكاتب وامثاله يؤدي بالضرورة, وبدرجة من الدرجات الى اضعاف ثقة الناس بالمؤسسة الدينية. وليس كل الناس يطالبون بالتوثيق والاثبات العلمي والدليل والحجة على هذه المفتريات, كما قلت قبل قليل. والنتيجة التي تتمخض عن ذلك كله زعزعة ثقة الناس بالمؤسسة الدينية. وهذه النقطة بالذات هي التي يسعى اليها أعداء الاسلام, والذين يحملون شعار: (الدين من دون علماء الدين), ولا اتهم الكاتب أنّه يريد الوصول الى هذه الغاية, ولكني لا أشك أنّ هذه المنهجية من الاتهام والتفسيق والتخوين والتسقيط بالجملة تؤدي الى هذه النتيجة, وازعم أنّ الكاتب لا تغيب عنه هذه الحقيقة, ولي على هذا الرأي شواهد كثيرة يعرفها ويلمسها من يقرأ هذه الكتب. إنّ هذا الرجل: لا يبقي ولا يذر حرمة لرجال مؤمنين عرفوا بالفقه والتقوى والجهاد والخدمة في اوساطنا الاسلامية إلا وينتهكها, جريء على إنتهاك أعظم الحرمات التي حرمها الله تعالى من المؤمنين, ولا يسلم من قلمه حتى الحرائر المخدرات في خدورهن(ص159). وفي كتابيه هذين قضايا وأمور استحيي وأخجل أن أستعرضها من النسب القبيحة برجال صالحين وأسر صالحة, وبطلبة الحوزات العلمية, عاشرتهم طويلاً فلم أعرفهم الا بالتقوى والصلاح والسداد والاستقامة والتهجد والتعبد. يتهمهم هذا الكاتب ويقذفهم بما يشاء من غير ورع ولا تقوى. وقلّ من يسلم من هذا التجريح والاتهام والافتراء الباطل. إتهام وتسقيط لمراجع المسلمين وفقهائهم بالجملة فهو يتهم مراجع الطائفة الذين تفردوا بمرجعية الشيعة ببطانتهم وحاشيتهم مثل الفقيه الإمام السيد ابوالحسن الاصفهاني [يقول بعمالة ابن الإمام السيد ابوالحسن الاصفهاني لبلاط العتل الزنيم رضا بهلوي والد السفاح محمد رضا بهلوي. ولا تسأل عن الدليل والحجة فإن الاتهام والافتراء والتسقيط عند هذا الرجل لا يحتاج الى حجة وبرهان, وكأن الشريعة قد أعفته عن اقامة الحجة والبينة في تخوين المؤمنين وتسقيطهم (راجع جولة في دهاليز مظلمة: ص242)] والإمام الحكيم والإمام الخوئي (رحمهم الله ورضى عنهم) وغيرهم من ائمة المسلمين بالعمالة لنظام بهلوي في ايران, (الاب والابن الفاسدين), من دون أي تحرج, ويرسل ذلك إرسال المسلمات الواضحات, التي لا تقبل التشكيك, ولا تحتاج الى دليل وبرهان وشاهد وبينّة... ولم يسلم منه حتى السيد عبدالهادي الشيرازي رحمه الله الذي كان من أبعد الناس عن هذه الافتراءات(ص268) والشيخ محمد كاظم الخراساني المعروف بـ(الآخوند) صاحب الكفاية, وهو كبير فقهاء الشيعة, في النجف الأشرف وزعيم حركة الدستور في ايران, والسيد محمد كاظم اليزدي الذي انفرد بمرجعية الشيعة, والميرزا حسين النائيني المحقق الكبير المعروف وصاحب مدرسة معاصرة حديثة في الأصول, واستاذ مشايخنا. إن هذا الرجل يعتدي على تاريخنا, ويتجاوز علينا جميعاً لأنّ الاعتداء على تاريخنا إعتداء علينا, وتاريخنا جزء لا يتجزأ منا. المافيات التي تنصب للناس مراجع التقليد ويتحدث عن (المافيات) التي تبسط نفوذها في أجواء المؤسسة الدينية, كما يتخيلّه هو, وينسجها في خياله وكأنه يتحدث عن شبكة لتهريب المخدرات... لا المؤسسة الدينية النائبة عن الإمام الحجة عجّل الله فرجه الشريف والتي تضع مئات الملايين من اتباع أهل البيت عليهم السلام فيها ثقتهم ويحبونهم ويطيعونها عن وعي وبصيرة. يدعي هذا الكاتب ان (مافيا) المرجعية كانت تعمل في النجف الأشرف بتوجيه من البلاط الايراني لتنصيب الإمام الخوئي على عرش المرجعية, كما أن السفارة الايرانية آنذاك ببغداد حذرت الطلبة والكسبة الايرانيين من رفض الإمام الخوئي والاساءة اليه وهددت بسحب جواز سفر من يتعاطى الحديث في ذلك(ص302 – 303). أقول إن هذا الأمر من بنات اوهام هذا الكاتب حصراً وابواب التحقيق في هذه التهمة مفتوحة فلم يمر على حادث وفاة الإمام الحكيم رحمه الله أكثر من 45 سنة... ولازال الكثير ممن ادرك وفاة الإمام الحكيم(رض) من الطلبة والاساتذة والعلماء في النجف الأشرف أحياء يرزقون, ولم تمر عليه قرون, حتى يصعب التحقيق الميداني في هذه التهمة الغريبة التي يريد هذا الكاتب ان يلصقها بمرجعية الإمام الخوئي رحمه الله بأيّ ثمن, لغاية في نفسه. ولو كانت السفارة الايرانية تقوم يومئذ بمثل هذا العمل, لأضرّت بمرجعية الإمام الخوئي رحمه الله, ضرراً بليغاً, فقد كانت السفارة الايرانية في العراق أيام الشاه سيئة السمعة جداً... ولأنّي أدركت تلك الايام في النجف وادركها معي الكثير ممن هم أحياء الى اليوم لا أشك أن هذه القضية من نسيج خيال هذا الكاتب واوهامه, وهي كثيرة. أعاذنا الله من مزالق الشيطان وتزييناته. ويتسأل من الذي اختار السيد الحكيم من بين اقرانه للمرجعية (ويذكر عدة اسماء من اقرانه منهم السيد محمد البغدادي والشيخ عباس الرميثي) رحمهما الله. ثم يقول فلنتجاوز هذه المرحلة ونتساءل بعد وفاة السيد الحكيم من هي الجهة المسؤولة التي سلمت زمام المرجعية الى الإمام الخوئي رحمه الله ومن فوضها. ثم يقول باستهزاء وسخرية: ان اللغز المهم (الشفرة المعقدة) أنّه من همّش كل هؤلاء واحتكر المرجعية للإمام الخوئي رحمه الله. ثم يتجاوز كل حدود الادب تجاه تاريخنا والمرجعية ومؤسستنا الدينية, ويقول بصلف وسوء ادب لقد كنت اسمع هذا البيت وهو (ولا يجوز الابتداء بالنكره**مالم تؤيده لنا انكلتره)(ص203 - 204). ثم يقول: وقلت له (لصاحبه الذي صاحبه في السفر): أن الأمور تدار من وراء النقاب!! ففي القديم كان بلاط الشاه في ايران هو الذي يعطي الضوء الاخضر. اما في المرحلة الجديدة فهناك جهة مخابراتية اقليمية ودولية وتلعب دورها في المشهد السياسي, وآخر حلقة في هذا المشهد الديني كما هو المشهد السياسي تصنيف حاكم العراق المدني (بريمر وزلماي خليل زاده)(ص204 - 205). أقول: انا احرص ان لا يخرجني سوء ادب هذا الرجل عن حدود الأدب الذي رسمه الله تعالى لنا في الاجابة على هذه الاهانة. إلاّ أنّ هذا الكلام التهريجي يذكرنا بالأيام السود التي مرت على العراق - أيام المدّ الأحمر الشيوعي - وقد شاهدنا وسمعنا كيف كانت الغوغاء ترفع في وسط الناس الشعارات التهريجية والتسقيطية – وتشتم - وتطعن في كرامات الناس وتتجاوز على القيم والاخلاق والمقدسات والكرامات. فكنا نسمع منهم اقبح الافتراءات على تاريخنا ومؤسساتنا الدينية ومراجعنا تهريجاً, وتسقيطاً, واستفزازاً, وصلافة, واتهاماً بالعمالة والرجعية والظلامية.... الخ حتى كشف الله تعالى عنا تلك الايام السود (المد الاحمر الشيوعي) وها نحن نسمع كلاماً يشبه تلك الشعارات الاستفزازية, نسمع (ولا يجوز الابتداء بالنكره**مالم تؤيده لنا انكلتره) ويقصد بذلك: ان الذي لا تؤيده انكلتره من وراء النقاب, لا ينصب للمرجعية!! ان بريمر وزلماي خليل زاده, وبلاط الشاه والمافيات التابعة لبلاط الشاه هم الذين ينصبون للمسلمين مراجعهم. رؤية قاتمة سوداء, وامراض متأصله في النفوس, لا يستطيع اصحابها ان يتحرروا منها. المؤهلاّت التي أهلّت الإمام الحكيم للمرجعية العامة أقول أن الذي أهّل الإمام الحكيم لمرجعية المسلمين في الفتيا هو (مستمسك العروة الوثقى) الذي لا يعرف قيمته إلاّ اهله من اصحاب الاختصاص. وهو باختصاره وايجازه يعتبر متناً للفقه الاستدلالي, كما ان الشرائع والتبصرة والعروة الوثقى تعتبر متونا لفقه الفتوى. والمتمرسون في الفقه يقرأون في اشاراته وتأملاته وكلماته جهوداً علمية طويلة, وتأملات ونظرات فقهية نافذة وثاقبة, قائمة على خبرة علمية طويلة, وفهم واستيعاب لكلمات المتقدمين والمتأخرين من الفقهاء واستقامة على الخط الفقهي الأصيل, الذي كان يعبر عنه الإمام الخميني رحمه الله بـ(الفقه الجواهري) ومهما يقرأ الانسان مستمسك العروة الوثقى يزداد احتراماً وتقديراً للجهد العلمي الذي بذله الإمام الحكيم في هذا الكتاب على اختصاره وايجازه. ولكن كيف العمل مع الذين لا يعرفون قيمة هذا التراث الفقهي الكبير, والموقع العلمي الرفيع لصاحبه, ولا يبصرون غير مافيات البلاط الملكي, وهو أقصى حد لرؤيتهم. ان الذي نصب الإمام الحكيم لمرجعية الفتيا وإمامة المسلمين هو (مستمسك العروة الوثقى) وجهاده, وتقواه, وورعه وتاريخه وعقله ووعيه ويقظته وصبره, وليس البلاط الايراني. الموقع الفقهي الرفيع للإمام الخوئي(رحمه الله): وأن الذي أهّلَ الإمام الخوئي رحمه الله لمرجعية الفتيا العامة بعد وفاة الإمام الحكيم هو العدد الغفير من فقهاء البلاد في العراق وايران ولبنان والهند وباكستان وبلاد الخليج الذين تخرجوا من مدرسته ودروسه في الفقه والأصول والرجال (الجرح والتعديل) وقد كان درسه حافلاً في حوزة النجف بالفضلاء والعلماء والمجتهدين. وكان يومئذ درسا الإمام الخميني والإمام الخوئي رحمهما الله في النجف أوسع الدروس وأجمعها لفضلاء الحوزة وعلمائها. وكان كثير من فضلاء الحوزة يحضرون الدرسين معاً وكان لكل منهما مذاقه الفقهي ومسلكه في الاجتهاد ومنهجيته في فهم الروايات والجمع بينها. ومهما يكن من امر فقد خلّف الإمام الخوئي رحمه الله من بعده تراثا واسعا في الفقه والاصول والرجال يناهز خمساً وسبعين مجلداً, وهو مما خصه الله تعالى به من رزق. وقد قدّر الله تعالى ان يكون عدد كبير من طلابه المتخرجين من دروسه من مراجع التقليد واساتذة الدراسات الفقهية العليا في حياته وبعد وفاته منهم الشهيد السيد محمد باقر الصدر والسيد السيستاني والشيخ الوحيد الخراساني والشيخ اسحق الفياض والسيد محمد الروحاني والسيد صادق الروحاني والشيخ جواد التبريزي والسيد الكوكبي والشهيد الشيخ مرتضى البروجردي والشهيد الشيخ محمد علي الغروي. ولا اعرف فقيهاً وفقه الله في تربية جيل من كبار الفقهاء واساتذة الدراسات العليا في الفقه والاصول مثل الإمام الخوئي(رضوان الله عليه). وهذا رزق خصه الله تعالى... وقد شهد جملة من تلامذته بأعلميته بعد وفاة الإمام الحكيم رحمه الله. ومن أولئك الشهيد السعيد الإمام السيد محمد باقر الصدر رحمه الله. أقول إن الذي أهل الإمام الخوئي لمرجعيّة الفتيا العامة هو هذا الجهد العلمي العظيم في الفقه والاصول والرجال... وهذا العدد الغفير من الفقهاء والمجتهدين الذين تخرجوا من دروسه وليس مافيات البلاط الملكي في ايران, ولا (مالم تؤيده لنا انكلتره) كما يقول هذا الكاتب من دون تقوى ولا خشية من الله, ولا حياء من الجمهور الواسع الذي كان يقلده رحمه الله ويضع فيه ثقته, ولا تزال الثقة باقية بعد وفاته. عمى الالوان ان المسألة تدخل في عمى الالوان, فهناك من الناس من يرى بعض الالوان دون بعض والأمر كذلك في بصائر العقول والقلوب... فهناك من الناس من يرى مافيات البلاط الملكي وانكلتره, وبريمر وزلماي خليل زاده ولكن لا يرى يد الله تعالى في رعاية هذه الطائفة المنتمية الى مذهب أهل البيت عليهم السلام وتسديده تعالى لهم, ولا يرى هذا التاريخ الحافل بالجهاد والتقوى والميراث العلمي العظيم في الفقه والاصول والرجال, والمدرسة الفقهية الكبيرة التي خرجّت الالاف من العلماء والفضلاء المنتشرين في البلاد والمئات من الفقهاء والمجتهدين. اليس في هذا التاريخ الناصع, والتراث الفقهي العظيم كلّه سبباً كافيا لرجوع جمهور شيعة أهل البيت عليهم السلام إليه بالتقليد, حتى تلجأ الى تفسير ذلك بالمافيات الوهمية للبلاط الايراني والتخطيط الانكليزي؟ المرجعية الدينية بعد وفاة الإمام الخوئي رحمه الله يقول هذا الكاتب في كتابه (جولة في دهاليز مظلمة): وقلت له (أي لصاحبه الذي صاحبه في السفر): ان الامور تدار من وراء النقاب. ففي القديم كان بلاط الشاه في ايران هو الذي يعطي الضوء الاخضر اما في المرحلة الحاضرة. فهناك جهات مخابراتية اقليمية ودولية, تلعب دورها في المشهد السياسي, وآخر حلقة في هذا تصنيف حاكم العراق المدني (بريمر وزلماي خليل زاده)(ص205). يتصرف الكاتب هنا طبقاً لمنهجه العشوائي غير العلمي وغير الشرعي في تسقيط قيمة المؤسسة الدينية, ويدعي ان الامريكان لعبوا دوراً مؤثراً في تحديد مسارات المرجعية. وليس عند الكاتب شيء جديد في التسقيط والتشهير غير ادواته التي يستخدمها دائماً, وقد عرفنا قيمتها الشرعية والعلمية, فلا نتوقف عندها. ولكن هناك سؤالاً سمعناه من أكثر من شخص, ولابد ان نتوقف عندهُ وقفه قصيرة. لقد دخل الامريكان العراق محتلين, والعراق بلد اسلامي وجزء من دار الاسلام, والامريكان كفار محتلون فما هو موقف المرجعية الدينية ورايها ودورها في هذه القضية الحساسة المهمة واليك التوضيح: موقف المرجعية الدينية من الاحتلال مرّ العراق بعد سقوط النظام بظروف صعبة سياسية وامنية واقتصادية. وكان الامريكان قد دخلوا العراق باليات عسكرية كثيرة ومتطورة. ولم تكن يومئذ للعراق حكومة ذات سياده حقيقية على وجه الارض, وإنما كانت هناك تشكيلة بعنوان (مجلس الحكم). إلاّ ان مجلس الحكم لم يكن يملك سيادة واقعية على وجه الارض... وكان الاحتلال الامريكي هو القوة الضاربة في العراق. في هذه الظروف كان رأي المرجعية الدينية, متمثلة, في الإمام السيستاني حفظه الله: ان الظروف الحاضرة الفعلية غير ملائمة لان تتصدى المرجعية الدينية لمقاومة الامريكان, وتعلن الجهاد على الامريكان, على مستوى المقاومة المسلحة... من دون ان يصدر من المرجعية الدينية منع ولو بكلمة واحدة عن عمليات المقاومة التي كانت تجري على الارض. وكان رأي سماحته(دام ظله) في تلك الظروف ضرورة احتواء ومصادرة المشروع الامريكي لاحتلال العراق من خلال المطالبة بتدوين دستور للعراق, يشارك فيه كل الاطراف العراقية, ويصوت عليه كل العراقيين. ثم بعد ذلك الدعوة الى انتخابات نيابية عامة للعراق يشارك فيها كل العراقيين بشرائحهم المتعددة, وانتخاب حكومة وطنية من خلال هذه الانتخابات. وكان من رأي المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف أنّ هذا المشروع الوطني (تدوين الدستور واجراء الانتخابات) يطوق الاحتلال ويؤدي الى افشال خططه في التحكم بمصير الشعب العراقي وتغيير هويته الثقافية. وخلال هذه الفترة رفض الإمام السيستاني حفظه الله أي لقاء بالمحتلين الامريكان على كل المستويات, فضلا عن التفاهم والحوار. ولم يصدّر منع من المرجعية للمقاومة التي كان يمارسها بعض الشرائح الاسلامية في العراق. هذه خلاصة عن مشروع المرجعية الدينية في ظروف الاحتلال للتعامل مع الاحتلال. ولم يمر على ذلك زمن طويل, ولا تزال هذه النقاط ثابته في ذاكرة جمهور العراقيين والمسلمين المعنيين بالشأن العراقي في ظروف الاحتلال. ولإصحاب الرأي أن يوافقوا المرجعية الدينية في رأيها وموقفها, ولهم ان يناقشوه وينقدوه, وليس في شيء من ذلك باس. ولكن ليس لأحد, اطلاقاً طبقاً للموازين الشرعية, أن يتهم المرجعية بإيثار العافية في تجنب الاصطدام بالأمريكان ومقاومتهم ومصانعتهم. دور أهل البيت عليهم السلام في تثقيف شيعتهم في أمر التقليد: إن ائمة أهل البيت عليهم السلام لم يألوا جهداً في تربية جمهور شيعتهم في أمر التقليد. علموهم من اين يأخذون دينهم, واين يضعون ثقتهم, والمواصفات التي تؤهل رواة احاديثهم لرجوع شيعتهم اليهم في أمور دينهم من الفقه والتقوى, والعقل, والزهد, والسداد, ولست اريد ان استعرض هذه الاحاديث فهي اكثر من ان يستوعبها هذا المقال. وكان لهذا التثقيف الواسع الذي قام به أهل البيت عليهم السلام لشيعتهم اثر عميق في تحصين شيعتهم في أمر التقليد. وقد أخذنا منهم عليهم السلام من الوعي والبصيرة والعقل ما لا يمكن ان يغلبنا عليه شياطين الانس كالذين ذكرهم هذا الكاتب. ورزقنا الله تعالى في عصر الغيبة الكبرى خطين نظيفين حفظهما الله تعالى من الانحراف والسقوط في اوحال الفتن وهما خط (المحدثين) وخط (الفقهاء). ومنذ عصر الكليني رحمه الله إلى اليوم لا تجد فقيها ولا محدثا, اكتسب ثقة جمهور شيعة أهل البيت عليهم السلام قد شطَّ عن الطريق, وسقط في اوحال الفتن.

التسديد الالهي: إن هذا التاريخ الناصع النظيف (الذي يعبر عنه هذا الرجل للأسف, بالتاريخ الاسود)(محنة الهروب من الواقع: ص117) لم يقم ولم يتحقق بجهودنا, عبر التاريخ, ولكن الله تعالى سدّد, وقوم, وحفظ تاريخنا من ان يتلوث. فليس على وجه الارض كلها إمتداد لأهل البيت عليهم السلام إلا هذا الجمهور من المؤمنين المتدينين, المصلين, الصائمين, الذاكرين لله كثيراً, الصابرين في الباساء والضراء على الثبات على خط أهل البيت عليهم السلام... فلا يمكن ان يضيع الله هذا الجمهور الصالح الصابر, ويكل امورهم الى مافيات البلاط الايراني او الى انكلتره وامريكا كما يقول هذا الكاتب. ما هكذا ظننا بالله, ولا بالمعروف من فضله. نعم لابد من الحذر والوعي واليقظة والانتباه لئلا نقع في شراك الشيطان... وجمهورنا آخذ بأسباب اليقظة والوعي والانتباه والحذر إن شاء الله. الاهانة التي يوجهها الكاتب الى جماهير شيعة أهل البيت عليهم السلام: إن هذه الصورة التي يقدمها هذا الرجل لجماهير شيعة أهل البيت عليهم السلام من فقدان الوعي السياسي والسذاجة في اختيار مراجع التقليد, والحالة القطيعية والغوغائية في التقليد, حتى أن (بريمر وزلماي خليل زاده) و(انكلترا) و(مافيات) البلاط الايراني ايام الشاه ينصبون لهم مرجعياتهم الدينية... أقول أن في هذه الصورة التي يقدمها هذا الرجل لجماهير شيعة أهل البيت عليهم السلام احتقار ما بعده احتقار, واهانة ما بعدها أهانه لشيعة أهل البيت عليهم السلام. وليس الأمر كذلك, البتّة, وليس جماهير شيعة أهل البيت عليهم السلام بهذه المثابة من السذاجة وفقدان الوعي, وهم أوعى واعقل مما يتصوره هذا الكاتب. وانني اتأسف أشد الأسف, واغضب لهذه الاهانة التي يوجهها هذا الكاتب الى جماهير شيعة أهل البيت عليهم السلام في العالم, وفيهم علماء وفقهاء وقادة وسياسيون واعلاميون واساتذة في الجامعات وحملة الشهادات العلمية العالية... وليس يصّح ان نسكت عن أحد يصفهم بهذه الصفة الغوغائية والقطيعية والسذاجة المتناهية والبلادة في أمر التقليد. الساقطون في اوحال الفتن: نعم ان انكلترا وامريكا وبريمر وزلماي خليل زاده يفكرون في ان ينصبوا للناس دُمى, ويدعون الناس لتقليدهم, كما حصل ذلك بعد سقوط نظام صدام, ولكن ما أسرع ما كشف الله تعالى القناع عن وجوههم, وعرفهم الناس, وعزلوهم وتجنبوهم, وطردوهم وتواصوا بالتحذير منهم, فعرفوا وانكشفوا. ولو شئت لذكرت لك اسماءهم, ولكني لا أحب أن أدَنَّس مقالي هذا بأسمائهم. وفيهم من ادعى أنّه اليماني الموعود الذي يترقبه الناس, وهو الوكيل المفوض من الإمام الحجة عجّل الله فرجه الشريف أو من أبنائه واحفاده, وجمعوا حولهم بضعة اشخاص من المغرّر بهم والغوغاء بتمويل من النظام السعودي والقطري والاماراتي, ولكن سرعان ما اكتشفهم جمهورنا وانكمشوا عنهم, وطردوهم وان الله تعالى ليحفظ هذا الجمهور الصالح الصابر المقيم للصلاة والذاكر لله من اشراك الشيطان ومزالقه ان شاء الله.

نماذج من المافيات في هذين الكتابين: ويروي قصصاً, لا تزيد على ان تكون قصة, لا تستند على بينة ولا حجة, اطلاقاً, يهتك بها حرمات رجال صالحين ممّن يضع الناس فيهم ثقتهم. ومن طرائف قصصه أنّ شخصا يدعى السيد مرتضى النقجواني رحمه الله يتوهمه (من زعماء المافيات الوهمية) يقول انه دخل على احد المراجع لا أريد أن اذكر اسمه رحمه الله ليبتزه في رأي او في موقف, وقال له بالحرف الواحد: (يا قروي (أي يا متخلف) أنا لو شئت لصنعت من جذوع النخل مراجع للتقليد) وكان في المجلس حينئذ حشد من العلماء يذكرهم فلم يطردوه ولم ينهروه!! وكأنّه امتلكهم الرعب والخوف, وكانّ على رؤوسهم الطير!!(جولة في دهاليز مظلمة: ص331) أقول أنا اعرف هذا الشخص جيداً وتفصيلا رحمه الله, واعرف حجمه ووزنه ودوره. كان رحمه الله شخصا عادياً جدا في أجواء الحوزة, ولم يكن من أهل العلم والفضل, وكان يعرف بالمطايبات والدعابة والمزاح. وكان أعقل وأتقى من أن يتفوه بمثل هذه الكلمة. وكان حجمه في النجف في جهاز المرجعية كاتب رسائل, لا اكثر ولا أقل, فلم تكن يومئذ طباعة الرسائل بالآلة الطابعة مألوفة, فكان بيوت المراجع يوظفون بعض شباب الطلبة المعروفين بجودة الخط لكتابة الرسائل, ومنهم السيد مرتضى النقجواني رحمه الله كان كاتب رسائل عند السيد ابوالحسن الاصفهاني ثم كتب للسيد عبدالهادي الشيرازي ثم كتب للسيد الخوئي رحمهم الله, لا يزيد عن ذلك, ولا يقل, ويشهد بهذه المعلومة كل من عاش تلك الفترة, وهم كثيرون وبقي منهم الى اليوم كثير. وقد نسج منه خيال هذا الكاتب رجلاً ذا سلطان ونفوذ واسع في النجف, ومن جملة زعامات المافيات الوهمية, ويدخل على المراجع ويبتز منهم ما يريد, ويصنع من الخشب مراجع, ويبسط نفوذه هنا وهناك, ولولا اني اعرفه معرفة تفصيلية دقيقة في الحضر والسفر, وأعرف حجمه ودوره ووزنه في النجف رحمه الله ويعرفه كثيرون ممن يعيشون الى اليوم لتصورت أنّ لهذه القصة حظاً من الواقع. وقد سألت الشخص الوحيد الباقي من الذين حضروا المجلس يومئذ فقال أن كلام السيد مرتضى كان حديثاً مؤدباً ولم نجد في حديثه يومئذ سوء أدب. التعرض للانساب والنبش في المقابر: ومن الامور التي يذكرها في كتبه التشكيك في أنتساب أحد الأعلام رحمه الله إلى الإمام موسى بن جعفر عليه السلام, ويصر على ذلك ويذكر قصصاً لإثبات هذا المعنى(ص300 - 301), وفي هذه القصص سخرية واستهزاء واضح, ولا نشك في أن ذلك كله من الذنوب الكبيرة. سبحان الله!! ما هذا إلاّ مرض, أُبتلي به هذا الانسان, وعقدة نفسية لا يستطيع ان يتحرر منها, وما شأنك وانساب الناس؟ وماذا ينفعك هذا القول؟ وماذا ينفع الناس هذا النبش السيئ في التاريخ والمقابر؟ وهل لك مسوغ في دين الله أن تشكك في انساب الناس. لقد قرأت كثيراً مما جاء في كتبه من الاتهامات والافتراءات والقول الباطل, التي يرسلها جزافاً الى رجال من اعمدة هذه المؤسسة المباركة, ويبلغ بعض هذه الاتهامات حد الفحش القبيح, الذي لا استسيغ ذكرها في رجال يعرفهم الناس بالتقوى والسداد, ويضعون ثقتهم فيهم.

التسديد الالهي لجمهور المؤمنين وجمهور المؤمنين, لا يضعون ثقتهم في أحد, بصورة عشوائية, ومن دون وعي وبصيرة, كما يتخيله هذا الكاتب, فإن الله تعالى يرزق جمهور المؤمنين من النور والبصيرة النافذة في قلوبهم وعقولهم ما يفقده هذا الكاتب ونظراؤه من الذين ينظرون الى هذه المؤسسة المباركة من خلال نظارات قاتمة وسوداء, وعقد نفسية, لا يستطيعون أن يتحرروا منها. فقد عشت المرحلة التاريخية التي يذكرها, ولم اكن غائباً عنها, وقرأت وسمعت كثيراً مما قارب عصرنا, فلم أر ولم اسمع ولم اقرأ أكثر الذي يذكره هذا الكاتب. ولست ادري ماذا يكون موقفه بين يدي الله تعالى اذا أوقفه الله للحساب العسير في اليوم العسير, وسأله عن هذه الافتراءات التي أرسلها من دون حجة ولا بينّة, افتراء بعد افتراء, وعن هذه القصص التي سردها قصة بعد اخرى. فهل ينجيه من هذا الحساب العسير اذا إستند يومئذ بين يدي الله تعالى الى كلام موظف مجهول في شركة سفريات مجهولة في لندن انه قطع بطاقة سفر لـ(س) وحجز له غرفة في فندق من الفنادق الراقية في الغرب للاستجمام والتمتع بما أحل الله وحرّم من المتع واللذات؟(ص116). وهب أنه اطمأن الى ما ذكره له موظف في شركة سفريات مجهولة في عاصمة الضباب, فما ذنب هؤلاء الشباب الذين يلقي اليهم هذه القصص, ويلوث قلوبهم بها, من غير ان يستند الى حجة شرعية؟ وهل يأذن الله تعالى له أن يشيع هذه المثلبة على مؤمن, ويسلب بذلك كرامة مؤمن, اكرمه الله, ويسلب ثقة الناس عن المؤسسة الدينية عموماً من دون حجة وبيّنة شرعية, كما يأمر الله تعالى. إنّ شبابنا ينبغي أن يكونوا على درجة عالية من الحذر من أن تلوث أمثال هذه الافتراءات الجزافية قلوبهم وافكارهم تجاه هذه المؤسسة. الثعلب يتحدث في كتابه (ولست اذكر موضع ذلك من كتبه لئلا أساهم في هدم حرمة مؤمن اعرفه واعرف براءته مما نسبه اليه) عن (ثعلب !!) يصلي بالناس جماعة ثم يذهب الى... ويمسك بإحدى يديه كتابا للدعاء واليد الاخرى ممدودة للناس للتقبيل, ويشير الى المكان والزمان, ولكني اسقطت المكان والزمان هنا, لئلا أشخصّه. أقول: إني اعرفه جيداً, ومنذ الشباب الى اليوم, ولقد صليت بصلاته مرات كثيرة, وأنا إن شاء الله لست ممن يستهين بصلاته, كما يصلي بصلاته عشرات الالاف من المؤمنين, تمتلئ به مساحة واسعة جداً بالمؤمنين. ولقد رأيته مرات كثيرة جالساً في المكان الذي يشير اليه الكاتب, يمسك القرآن او كتاب الدعاء بكلتا يديه, ويتلوهما ولم أجد له, ولا مرة واحدة, يداً ممدودة الى الناس للتقبيل, طيلة هذه المدة. أعرفه منذ أن كان شاباً الى اليوم, ملتزماً بحدود الله وحلاله وحرامه, وهو أستاذ ومدّرس معروف للسطوح العالية في الحوزة العلمية. وقد ابتلاه الله تعالى بابتلاءات صعبة في أحبائه وفي جسمه, فوجده عبداً صابراً شاكراً, على ما ابتلاء من البلاء. ولم أعرف له منذ اكثر من خمسين سنة عاشرته وعرفته منكراً يقترفه, وبدعة في دين الله, او ينتهك حداً من حدود الله, فهل يجوز أن ننتهك حرمة مؤمن جعل الله تعالى حرمته أعظم من حرمة الكعبة المشرفة بهذه الصورة المشينة الرخيصة. وقد رويت قبل قليل: ان المؤمن أعظم حرمة عند الله من الكعبة. روى أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله نظر الى الكعبة, وقال مرحباً بالبيت. ما أعظمك وما أعظم حرمتك على الله. (وما اطيبك واطيب ريحكِ). (والله للمؤْمن أعظم حرمة منك, لأن الله حرم واحدة منك, ومن المؤمن ثلاثة: ماله ودمه وأن يظن به السوء)(انظر الهامش). وانني أنصح هذا الكاتب, وحق المسلم على المسلم النصيحة, أن يبادر فيسترضيه, ويطيب نفسه, فقد شخصّه في كتابه بوصفه, وشَهّرَ به, ونال منه, فأنصحه أن يبادر الى إسترضائه قبل أن يقف بين يدي العدل الحكم, وقد ظلمه وأساء اليه, وشّهر به, بمثل هذه الصورة المهينة. وليس بوسعي أن أصف عمق الهزة التي تحدث في نفوس عشرات الالاف من المؤمنين الذين كانوا يصلون بصلاته هذه المدة بثقة واطمئنان, إذا عرفوا من وصفك له أنّه (ثعلب) قد غَرّهم وغشهّم هذه المدة, كَّرَّمه الله عن ذلك تكريماً, فقد وصفته وصفاً دقيقاً لا يخطئ... حتى شخصّته, فهل ترى يبقى للناس ثقة بإمام يصلون بصلاته بعد ذلك. لقد سَلَبَ الكاتب بهذا الوصف الردىء هذا العبد الصالح كرامته التي أكرمه الله بها, وسلب الناس الثقة التي طلبها الله تعالى من الناس في التعامل فيما بينهم, فهل من إثم أعظم من ذلك؟ اللهم, إنَّ هذا النهج من التعامل بكرامات الناس وحرماتهم ليس هو النهج الذي علمتنا في كتابك وعلمنا رسولك صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام, في التعامل مع كرامات الناس, وليس هذا النهج من إجتثاث جذور التواثق فيما بين المؤمنين هو نهجك ودينك. من هم الثعالب والذئاب؟ بلى, هنالك ثعالب وذئاب كثيرة, على هيئة الانسان, بل هم شر من الثعالب والذئاب. {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}الأعراف/179. ولكنهم من شرائح اخرى غير شريحة المؤمنين, مثل (بوش) و(اوباما) و(جون كيري) و(بريمر) و(رايس) و(نتنياهو) و(حمد بن عيسى) و(حمد بن جاسم) و(حمد بن خليفة) و(صدام) و(علي المعروف بالكيمياوي) و(ناظم كَزار) وذئاب (اسرة بهلوي) و(اتاتورك) و(القذافي) و(بن علي) و(علي عبدالله صالح) و(حسني مبارك) و(انور السادات) وحاكم آخر قتل الالاف من المسلمين في مصر وسجنهم وعذبهم لأنهم يدعون الى الله ودينه وكتابه و(بورقيبه) وزعماء (القاعدة) و(عرعور) و(.....) الذي كنا نعرفه بالاعتدال ثم ملاء بطنه بالحرام, من أموال حكّام الخليج, فسلب الحرام الذي ملأ بطنه به وعيه وبصيرته ودينه, وأمثالهم. هؤلاء هم الذئاب والثعالب, ولو شئت لملأت لك سجلاً أسود حافلاً بذكرهم, وظلمهم, وخياناتهم, وجرائمهم, ونتنهم, وجيفهم, وتبذيرهم, وإسرافهم بأموال بيت مال المسلمين. سافر أحدهم الى امريكا فأخافوه من ايران, فاشترى منهم (60,000,000,000) دولاراً سلاحاً مخزونا في ترسانات مصانع الاسلحة في امريكا, لا يعرف جيشه إستخدامها الاً اذا كان الى جنبهم المدربون والمهندسون الامريكان. ولو انفق هذا المبلغ على فقراء المسلمين الذين يعيشون تحت خط الفقر في الصومال وبنكلادش والهند وباكستان وافغانستان كفى أكثر من مائة مليون مسلم لسنة واحده في الحد الادنى من المعيشة الذي يفقدوه. وهذا رقم واحد من ارقام عبثهم بأموال النفط. ويعلم الله تعالى وحده أن الاموال التي بذلتها السعودية وقطر ودول خليجية اخرى واردوغان في تركيا من أجل تخريب سورية وتحويلها الى ركام من الانقاض طيلة 28 شهراً من اجل المحافظة على أمن اسرائيل لو كان يصرف على انشاء بيوت لفقراء المسلمين لما بقي في العالم الاسلامي كله مسلم فقير لا يملك بيتاً يؤويه. ولهم قصور في لندن, وفرنسا, وامريكا, والسويد, وسويسرا, وعلى سواحل البحار في أسبانيا يذهل الغربيين الفاسدين انفسهم, يشترونها بأموال نفط المسلمين, من دون رقيب ولا حساب. ولعلهم لا يسكنون فيها في السنة عشرة ايام او دون ذلك, وتستقبلهم في المطار سيارات فارهه بسواقها المعدين لمثل هذه الأيام, أُعِدتَّ فقط لبضعة ايام يقضيها أصحاب السمّو والجلالة والفخامة في ﭬللهم على سواحل البحار. فان كنت ناقماً على احد فانقم على هؤلاء, وإن كنت حاقداً فاحقد على هؤلاء, وليس على إمام من ائمة المسلمين, وهو الإمام الخوئي (رضوان الله عليه), عندما وضع أحد المؤمنين سيارة مرسيدس تحت تصرفه في شيخوخته المثقلة بالهموم والمسؤوليات الثقال, تعينه على الانتقال من البيت الى مجلس الدرس والصلاة. حيث تقول في كتابك (لقد كان الإمام الخوئي والمراهقون من أولاده يركبون تلك السيارات الفارهة, ومعظم الناس لا يمتلكون قيمة حمير) (ص420). ولقد عشنا في النجف وتلمذنا على الإمام الخوئي رضوان الله عليه اكثر من عشرين سنة, فلم نجد لأحد من أبنائه سيارة فارهه او غير فارهه, وطالما ركبت مع إبنه الأكبر السيد جمال الدين الخوئي رحمه الله سيارات الأجرة العامة من بغداد الى كربلاء والنجف, وكان السيد جمال الدين رحمه الله من علماء النجف واصحاب الفضل والفقه والعلم فيها. ان الكاتب يضيق صدراً بسيارة مرسيدس كان قد أهداها أحد المؤمنين للإمام الخوئي رحمه الله في شيخوخته وزحمة المسؤوليات الثقال على عاتقه... وكان أحرى به ان يضيق صدراً بالمليارات من الدولارات من بيت مال المسلمين التي يضعها ملوك النفط تحت تصرف امريكا وفرنسا والمانيا, وعلى موائد القمار, وفي دور العهر والفحشاء في الغرب, لقد أهدى أحد ملوك النفط الى امريكا هدية متواضعة قيمتها (500,000,000) دولاراً من أموال النفط, وهذا المبلغ يكفي لمعيشة مليون فقير تقريباً من فقراء الصومال وبنكَلادش وباكستان الذين يعيشون تحت خط الفقر لسنة واحدة على الأقل. لقد كان صدام وأزلامه وأولاده وأصهاره وبطانته يلعبون بالمليارات من ثروات العراق... وكان نصيب الشعب العراقي منهم السجون وحفلات التعذيب والمطاردة والملاحقة والاعدامات والمقابر الجماعية. إذا كنت حاقداً فاحقد على هؤلاء, واذا كنت طاعناً احداً فاطعن هؤلاء, واذا كنت متبرءاً من احد فتبرأ من هؤلاء, واذا كنت غاضباً على أحد فصب جام غضبك على هؤلاء, واذا كنت تلعن احداً فالعن هؤلاء, ليرضى الله تعالى عنك, ونزّه قلمك ولسانك عن فقهاء كبار ومراجع أولتهم الامة ثقتها واحترامها وتقليدها وإتباعها في السراء والضراء من الاحياء والأموات من الذين تنال منهم بصورة مستمرة مرة بعد أخرى, في كتبك, كلما تجد فرصة للنيل منهم والفتك بهم وأكثرها كذب وبهتان وزور. لقد كان منهج أهل البيت عليهم السلام: تسقيط الطغاة والجبابرة, والنيل منهم, والتشهير بهم, وفي المقابل تعزيز ثقة الناس بالفقهاء والعلماء الذين يحملون تراث محمد وآل محمد عليهم السلام, وهذا المنهج الديني الذي تسلكه يقع في النقطة المقابلة لنهج أهل البيت عليهم السلام تماماً. التصرف في بيت المال نعم, لا ننفي نحن أن التصرف في أموال بيت المال ليس كما ينبغي, بل ليس كما يجب احياناً. وقد كان الامر كذلك في جهاز الائمة المعصومين عليهم السلام. ونحن نقرأ في نهج البلاغة, وفي رسائل أميرالمؤمنين عليه السلام إلى الولاة شكوى مريره من بعض عماله وولاته. وكان يعزلهم احيانا, ويهددهم احياناً وينصحهم احياناً. وقد كانت هذه الشكوى في بعض الحالات من بعض اجلاء اصحابه(رحمهم الله). ومن المعاصرين نذكر الإمام الخميني رحمه الله وقد كان قائد ثورةً وامام دولة وكان دقيقاً في التصرفات المالية, ولكنه رحمه الله في خطاباته كان يشكو من تصرفات بعض المسؤولين في الدولة, بل بعض علماء البلاد ومثل هذه الشكوى كثيرة في كلمات الإمام الخميني رحمه الله. إلا أن الصرف كان رغم ذلك كله تحت السيطرة بشكل عام. فإن كانت النقود الموجهة الى المرجعيات الدينية في هذه الحدود فهي مقبولة ومعقولة والى حد ما صحيحة. ولا يمكن رفضها, ولابد لها من علاج وضبط, ولست ابرر بذلك هذه الأخطاء. ولابد من السعي في احداث ديوان مركزي في جهاز المرجعية للمحاسبة والمراقبة المالية. إلا أن في النقود الموجهة للمرجعية الدينية بخصوص التصرفات المالية مبالغات كثيرة, تبلغ حدود التسقيط والتشهير. والخص ما تقدم في نقاط ثلاثة: 1- ان هناك نقاط ضعف وخلل في التصرفات المالية في جهاز المرجعية الدينية, إلا ان حركة المال بشكل عام تبقى تحت السيطرة في بيوت المرجعية. 2- ولا يصّح تبرير هذا الخلل وإهماله, ولابد له من علاج وتصحيح, ومن دون ذلك سوف تضعف ثقة الجمهور بجهاز المرجعية. 3- ولا يصحح وجود هذا الخلل الاعمال التسقيطية التي نجدها في بعض الاوساط تجاه المرجعية الدينية... فإن ضرر هذه الاعمال اكثر وابلغ على المؤسسة الدينية من الخلل الموجود في بعض التصرفات المالية... والذين يواجهون المرجعية الدينية بمثل هذه الاعمال التسقيطية لا يبالون بتخريب هذه المؤسسة ولا يعرفون قيمتها العظيمة في حياتنا الثقافية والسياسية. وناهيك ان الجمهورية الاسلامية هي واحدة من ثمار هذه المؤسسة, ورغم الدور القيادي العظيم للإمام الخميني رحمه الله, لم تكن الثورة التي قادها الإمام في اسقاط نظام بهلوي وإقامة اولى دولة اسلامية - بالمعنى الفقهي - على وجه الارض كلها لولا وجود خلفية تتجاوز الالف عاما للمؤسسة الدينية في ايران. وأي عمل تخريبي تجاه المؤسسة الدينية عمل غير ناصح ومن قبل ناس غير ناصحين. والعمل الناصح في هذا المجال هو المساعي الحميدة لاصلاح وتطوير المؤسسة الدينية, والتفكير في حلول عملية داخلة في حيز الامكان وبين الأسلوبين فرق شاسع. ___________________ هامش: الروايات بهذا المضمون كثيرة ذكرنا بعضها. راجع كتاب المشكاة لأمين الاسلام الطبرسي و(الاختصاص) لأبي عبدالله محمد بن النعمان العكبري البغدادي المفيد, وكتاب (المؤمن) للشيخ الجليل حسين بن سعيد الاهوازي, و(الخصال) للصدوق, ووسائل الشيعة للحر العاملي, و(المستدرك) للشيخ النوري, وغير ذلك, ونضيف الى ما تقدم (المعجم الاوسط للطبراني: 1 /214, ومعرفة الصحابة لابي نعيم الاصبهاني (باب من اسمه عتبه) ومسند الشاميين للطبراني: 5 /165 والمسند الجامع لأبي المعاطي النوري: 10 /252 والمعجم الكبير: 11 /27 وجمع الجوامع للسيوطي: حرف الهمزة, وحرف القاف, وحرف اللام, وحرف الميم, وحرف الياء, وسنن ابن ماجه باب حرمة دم المؤمن وماله... وغير ذلك من المصادر. بين الشيخ احمد الوائلي والشهيد السيد جواد شبر (رحمهما الله) كلاهما ذهب الى لقاء الله, وكلاهما كان من أعمدة المنبر الحسيني... الشيخ أحمد الوائلي, والسيد جواد شبر رحمهما الله, إختصَّ الشيخ احمد الوائلي بلقب عميد المنبر الحسيني في العراق وفي بلاد الخليج ما يقرب من نصف قرن, والآخر كان من أبطال المنبر الحسيني واعمدته, وخصّه الله تعالى بالشهادة, فكان من شهداء المنبر الحسيني, وهو فوق كل رزق. خدما المنبر الحسيني أكثر من نصف قرن, وكسبا أوسع جماهير شيعة أهل البيت, ورفعا خطاب أهل البيت عليهم السلام الى أوسع الجماهير في العراق وبلاد الخليج, بل وفي المهاجر الاوربية. رحمهما الله, وتغمدهما برحمته الواسعة. يذكر هذا (الكاتب) لهما قصّة في التنافس بينهما على كسب الجماهير وساحات المنبر, وكَأنّ احدهما يكيد بالاخر ويمكر به, والآخر يرد الكيد والمكر اليه بمثله(جولة في دهاليز مظلمة: ص177 - 181). لا أحبّ أن أذكر القصة هنا, لئلا ادخل فيمن يشيع قول السوء والفحش في الذين آمنوا, وأنا لا أشك في أن القصة بتفاصيلها التي يسردها هذا الكاتب في كتابه (جولة في الدهاليز) منتحلة عليهما وباطلة, واحتمل بدرجة عالية جداً انها مكذوبة وباطلة حتى في إجمالها(ص177 - 181). ولست اتحدث هنا عن هذا وذاك, ولكنني أتساءل: لماذا هذا النبش في المقابر, وفي تاريخ ناس صالحين عرفناهم وعرفهم جمهور المؤمنين بالاستقامة والصلاح وخدمة المنبر الحسيني, وتثقيف جماهير أهل البيت عليهم السلام, ومقاومة الظالمين, حتى أن أحدهم ذهب شهيداً الى لقاء الله, والآخر بقي مهاجراً, بعيداً عن بيته وأهله واولاده في شيخوخته, فراراً من بطش الظالمين. ولو كانا يعطيان للظالم نصف كلمة او كانا يسكتان عنه لعاشا في أرغد عيش وفي أمن وسلام ودعة.. أليس في حسناتهم, وخدماتهم, ومقاومتهم للظالمين, ودورهم في خدمة المنبر الحسيني ما يغنينا عن ذكر قضية, في أغلب الظن, منتحلة وموهومة في التنافس السلبي بينهما؟ حتى أنَّ احدهما كان يكيد بالآخر, والآخر يحفظ له هذه الإساءة, ولا ينساها له, حتى يردها له الصاع بالصاع والكيل بالكيل. اللهم ليس هذا النهج هو النهج الذي علمنا عنك انبياؤك واولياؤك. رحم الله فقيدي المنبر الحسيني وعميديه ومعذرة اليهما, اذا اضطرني هذا الكاتب الى الاشارة الى هذه القضية المنتحلة من بعيد, لاعالج بذلك مرضاً يستشري في بعض اوساطنا الاجتماعية وهو الفتك بانفسنا, واخواننا احياءً وامواتاً, كما يقول تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ}الحجرات/12. ولو عرف الناس أنّ مثل هذا الفتك بالاحياء والأموات, وبرجالنا وأبطالنا وقادتنا وقدواتنا, مثل من يأكل لحوم الآخرين وهم أموات, اذن لاشمأزت نفوسهم من بشاعة هذا الأثم وممن يقترفه.

السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي رحمه الله ساءني كثيراً التعبير الفج والفظ لهذا الكاتب عن المرجع الديني الكبير, الفقيه, الذي تفرد بمرجعية الشيعة الإمام السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي رحمه الله يقول هذا الكاتب (ان المندوب السامي البريطاني قبّل يد السيد كاظم اليزدي, وكان ذلك في لقاء سري, لكن مساعده الانكليزي عاب عليه ذلك, قائلاً ماذا كان يفعل رئيس الوزراء البريطاني لو رآك وانت تقبل يد هذا الرجل, فرد عليه المندوب قائلا: إنّه يعلم أفضل مني ومنك بانه ما كان لمشاريع بريطانيا في الشرق الاوسط والقارة الهندية تنجح لولا فضل هؤلاء, وأشار بيده الى السيد اليزدي رحمه الله انها صفقه سوداء في تاريخنا والخاسر فيها الاسلام والمسلمون)(محنة الهروب من الواقع: ص171). وعلى طريقته يلقي الكلام على عواهنه, ويمضي, غير عابئ بتبعات هذا الكلام, ويزرع الشك في نفوس المؤمنين تجاه فقيه ومرجع كبير من فقهاء المسلمين ومراجعهم. التاريخ الجهادي الناصع للسيد كاظم اليزدي أقول ان القوات البريطانية دخلت العراق, وبالتحديد الفاو في 6 تشرين الثاني 1914م لاحتلال العراق, وفي كانون الاول 1914م أي في شهر او اقل من شهر صعد السيد محمد كاظم اليزدي رحمه الله المنبر في الصحن الحيدري الشريف وخطب في الناس خطبة حثهّم فيها على الدفاع عن البلاد الاسلامية واوجب على الغنّي العاجز بدناً ان يجهز من ماله الفقير القوي(مذكرات الشبيبي: ص182). وفي 7 محرم 1333 أي في نفس شهر تشرين الثاني 1914 ولم يمر على احتلال الفاو إلا بضعة أيام توجه وفد من علماء النجف الى بغداد ليتوجهوا منها الى جبهة الحرب عن طريق دجلة. وكان الوفد يومئذ يضم الشيخ فتح الله شيخ الشريعة الاصفهاني, والسيد علي الداماد التبريزي, والسيد مصطفى الكاشاني (والد السيد ابو القاسم الكاشاني) والوفد الذي اوفده الإمام السيد محمد كاظم اليزدي الى جبهات القتال, وفيهم ولده السيد محمد والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء, والسيد اسماعيل اليزدي وبعض طلية العلوم الدينية(ثورة النجف للأسدي: ص91). وكان لإعلان الجهاد من جانب السيد محمد كاظم اليزدي رحمه الله للتصدي للاحتلال البريطاني دور كبير في تحفيز عشائر الفرات ودجلة للمشاركة الفعالة في جهاد الانكليز. يقول الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رحمه الله في مذكراته المطبوعة بعنوان (عقود من حياتي): وهاجت الحمية الدينية بعلماء الإمامية والمراجع الدينية فخرجوا بأنفسهم الى الجهاد في الجهات المختلفة التي ساق العدو قواه اليها. وكانت الزعامة الروحانية قد إنحصرت بعد وفاة الاستاذ الخراساني بالسيد الاستاذ (الطباطبائي), (أي السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي) وحيث رأى القضية هجوم الكفر على الاسلام لم يتوقف من إعلان الفتوى بوجوب النفير العام على كل متمكن من الدفاع(عقود حياتي: ص100 - 101). وقد راسل السيد محمد كاظم الطباطبائي جمعا كبيراً من شيوخ عشائر الفرات ودجلة يستحثهم على الجهاد, جمع بعضها الاستاذ الباحث المتتبع كامل سلمان الجبوري في كتابه القيم الكبير عن الفقيه المرجع السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي ووثقها في ملحقات كتابه من ذلك كتابه الى الشيخ خزعل(السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي ،الاستاذ كامل سلمان الجبوري: ص545). ورسالة اخرى الى الشيخ طه فرج الله العشار (ص546). والى والي البصرة العثماني. والى الحاج عطية والحاج حمودي الملاك والحاج موسى العطية والحاج مهدي الهواز....... ورسالة الى عامة المؤمنين يستحثهم على جهاد الانكليز, يخبرهم فيه أنّه ارسل ولده السيد محمد ليدعو العشائر الى الجهاد(ص549). ورسالة الى التجار(ص550). ورسالة الى وكيله في الكوفة السيد على القزويني(ص570). ورسالة الى عامة المؤمنين يستحثهم على الجهاد وترك الخلاف والتفرغ لجهاد الانكليز(ص572). وبرقية الى ولده السيد محمد في ساحات الجهاد يقول له انه ارسل كتبا الى رؤساء العشائر فرداً فرداً(ص590) ورسالة الى والي بغداد بهذا الشأن(ص612). ورسالة الى اهالي الشطرة وعشائرها يستحثهم فيها على جهاد الانكليز(ص574) ورسالة الى الشيخ خيون العبيد رئيس عشائر العبودة في الناصرية يأمره بالتوجه هو وعشيرته الى ساحة الجهاد. ورسالة اخرى الى الشيخ خيون العبيد(ص576). ورسالة الى الشيخ كاطع ال بطي رئيس عشيرة الازيرج في الناصرية يخبره بفتواه بوجوب جهاد الانكليز(ص580). ورسالة الى رئيس عشيرة خفاجة في الناصرية يخبره بفتواه بالجهاد(ص582). وحيث بلغه ان الشيخ خيون يساير الانكليز أرسل رسائل الى شيوخ ورؤساء الناصرية يطلب منهم ان يمنعوا الشيخ خيون من مسايرة الانكليز(ص584). ولما عرف أن الشيخ خيون العبيد رئيس عشائر العبودة التحق بركب المجاهدين أرسل اليه كتابا يشكره على ذلك ويثنى عليه(ص592). ويذكر الاستاذ كامل سلمان الجبوري مجموعة من الرسائل بعناوينها تبلغ ست عشرة رسالة الى شيوخ العشائر يستحثهم السيد كاظم الطباطبائي على جهاد الانكليز(ص596 - 597). ورسائل السيد كاظم اليزدي الى شيوخ عشائر الفرات ودجلة والى الولاة العثمانيين كثيرة يذكر جملة منها الاستاذ كامل سلمان الجبوري, ولا نريد ان نتوقف عند هذه النقطة كثيراً. ولما علم السيد محمد كاظم اليزدي أنّ بعض المعممين أرسلوا برقية الى ملك بريطانيا يهنئونه على إحتلال العراق ويطلبون منه حماية العراق والعتبات المقدسة غضب غضباً شديداً فكتب في جواب من استفتاه عن حكم هذا المعمم: (الرجل الذي ارتكب هذا الفعل الشنيع فاسق فاجر لا يدفن في مقابر المسلمين)(ص145). وقد ذكرت مس بل هذه الرسالة وجواب ملك بريطانيا في كتابه عن تاريخ العراق ص(7). ولكن بعد ما احتل الانكليز العراق كان يراجعه بعض شيوخ العشائر في إعلان الجهاد ضد الانكليز مرة اخرى إلا ان السيد الطباطبائي كان يرى أنّ الوقت لم يحن بعد لإعلان الجهاد, ولا بد من فرصة لتحضير الناس والعشائر, وكان يقول إنا لا أمركم ولا أنهاكم حتى يتهيأ الناس للجهاد... الا أنّ الأجل عاجله رحمه الله قبل أن يستطيع ان يعمل شيئاً. وكان يحتقر الانكليز احتقاراً شديداً. يقول تلميذه الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء رحمه الله: كان السير برس كوكس (الحاكم السياسي الأول للانكليز سنة 1917) كان يراجع السيد في بيته في الكوفة وفي النجف >فيجلس على الحصير المتقطع المتلاشي, ويبقى بالانتظار مدة الى ان يخرج السيد ثم يجلس معه قليلا, ويقوم (السيد) قبل زائره, ولا يكلمه إلا بضع كلمات)(عقود من حياتي للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء: ص114). ويقول الشيخ كاشف الغطاء في طبائع استاذه السيد الطباطبائي ومنهجه السياسي ونفسيته: كان السيد رحمه الله صعب المراس, شديد الشكيمة, في غاية الحذر وسوء الظن, لا يُغَرُّ ولا يُخدّع(ص119). ولعل هذه الخصال النفسية والحذر, والانتباه وبعد النظر الذي كان يتمتع به السيد كان يدعوه الى التريث في الاستجابة لطلب بعض الناس في إعلان الجهاد للمرة الثانية من دون تحضير وإعداد. ومهما يكن من أمر فلست اريد أن ادافع عن موقف السيد الطباطبائي اليزدي رحمه الله في التوقف عن الاستجابة لدعوة بعض العشائر الى اعلان الجهاد مرة اخرى ضد الانكليز. وانما اقول إنّ هذه رؤية ونظرية, وهو رحمه الله بالتأكيد أدرى منا بالظروف السياسية الصعبة التي كان يعيشها امام الاحتلال الانكليزي للعراق. وبعد مقتل الكابتن مارشال ومحاولة اغتيال بلفور في النجف من قبل اولاد سعد راضي اراد الانكليز الانتقام من النجفيين فطلبوا من السيد الطباطبائي اليزدي مغادرة النجف لقصفها قصفاً وحشياً شرساً, وارسلوا اليه ان يخرج هو وعائلته من النجف, إلا ان السيد الطباطبائي رفض طلب الانكليز رفضاً قاطعاً, وقال لهم إن أهالي النجف كلهم عائلتي, فحمى الثوار من انتقام الانكليز(السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، كامل سلمان الجبوري: ص447). وكان رحمه الله, الى ذلك, فقيها, في الرعيل الأول من الفقهاء, يتميّز بدقة النظر, وعمق الرأي, والقدرة الفائقة على الاستنباط, ويشهد بذلك كتابه القيم (العروة الوثقى). وهذا الكتاب وإن كان كتاب فتوى, إلاّ أنّه يكشف عن قدرة صاحبه على التفريع. وفي الكتاب اشارات سريعة احيانا الى الدليل وهذه الاشارات رغم اختصارها وايجازها تكشف عن نظر الفقيه اليزدي الثاقب ودقته وعمق رأيه, وكتابه في التعلق على مكاسب الشيخ الانصاري من أفضل ما كتبه الفقهاء في التعليق على هذا الكتاب. واجمالاً يُعَدّ صاحب العروة الوثقى من ابرز فقهائنا في العصور الاخيرة. وقد تصدّر كتابه العروة الوثقى المتون الفقهية عند مشايخنا في الشرح والتعليق, بعد ان كان كتاب الشرائع للمحقق الحلي رحمه الله المتن الفقهي عند فقهاء الإمامية رحمهما الله. ومهما يكن من أمر فنحن نعتذر الى السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي رحمه الله عن الاساءة التي وجهّها اليه هذا الكاتب ووصفه (بصفقة سوداء) فانه اسوأ وصف لرجل تفرد بمرجعية الطائفة كلها وتحمل المسؤولية الشرعية للأمة في ظروف سياسية صعبة للغاية. ان الناس يعظمون الاقزام الذين ينتمون اليهم, ويجعلون منهم عمالقة اما نحن فَنُقَزَّمُ العمالقة الذين ينتمون الى تاريخنا المعاصر. التجاوز على الإمام الحكيم والإمام الخوئي(رحمهما الله): يسيء الكاتب كثيراً الى الإمام الحكيم والإمام الخوئي رضوان الله عليهما وبيتيهما وجهازيهما بقسوة وضراوة بالغة. وقد عاش هذان الإمامان الجليلان من فقهائنا المعاصرين ظروفاً سياسية صعبة للغاية, تحمّلا الكثير, وصبرا الكثير, وظُلما كثيراً, تغمدهما الله برحمته الواسعة... وهما من أجلاء فقهاء عصرنا. وعلى الجيل الذي يليهما أن يأخذ هذه المعاناة التي تحملاها والظلم الذي صبرا عليه, والظروف الصعبة التي عاشاها من أجلنا... علينا ان نأخذ ذلك بنظر الاعتبار ونرد لهم الجميل بالجميل, والذكر الحسن, ونعرف لهما طول محنتهما وصبرهما. وعلى خلاف ذلك. يعمل هذا الكاتب, فيتحدث عنهما وبيتيهما بأسوأ ما يكون الحديث ويروي عنهما قصصاً واحداثا لا اشك في انها منتحلة عليهما عن عمد وقصد, يذكرها هذا الكاتب من دون تحرج, ومن دون حجة ولا دليل. من ذلك, على سبيل المثال, لا الحصر: يقول: (في اوائل الستينات زارت النجف الاشرف فرح ديبا زوجة شاه ايران محمد رضا بهلوي. و(كان يصحب هذه الضيفة وفد رفيع المستوى يرأسه وزير خارجية الشاه عباس رام, واقيمت مأدبة طعام في منزل احد مدرسي المدرسة الايرانية في النجف الاشرف وهو (كيهاني). وحضر فيها السيد الحكيم واكثر من 80 من وجهاء الحوزة والمدرسين, وكان حضور وزير خارجية الشاه لافتاً, حيث جلس بجنب السيد الحكيم, وبجنبه من الجانب الآخر السفير الايراني (فريدون مشايخي) والتقطت لهم الصور مع السيد الحكيم, لقد كنت حاضراً آنذاك وانا ابن 18سنة, وكنت ارصد المشهد تماما. وكان في ظرف اقتصادي صعب لا يستطيع فيه رجل العلم ي النجف الاشرف من ان يتذوق لحم الدجاج إلا في العام مرة واحدة)(محنة الهروب من الواقع: ص141) ثم يصف الكاتب الوليمة التي اقامها كيهاني (معلم في المدرسة الايرانية) على شرف مرافقي فرح, وفيها انواع الطيبات (ويصفها وصفا مسهباً)(ص142) في حين كان طلاب الحوزة العلمية لا يدخل بيوتهم لحم الدجاج الاّ بالسنة مرة واحدة. ويصف المجلس الذي حضره الإمام الحكيم على مأدبة (كيهاني) وصفاً دقيقاً, ويقول كان وزير الخارجية الايراني على يمين السيد الحكيم والسفير الايراني على يسار السيد الحكيم رحمه الله. ويقول انه كان يومئذ حاضراً في المجلس وهو ابن 18سنة, وكان يرقب هذا المشهد بنفسه. وهذا اقصى مراحل التأكيد والتوثيق بالحضور والمشاهدة, يؤكده الكاتب ويقول انه كان شاهداً وراصداً له. وكل ذلك كذب وانتحال على الإمام الحكيم رحمه الله فلم يحضر الإمام الحكيم هذه المائدة, ولا تجدون هذه القصة الا في تخيلات هذا الكاتب حصراً. سبحان الله ما اخصب خيال هذا الرجل على نسج القصص, وما أجرأه على انتحال الاخبار والقصص والحكايات. وليس بيننا وبين هذه القصة التاريخية التي ينتحلها هذا الكاتب اكثر من خمسين سنة. ولم تمر عليها قرون, ليشق التحقيق الميداني في هذه القضية. فهل تجدون مصدراً, يُعبأ به علمياً لهذه القصة, الاّ عند هذا الكاتب. ان الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود طلب من الإمام الحكيم في السنة التي حج فيها الإمام الحكيم: انه (أي الملك) يرغب في زيارة الإمام الحكيم, ويرغب ان يلتقي به في المسجد الحرام, وانه لا مانع لديه من زيارة الإمام الحكيم في بيته كسائر الناس, غير انه يخشى ان شخصية دينية علمائية - سماها له - يتوقع منه مثل ذلك... فهل يمكن ان يلتقي به في المسجد الحرام. فارسل اليه الإمام الحكيم(رضوان الله عليه): إن لمرجعية الشيعة اعرافا في اللقاء بالزعماء والسياسيين لا يسعه ولا يمكنه ان يتجاوزها, فاذا احب الملك فيصل ان يلتقيه ففي بيته كما يلتقيه ويزوره سائر الناس فهل يمكن أن يستجيب الإمام الحكيم لمأدبة لمعلم في المدرسة الايرانية في النجف الاشرف تقام على شرف مرافقي الملكة, فيحضرها الإمام الحكيم بنفسه ويجلس وعلى جانبيه وزير الخارجية والسفير الايراني, وتلتقط لهم صور. سبحان الله ماذا يطلب هذا الرجل من هذا المسلسل من الافتعال والانتحال, وما أجرأه على افتعال القصص والتواريخ, وما أخصب خياله, وليته كان يوظف هذا الخيال الخصب فيما ينفع الناس ويمكث في الارض, لافي تعكير علاقة الناس بالمؤسسة الدينية لشيعة أهل البيت عليهم السلام وتشكيكهم بها, وهي المؤسسة الاكثر نزاهة ونظافة وبركة على وجه الارض كلها, ولست أعرف اليوم مؤسسة عاملة على وجه الارض اكثر نزاهة ونظافة وبركة منها من دون أي تحفظ. وأحتمل إنّ قصة (علي عيني) التي تأتي تحت هذا العنوان ص141 و142 من نفس الكتاب, وفيها اساءة واضحة الى علم من اعلام الفقه والفلسفة في النجف الأشرف ايضاً من بنات خيال هذا الكاتب المغرم بالإساءة الى أعلامنا وتاريخنا. ويروي كذلك زيارة أخرى لفرح ديبا (بهلوي) للنجف الأشرف سنة 1378هـ(محنة الهروب من الواقع: ص142) ويقول: (والجدير بالذكر ان للملكة فرح ديبا زيارتان (زيارتين) للنجف الأشرف. كان هذه الاولى أما الثانية فكانت عام 1378هـ [الظاهر حصول سهو في التاريخ والتاريخ الصحيح 1978م] الا انها ضيفه هذه المرة على ابنة الإمام الخوئي زوجة السيد نصر الله المستنبط وأسباب الزيارتين كانت واحدة, وكنت شاهداً على الحالة الثانية كما في الأولى)(محنة الهروب من الواقع: ص142). وهذا إنتحال غريب للتاريخ فإن فرح ديبا كانت ضيفة على محافظ النجف الأشرف... وليس على إبنة الإمام الخوئي(رض) ولا تجدون هذه الرواية إلا عند هذا الرجل حصراً, وهذه القضية حدثت قبل 35سنة, وليس قبل قرون, ولازال الكثير من الذين شهدوا هذه القضية على قيد الحياة, ولست ادري كيف استسهل الكاتب لنفسه ان ينتحل قضية نزول فرح بهلوي ضيفة على ابنة الإمام الخوئي رحمه الله, ولا زال الكثير ممن شهدوا هذه القضية على قيد الحياة من ابناء النجف الأشرف. وقد نسج هو ونسج المغرضون الذين لا يخافون الله حول هذه الزيارة ما جادت به قرائحهم. منها: أن الإمام الخوئي رحمه الله استقبلها في بيته بالكوفة بـ(حي كنده), وقدم لها خاتم عقيق كتب عليه (يد الله فوق ايديهم)[قال لي بعض المقربين من الإمام الخوئي رحمه الله إن الإمام الخوئي لما سمع بقضية خاتم العقيق التي نسجها هؤلاء, تأثر وتألم كثيراً, ودعا على الذين انتحلوا هذه القضية ولفقوها]. لتقدمه الى السفاح الفاسد محمد رضا بهلوي(محنة الهروب من الواقع: ص174). ومنها أنّ الوسطاء الذين توسطوا عند الإمام الخوئي رحمه الله لاستقبالها هم السيد نصرالله المستنبط رحمه الله وتلقي أثر ذلك مبلغ 4000دع والسيد مرتضى النقشواني, وتلقّى من الملكة 3000دع(ص175)... ومنها ان الإمام الخوئي دعا لها ولزوجها وولديها(جولة في دهاليز مظلمة: ص62) الى آخر الافتراءات التي نسجها خيال هؤلاء من لا شيء... ولو كان يجمعون الى هذا الخيال المبدع تقوى وورع وخشية من الله لاستنزلوا رحمة الله وبركاته علينا. وهذا الذي نسجوه حول هذه القضية كلها افتراء واتهام. وكلما في الامر أنّ محافظ النجف ومدير الأمن يومئذ حبكا خطه ذكية في مباغتة الإمام الخوئي بإدخال فرح بهلوي عليه, فجاء بها المحافظ وبعض الحاشية الملكية الى بيت الإمام الخوئي رحمه الله بالكوفة, وقد أُخِذَ الخادم الذي فتح لهم الباب بالمحافظ والقوة الأمنية التي ترافقه, ففسح لهم المجال, ودخلت فرح على الإمام الخوئي على حين غِرّه, ولم يكن يسع الإمام الخوئي أن يتحرك لثقل في جسمه رحمه الله فجلسوا حول الإمام الخوئي رحمه الله قبل أن يستطيع أن يصنع الإمام الخوئي رحمه الله شيئا فواجهها الإمام بوجه مكفهر ومتجهّم, كما ذكر لي اكثر من واحد شهد الموقع, وذكرّها وذكّر زوجها بأخطائه الكبيرة الفادحة التي أوصلت الامر الى هذا الحد, وبعد بضع دقائق أشار اليهم بعض مرافقي الإمام الخوئي رحمه الله بأنّ للإمام الخوئي أعمالاً ومواعيد, ولا يسعهم ان يطيلوا الجلوس عنده اكثر من ذلك, فقاموا وانصرفوا, والإمام الخوئي متجهم في خروجهم, كما كان متجهما في دخولهم, وتعرض الخادم الذي اذن لهم بالدخول من غير استئذان من الإمام لعتاب وتوبيخ شديدين بعد ذلك. هذا كلما في الأمر, لا أكثر ولا أقل. ولا تسأل بعد ذلك عما نسج المتصيدون بالماء العكر حول هذا الأمر من محادثات وخطاب بينهم وبين الإمام الخوئي رحمه الله, وتقبيل ليد الإمام الخوئي رحمه الله, وتقديم الخاتم العقيق هدية من الإمام رحمه الله الى المجرم السفاح محمد رضا بهلوي... ودعاء الإمام الخوئي لها ولزوجها, فإن من لا يخشى الله, ولا يتورعه بإمكانه ان ينسج الكثير من بنات تخيلاته واوهامه حول هذه القضية وينسبها الى الإمام الخوئي رحمه الله. ثم ينتحل الكاتب اهازيج شعبية يتغنى بها الشباب في شوارع طهران عندما نشر تلفزيون الشاه صورة فرح ديبا في زيارتها للإمام الخوئي(محنة الهروب من الواقع: ص176). ويتساءل الكاتب في سخرية واضحه للإمامين الجليين الإمام الحكيم والإمام الخوئي رحمهما الله: (ولم اعرف كيفية تقبيلها ليد السيد الحكيم ويد الإمام الخوئي, وكيف كانت وهل انها تمت على ما يرام شكراً لله!!!)(ص143) أقول: لا تسعني مفردات اللغة ان أعبّر عن أسفي واستيائي لهذه الدرجة من الاسفاف الذي يسقط فيه هذا الكاتب, وغيره ممن هو على رأيه ومذاقه في الاستهتار بكرامة أئمة المسلمين الذين يضع جمهور شيعة أهل البيت عليهم السلام, بل جمهور المسلمين, فيهم ثقتهم واحترامهم وطاعتهم, وأحيل أمره الى الله العلي القدير القهار, الذي اذا شاء أن يهتك عنه ستره الذي ستره به لم ينفعه الذين يشجعونه على هذا الإثم والافتراء, حتى لو ستروه بأكفهم. وأمّا حديث هذا الكتاب عن عمالة جهاز هذين الإمامين الجليلين وبطانتهما للبلاط الملكي في ايران, فحدث ولا حرج. علماً بان الإمام الخوئي رحمه الله قد أصدر رسالة في تحريم التعامل مع نظام بهلوي. وأظن انني لا أزال احتفظ بنسخة من هذه الرسالة الى اليوم في مكتبتي الخاصة. ولكن هذا الكاتب يتهم جهازهما بالعمالة لبلاط الفاسد الساقط محمد رضا بهلوي بمناسبة وغير مناسبة, وكانه يستمرء ذلك ويستطيبه, فيكرره عشرات المرات فيما قرأت له... ولم اقرأ له قط, ولا مرة واحدة, خلال كتبه هذا حجة ودليلا يرتضيه الدين والعقل في هذا التخوين والتفسيق والتسقيط الذي يمارسه مرة بعد اخرى تجاه تاريخنا. ولقد وجدت عند هذا الكاتب مالم أجده عند غيره من نزعة تهاجميّة تجاه تاريخنا المعاصر وفقهائنا وامجادنا وجهادنا وابطالنا... وقد قلت من قبل واقول: ان الاعتداء على تاريخنا اعتداء علينا جميعاً, فإن قيمة الأمة بتراثها وتاريخها, والنيل من تراث الامة وتاريخها نيل منها واساءة اليها. التقليد والخمس: يكثر الكاتب من الضرب على وتر التشكيك في أمر (التقليد) و(الخمس) بتعبيرات مختلفة بصور شتى... ويعلن في بداية كتابه (أجواء في دهاليز مظلمة) نداءً يعلن فيه أنّ من يثبت وجود نص شرعي حاكم على وجوب التقليد ووجوب الخمس للمقلد فله عشرة الاف دولار. نقول له: أمسك عليك مالك, ولا تجازف به, فإن الأمر أوضح من ذلك. إنّ الدراسات الفقهية المعمّقة التي أجراها فقهاؤنا في التقليد والخمس لا يمكن أن يكون في فراغ, بالصورة الساذجة التي يطرحها هذا الكاتب. أنه سذاجة بالغة أنّ يدعي أحد, ليس من أصحاب الاختصاص, في مسألة علمية ذات بعد تخصصي واضح, فيقول: (وأما التقليد الذي تدعو اليه الرسائل العملية فأنه مجرد اجتهادات ومذاقات شخصية... وهو عندي فاقد لأي قيمة)(جولة في دهاليز مظلمة: ص210). فهل يتعقل عاقل أنه قد ادرك ما غاب عن كبار العلماء من أصحاب الاختصاص العلمي من قبله... اقول لا يمكن تفسير هذه المجازفة في الرأي الا بالسذاجة, أو احتقار عقول الناس. وهو يشبه أن يقول أحد من غير اصحاب الاختصاص أنه قد خصص 10,000 دولار لمن يثبت بدليل حسي أن الأرض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس. او يقول أحد انه قد خصص جائزة كبيرة لمن يثبت بصورة حسية ان الأمراض المعدية تنتقل من شخص الى شخص بسبب كائنات مجهرية حيّة. او يقول أحد من غير اصحاب الاختصاص أنّ إنفلاق الذرة وإنطلاق هذه القوة الهائلة التي يتحدث عنها علماء الذرة... أمر موهوم وليس له قيمة علمية عندي. ان مسألة هامّة كالتقليد والخمس يدرسه عشرات الفقهاء المحققين في الدراسات الفقهية العليا في حلقات علمية مفتوحة للمناقشة الحرة من قبل أصحاب الاختصاص... لا يمكن أن يتحداها أحد من غير اصحاب الاختصاص, ويقول: (من جاء بنص فقهي...الخ) الا بضرب من السذاجة واللامبالاة العلمية, أو عدم احترام العلم والتخصص, ومن لا يحترم العلم لا يَحْتَرُِم في الحقيقة نفسه ولا يضر العلم. وليس في عصر التخصصات العلمية من لا يعي ولا يدرك معنى كلامي هذا, حتى من غير أصحاب الاختصاص. ان الاستهانة بهذه الصورة الساذجة بالدراسات الفقهية المعاصرة والمتطورة والمعمقة جداً في مدرسة أهل البيت عليهم السلام في مدرسة النجف وقم ضرب من السذاجة والاستهانة بالعلم أو احتقار لعقول الناس... ولا ينبغي ان نتوقف عند هذه النقطة اكثر من ذلك, ولا يستحق الوقوف. فلنتجاوز هذه النقطة الى الحديث عن التقليد والخمس. إنّ قوام المؤسسة الدينية بالطاعة و(التبعية الواعية) من قبل الجمهور اولاً, و(تمويل المؤسسة الدينية) ثانياً. ومن دون (الطاعة والاتباع) و(التمويل) لا يمكن ان تنهض المؤسسة الدينية بالدور الاجتماعي والثقافي والجهادي والسياسي الكبير والواسع الذي تقوم به هذه المؤسسة. وكل الحرب الشعواء, والشحناء, والجدال الذي يدور اليوم حول (التقليد) و(الخمس) يعود الى هذه النقطة بالذات... انهم يريدون بـ(القضاء) على التقليد والخمس أن ينهوا الدور الفاعل الحركي والحضاري والسياسي والجهادي للمؤسسة الدينية عند شيعة أهل البيت عليهم السلام, ولكنهم لا يصرحون بذلك, وإنما يشككون في التقليد والخمس, والغاية من هذا التشكيك ليس التقليد والخمس, وإنما القضاء على (المؤسسة الدينية) التي تؤرق الاستكبار العالمي وعملاءهم في المنطقة. ولو كان شأن التقليد في مدرسة أهل البيت شانه في المذاهب الاربعة المعروفة عند أهل السنة لم تحدث عندنا مشكلة في أمر التقليد, كما لا تحدث عند أهل السنة, فإن تجميد التقليد عند الائمة الاربعة الذين توفاهم الله قبل الف ومائتين سنة لا يهدد عرشا ولا سلطانا..., إنّ إمام المذهب الذي توفى قبل اثنى عشر قرن لا يغير ظلما ولا يقاوم عدواناً. لقد عرف حكام بني العباس ومن بعدهم من الملوك كيف يجردون التقليد من الطاعة, ويبقى التقليد في دائرة ثوابت الشرعية من الحلال والحرام وهذا الامر لا يخيف الحكام. انما يخاف الحكام من فقيه حّي يعيش فيما بين الناس, ويقلده الناس, ويطيعونه, ويتبعونه في (الثوابت) و(المتغيرات) من الشريعة. ومدرسة أهل البيت عليهم السلام الفقهية هي وحدها التي أبقت أبواب الاجتهاد مفتوحه, واشترطت الحياة في المرجع الذي يرجع اليه الناس في الفقه, والزمتهم بطاعته واتباعه, وهذا هو موضع الخطر الذي أحس به الظالمون, ولذلك أعلنوا على (التقليد) حرباً شعواء وجدالا واسعاً لا ينتهي. ومسألة (الخمس) لا تختلف عن ذلك. فإن (الخمس) تمويل للمؤسسة الدينية. وهذا هو موضع الخطر, ولو كان كل واحد من المسلمين يدفع خمس ماله الى من يريد, كما يدعو اليه هذا الكاتب بالصراحة(ص286), لم تحدث مشكلة في أمر الخمس, وإنما يتحول الخمس الى مشكلة عندما يمّول الخمس المؤسسة الدينية وهذا هو موضع الخطر, ولكنهم لا يصرحون به. أنظف مؤسسة على وجه الأرض: وليت كاتب هذه الكتب الذي يتحدث عن الإسراف في صرف الخمس جزافاً, من غير حجة ولا بينه ولا برهان, كان يحمل ولو قليلاً هّم آبار نفط المسلمين التي تنهبها امريكا, وعملاؤها عندنا, وبطانتهم, واسرهم, وابناؤهم, وبناتهم, ويصرفونها على موائد القمار وبيوت العهر والفجور في الغرب, وشراء القصور الفخمة, وإقامة الموائد العامرة بأنواع الطيبات والخبائث, وسهر الليالي الحمراء الفاجرة, ومالا أستطيع إحصاؤه من الاسراف والتبذير بأرقام خيالية من المال لا تستوعبه تصوراتنا المحدودة الضيقة. اقول لو كان هذا الكاتب وأمثاله يفكرون في بعض هذا الفساد المالي والاقتصادي العظيم الذي يجري داخل قصور الحكام والملوك والأمراء بأموال المسلمين إذن لتغيرت زاوية أفكارهم وتصوراتهم, وفكروا بغير هذه الطريقة الشرسة في تسقيط المؤسسة الدينية, وإفشالها, وبث اليأس والشك في نفوس الناس, تجاه هذه المؤسسة, التي هي اليوم أنظف مؤسسة على وجه الارض كلها, بقاراتها الخمسة... من دون أي تحفظ. ولست اقول هذا الكلام جزافاً وإعتباطاً, وإنما اقوله عن خبرة ومعرفة طويلة بالمؤسسات السياسيّة والثقافية والخيرية الموجودة اليوم... فلا تجدوا اليوم على وجه الارض كلها مؤسسة أنظف وأسلم وأكثر رشداً, من المؤسسة الدينية عندنا, في مدرسة أهل البيت عليهم السلام, رغم كل الملاحظات الاصلاحية التي تذكر حول هذه المؤسسة. وجملة منها صحيحه, ولا بد من العمل في تصحيحها. فلا تبخسوا - أيها المؤمنون - قيمتها, ولا تظلموها, ولا تفرطوا بها, ولا تسمحوا - أيها الشباب - أن تنال منها السنة السوء السليطة, بالباطل ظلماً وعدوانا... فإنها ميراثنا الحضاري العريق, الذي توارثناها, جيلا بعد جيل, من الشيخ الكليني صاحب الكافي رضوان الله عليه, الى اليوم, عبر فقهاء وعلماء صالحين, وجهود مضيئة, ومواقف صعبة, فلا تسمحوا ان تكون هذه الكتب والكلمات الجارحة والتسقيطية, تحت أي عنوان, ولأي غاية, سبباً يُحدث شرخاً في هذا الصرح الشامخ الذي ساهم في أقامته أجيال من الفقهاء والعلماء والمؤمنين الصالحين, واحذروا أنّ يضيع هذا الميراث الحضاري العظيم على أيدينا, وفي جيلنا, ولن يضيع ان شاء الله, ولكنه تحذير لابّد أن نُحَذَّر به شبابنا الذين نضع بأيديهم مفاتيح مستقبل هذه الأمة, وهم أهل وكفؤ لتحمل هذه المسؤولية ان شاء الله. المنهج الاسلامي الصعب في تناول الآخرين: وأذكّر شبابنا لتحصين قلوبهم وأفكارهم من أمثال هذه الكتب والكلمات وهي للأسف كثيرة بوصية أميرالمؤمنين عليه السلام التي يرويها الشريف الرضي رحمه الله في نهج البلاغة: أما إنّه قد يرمي الرامي وتخطي السهام ويحيل الكلام وباطل ذلك يبور. والله سميع شهيد. أما أنه ليس بين الحق والباطل الا أربع أصابع, فسئل عليه السلام عن قوله هذا فجمع اصابعه ووضعها بين اذنه وعينه. ثم قال الباطل أن تقول سمعت, والحق ان تقول رأيت(1). الكلمة المسؤولة والكلمة غير المسؤولة: وهذا الذي يذكره أميرالمؤمنين عليه السلام مقياس دقيق لتمييز الحق عن الباطل, وتمييز الكلام الراشد الصحيح عن الكلام الجزاف الباطل الذي لا يَستْند الى دليل وحجة شرعية بالمقاييس الشرعية للحجة والبرهان. والناس على صنفين: صنف من الناس إذا تحدث يتحدث عن بيّنة وحجة وسند, واذا ادعى على احد أمراً يشفع الدعوى بحجة يرتضيها الله تعالى. هؤلاء الناس يعرفون مسؤولية الكلمة وقيمة الحرف. والكلمة عندهم مسؤولة, والحرف عندهم مسؤول, يوم يقف الناس بين يدي الله تعالى للحساب. {وقفوهم أنهم مسؤولون}. وشطر آخر من الناس, يلقي الكلام على عواهنه جزافاً, ويصدر أحكاماً بحق الآخرين من دون دليل, ويدّعي عليهم بلا بيّنة, ويصفهم بما شاءوا من الوصف, من غير دليل ولا حجه ولا بيّنة, وكانه يسرد على الناس قصّة من نسج الخيال. هؤلاء الناس لا يعرفون مسؤولية الكلمة والحرف... والكلمة عندهم رخيصة لا تُحّملُ صاحبها مسؤولية... وقد ألفنا نحن مثل هذا الجزاف في القول والكلام في الوسائل الاعلامية المعاصرة القائمة على الكذب والتسقيط والتهريج الاعلامي... والقاعدة التي ينطلق منها هؤلاء الناس (إكذب ثم إكذب ثم إكذب حتى يصدقك الناس) وقد فات هؤلاء أن الله تعالى يرصد الكذب والتهريج ويفضحه, طال أمده او قصر, وحبل الكذب قصير دائماً وهذان اسلوبان ومنهجان. النهج الأول هو النهج المسؤول والعلمي في اطلاق الكلمة والحرف والمنهج الثاني هو المنهج التهريجي غير المسؤول في اطلاق الكلمة والحرف.

المعايير الاسلامية في الرواية عن الآخرين: واين هذا المنهج الراشد الذي يريده الله ويرتضيه عن النهج الذي يسلكه هذا الكاتب وأمثاله, وهم كثيرون في إستسهال الرواية في ثلب الآخرة, والطعن بدينهم, واتهامهم والنيل منهم, بل الفتك بهم... من دون حجة ولا بينّه... أقول أين هذا التساهل في التجاوز على المؤمنين عن المنهج الاسلامي الصعب في الرواية على الآخرين. وقد روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام: لا تخبرن الا عن ثقة, فتكون كذابا وإن أخبرت عن غيره (غير الثقة) فإن الكذب مهانه ومذلّة(2). وعن أميرالمؤمنين عليه السلام: لن يصدق الخبر حتى يتحقق العيان(3). ترى اين يقع هذا الاسترسال في الاتهام والافتراء والنيل من الاخرين من المنهج الاسلامي الصعب في هذا الأمر: (لا تخبرن إلاّ عن ثقة فتكون كذاباً) الاتهام والبهتان: إنّ البهتان هو الكلام الذي لا تسنده حجة, في الآخرين. وقوله تعالى: {فبهت الذي كفر} أي انقطع وذهبت حجته. وليس بين الحق والباطل الا الحجة والبيّنة. فاذا استرسل الانسان في اتهام الآخرين والنيل منهم من دون حجة وبرهان, على الموازين الشرعية الدقيقة, فهو من الكلام الباطل والاتهام الظالم الذي يذيب الايمان في قلب صاحبه, حتى لا يبقى منه شيء, معاذ الله. عن الإمام الصادق عليه السلام: ما من مؤمنين الا وبينهما حجاب... فإن إتهمه إنماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء(4). ولكي لا يستسهل أحدنا أمر النيل من الآخرين أروي لكم هذه الرواية التي يرويها ثقة الاسلام الكليني رحمه الله في الكافي. كذب سمعك وبصرك عن اخيك: روى الكليني في الكافي عن عدة من اصحابنا عن محمد بن الفضل عن ابي الحسن موسى قال قلت له جعلت فداك: الرجل من أخواني يبلغني عنه الشيء الذي اكرهه, فاسأله عنه فينكر ذلك, وقد أخبرني عنه قوم ثقاة, فقال لي يا محمد كذب سمعك وبصرك عن أخيك, فإن شهد عندك خمسون قُسامة, وقال لك قولا فصدقه, وكذبهم, ولا تذيعن عليه شيئاً تشينه به وتهدم مروءته فتكون من الذين قال الله {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}النور/19. (ورواه الكليني ايضاً عن عدة من اصحابنا). قيمة المؤمن عند الله: إن للمؤمن حرمة عظيمة في الاسلام لا تضاهيها حرمه. روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله: ان المؤمن أعظم عند الله من ملك مقرب(5). وحرمته أعظم عند الله من الكعبة المشرفة. عن الإمام الصادق عليه السلام : المؤمن أعظم عند الله من الكعبة(6). وروى محمد بن قتاده عن احمد بن هلال عن الحسن بن محبوب عن الحسن بن عطية, قال كان ابو عبدالله (الصادق) عليه السلام واقفاً على الصفا, فقال له عباد البصري: حديث يروى عنك؟ فقال: وما هو؟ قال: حرمة المؤمن أعظم من هذه البنية (الكعبة)؟ قال: قد قلت ذلك(7). وروى الصدوق بسند صحيح في الخصال عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام: المؤمن أعظم حرمة من الكعبة(8). تسقيط المؤمن وتشهيره: ومن أعظم الذنوب والآثام الكبيرة: أن يروي الانسان على المؤمن, وهو يريد بذلك تسقيطه والتشهير به. روى الشيخ المفيد في الاختصاص عن الإمام الصادق عليه السلام: من روى على اخيه المؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروته أوقفه الله في طينه خبال(9) وعن أبن ابي يعفور عن ابي عبدالله عليه السلام قال: من بهت مؤمناً بما ليس فيه بعثه الله في طينة خبال قلت وما طينة خبال؟ قال.........(10). ولا تسألني عن طينة خبال, فإني لا أطيق أن اذكرها لك. ولمن يريد أن يعرف ما طينة خبال؟ عليه أن يرجع الى كتب الحديث... أعاذنا الله منها. وفي عيون الاخبار بأسانيد ذكرها صاحب الوسائل في اسباع الوضوء عن الرضا عليه السلام عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله :من بهت مؤمناً او مؤمنه او قال فيه ما ليس فيه أقامه يوم القيامة على تل من نار حتى يخرج مما قال فيه(11). وعن أميرالمؤمنين عليه السلام :من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروته ليسقط من عين الناس أخرجه الله من ولايته الى ولاية الشيطان(12). سلاطة اللسان على المؤمن: وفي احاديث أهل البيت عليهم السلام تحذير شديد ورهيب من تسليط اللسان على المؤمنين, ومن التساهل في النيل منهم والفتك بهم. روى المجلسي في بحار الانوار في جملة مواعظ موسى بن جعفر عليهما السلام إلى الصحابي الجليل هشام بن الحكم البغدادي الكندي رضوان الله عليه. يا هشام المتكلمون ثلاث فرابح وسالم وشاجب. فأما الرابح فالذاكر لله, وأمّا السالم فالساكت, وأما الشاجب فالذي تعّرض في الباطل. إنّ الله حّرم الجنة على كل فاحش بدى قليل الحياء, لا يبالي ما قال ولا قيل له(13). وفي الحديث القدسي فيما اوحى الله الى داود لو رأيت الذين يأكلون الناس بألسنتهم... ثم سلطت عليهم موبخّاً يقول: هذا فلان السليط فاعرفوه(14). وفي نهج البلاغة عن أميرالمؤمنين عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه, ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه, فمن استطاع منكم ان يلقى الله عظ وجل وهو نقي الراحة من دماء المسلمين واموالهم وسليم اللسان من اعراضهم فليفعل(15). ـــــــــــــــــــــــــــ هامش 1 - نهج البلاغة: خطبه 141. ووسائل الشيعة: 11 /593 ح16. 2 - غرر الحكم: ص590. 3 - غرر الحكم: ص 828. 4 - مستدرك الوسائل: 2 /110. 5 - جامع الاخبار للشيخ محمد بن محمد السبزواري من اعلام القرن السابع الهجري. 6 - مشكاة الانوار ادين الاسلام الطبرسي: ص61 و148. 7 - الاختصاص للمفيد: ص81. 8 - الخصال: 1 /27. 9 - الاختصاص: ص227 وبحار الانوار: 72 /260. 10 - وسائل الشيعة كتاب الحج. ابواب احكام العشرة الباب 152: 8 /603. ورواه الصدوق في عقاب الاعمال ص24. ورواه الصدوق في معاني الاخبار: 52. 11 - وسائل الشيعة: 8 /603, عيون اخبار الرضا: ص201. صحيفة الرضا: ص8. 12 - الاختصاص للمفيد: ص32, الكافي: 2 /358, بحار الانوار: 75 /216. 13 - بحار الأنوار: 1 /149 و75 /310 و90/ 165. 14 - بحار الأنوار: 72 /282. 15 - نهج البلاغة شرح محمد عبده: 1/346. رد مع اقتباس رد مع اقتباس الامانة الكبرى: إنّ المؤسسة الدينية بأركانها الاربعة, أمانة ثقيلة كبرى تلقيناها من الجيل الذي سبقنا, وهم تلقوها من الجيل الذي سبقهم, وعلى هذا المنوال يتلقاها كابر عن كابر, وصالح عن صالح وهي مؤسسة مباركه عظيمة البركات في تاريخنا... وضع القرآن الكريم اللبنة الأُولى لهذه المؤسسة. يقول تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}التوبة/122. وهذه المؤسسة المباركة استجابة لدعوة الله تعالى في كتابه في آية (النفر) وتوسعت بعد ذلك ونمت, وتطورت. ولهذه المؤسسة حضور واسع في العالم الاسلامي وتاريخ عريق وقيمة كبيرة في نفوس المؤمنين يتوارثها الاجيال جيلا بعد جيل. علينا ان نحافظ عليها وننميّها ونوسّعها ونطورها ونؤصلها ونرسخها, ونعمّق انشداد المسلمين عموماً, وبشكل خاص جماهير شيعة أهل البيت عليهم السلام بها, ونحذر من تضعيف هذه المؤسسة المباركة في جيلنا وبأيدينا, أو تضعف علاقة جماهير المؤمنين بها, فنكون من الخلف الذين اضاعوا هذه الموهبة الالهية الكبيرة في حياتهم. فهي المؤسسة النائبة في عصر الغيبة الكبرى عن القيادة الالهيّة المعصومة المتمثلة في إمامة المهدي من آل محمد عجّل الله فرجه الشريف. امانة في اعناقنا جميعاً حتى نورثها ابناءنا من الجيل القادم ويتوارثها الاجيال القادمة عنا كابراً عن كابر وصالحاً عن صالح, كما توارثناها نحن كابراً عن كابر الى قيام الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف وثورته الكونية الكبرى. فهي قيمة حضارية عظيمة في تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا. قيمة المرجعية الدينية ولهذه القيمة التاريخية مصدران اساسيان: المصدر الأول الاحاديث الكثيرة الواردة عن ائمة أهل البيت عليهم السلام في ارجاع شيعتهم الى الفقهاء وهي روايات كثيرة ذكر شطراً منها السيد الإمام الخميني رحمه الله في دروسه في ولاية الفقيه وبحثها متناً وسنداً, كما ذكرها فقهاؤنا رضوان الله عليهم في كتاب الاجتهاد والتقليد, ويرويها ثقة الاسلام الكليني في كتاب العقل والجهل من الكافي, وذكر صاحب الوسائل شطراً منها في أبواب صفات القاضي من كتاب القضاء وكذلك الشيخ النوري في المستدرك. وهي طائفة واسعة يصح سند جملة منها سواءً في مجال التقليد ام في مجال الولاية. وهذا هو المصدر الأول لقيمة المؤسسة الدينية عند الشيعة الإمامية. والمصدر الثاني الصفحة المشرقة لفقهائنا (رضوان الله عليهم) على إمتداد التاريخ. فلم نعهد منذ عصر الغيبة الصغرى الى اليوم, من عهد ثقة الاسلام الشيخ الكليني رضوان الله عليه الى عهدنا اليوم فقيهاً واحداً معروفاً دخل في المساومات السياسية, او اقترف خيانة. وكان فقهاؤنا الاعلام دائماً في الخط المتقدم من جهاد الطغاة وازلامهم, ومكافحة الاستبداد السياسي, وجهاد المحتل الكافر: (الاحتلال) الانكليزي او الفرنسي او الامريكي او الاسرائيلي, في العراق, وايران, ولبنان, وسورية, والهند, وباكستان, وافغانستان, وفلسطين وليبيا والجزائر. جهاد علماء الشيعة في تاريخ العراق المعاصر, نموذجاً والذين قرأوا تاريخ العراق المعاصر يعرفون جيداً جفاء آل عثمان (في فترة حكومتهم على العراق) للأكثرية الشيعية في العراق وظلمهم الكثير لهم. ومع ذلك عندما حدث القتال بين الانكليز وآل عثمان, ودخل الانكليز العراق لإخراج عُمّال العثمانيين واحتلال العراق وقف فقهاء شيعة أهل البيت عليهم السلام الى جانب الاتراك العثمانيين في قتال الانكليز, لأن العثمانيين مسلمون, والانكليز كفار. وكان القائد العسكري العثماني يقول كلما ضاقت بنا الظروف في ميادين القتال لجيوش الانكليز كنت أنظر الى خيمة شيخ الشريعة الاصفهاني من كبار فقهاء الشيعة في ميدان القتال تحت وابل الرصاص فاستلهم منه العزم والقوة واسترد ثقتي. وخرجت بغداد عن بكرة ابيها بشيعتها وسنتها لتوديع قافلة المجاهدين التي كان يقودها في ذلك الوقت السيد مهدي الحيدري كبير فقهاء الشيعة في بغداد والكاظمية في حينه لقتال الانكليز, وهم يرددون على طريقة الاهازيج الشعبية العراقية. حجة الاسلام طالع للجهاد**محصّن بموسى بن جعفر والجواد ولما أصيب القائد العسكري التركي الشجاع سليمان العسكري بشظية في ساقه ونقل على إثرها الى بغداد للعلاج عاده في بغداد في المستشفى احد علماء البلاط العثماني من اصحاب المرتبات العالية من الدولة. فلما وقع نظر سليمان العسكري عليه هزّ يده مستنكراً, وقال أنت ها هنا ترفل بالراحة والطمأنينة مع أنك تتقاضى راتباً ضخماً من الدولة طيلة عمرك. وان الإمام السيد مهدي الحيدري يحارب بنفسه الانكليز على شيخوخته وعظمته, وهو الآن في الصفوف الاولى وهو لم يقبل من أموال الدولة قليلاً ولا كثيراً طيلة حياته(الإمام الثائر: ص43 - 44). جبهة أخرى في الصليخ: وللدعابة نقول: في هذه الفترة التي كانت الحرب محتدمة بين المجاهدين والانكليز... وكان السيد مهدي الحيدري رحمه الله في قلب المعركة, وكانت خيمة شيخ الشريعة الاصفهاني في ساحة القتال في مواجهة جيوش الانكليز تحت وابل الرصاص, وكاد شيخ الشريعة الاصفهاني ان يغرق في النهر عند ما اراد ان ينزل الى القارب الذي يستقله فسقط في النهر, وكاد ان يغرق لولا ان تداركه بعض الشباب وانقذوه من الغرق. في هذه الفترة كانت هناك جبهة اخرى في (الصليخ) ببغداد يصفها ناجي شوكت, رئيس الوزراء الاسبق في العهد الملكي ووزير الداخلية لعدة دورات وزارية وشخصيه سياسية معروفة في التشكيلات الوزارية السُنية في العراق. يقول ناجي شوكت في مذكراته ص38. (كنت خلال هذه الفترة أتردد على دار العم مراد سليمان في أغلب الليالي. وكانت الدار المذكورة تضم من المداومين الدائمين السادة: جميل صدقي الزهاوي, وأحمد القيماقجي, وعزت الفارسي, وعبد الرزاق الشيخ قاسم, والدكتور سامي سليمان, وكان الزهاوي يسمعنا من شعره كل طريف ولذيذ, كما كان يسمعنا عن آرائه في الكون والعلم كل غريب, اما القيماقجي فكان يبتكر لنا الحكايات المضحكة التي تدخل السرور على قلوبنا. وعنّت لنا فكرة يومذاك, أن نقيم مأدبة عشاء, تعقبها في ليالي الجمع, وذلك في دار مراد بك الواقعة في الصليخ (وقد هدمت هذه الدار بعد اقتران السيد رشيد عالي الكيلاني من كبرى كريمات مراد بك, وحكمت بك, وكامل مهدي باشا, والدكتور سامي سليمان, وصاحب هذه المذكرات. فكان على كل منا أن يرتب مستلزمات الحفلة ويهيء الطعام, والشراب والمطربين (جالغي بغداد), وله أن يدعو بعض الاصدقاء كل ذلك على نفقته الخاصة, وكانت هذه النفقات لا تتجاوز الخمس ليرات ذهبية, (يا بلاش) [هذه التعليقة الطريفة للأستاذ حسن العلوي] على الرغم من امتلائها بالقوزي المحشي, والسمك المسقوف, والأكلات النادرة, والنقل والشراب, وكان الزهاوي ينقلب في مثل هذه الليالي التي تمتد حتى الصباح, الى شخصية أخرى, لا تمت الى العلم والشعر بصلة, وعند الفجر كنا نشكل دائرة (حلقة) حول الزهاوي - رحمه الله - ونردد الأغنية المعروفة (يا مسعد الصبحية) حتى إذا أخذ التعب من كل منا مأخذه, وذهب الى سريره, ليأخذ قسطاً من النوم والراحة, ومن ثم نعود الى بغداد. تلك هي الحياة التي كنا نحياها, على الرغم من أن نار الحرب كانت مستعرة, وحالة الطوارئ معلنة في جميع الأرجاء, فكانت هذه السهرات الملاح تنسينا بعض تلك الويلات. وقد مرت تلك الذكريات والأيام بسرعة خاطفة). شهداء الفضيلة: ولست بصدد استعراض التاريخ الجهادي لفقهاء الشيعة ومواقفهم الى جانب الناس في الدفاع عن حقوقهم ومعاناتهم, وما تحمل فقهاؤنا على امتداد التاريخ من قتل وسجن ومطاردة. ولقد الف الشيخ الأميني رحمه الله كتاباً في شهداء علماء الشيعة باسم (شهداء الفضيلة) الذين قتلوا بأيدي الامراء والحكام الظالمين والاشرار. وقدّمنا في الفترة الاخيرة من الشهداء من الفقهاء والعلماء والخطباء ما يصعب علينا إحصاؤهم, وقد جمع بعض المعاصرين تراجمهم في كتب مستقلة, ولكن هذه الكتب لا تفي الا بالقليل من شهداء علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام في إيران والعراق ولبنان وافغانستان وباكستان, بل حتى في بوسنه وهرسك. وهذه صفحه مشرقة مباركة ناصعة من التاريخ, يعرفها جيداً جمهور أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام وهي مصدر ثقتهم بالمؤسسة الدينية بعد تعليمات أهل البيت عليهم السلام لشيعتهم. القيمة الحضارية للمؤسسة الدينية: للمؤسسة الدينية بأركانها الأربعة: (المرجعية, وولاية الأمر, والحوزات العلمية, والمنبر الحسيني) قيمة حضارية كبيرة عند جمهور أتباع أهل البيت عليهم السلام يعطونها إحترامهم وثقتهم وطاعتهم ومحبتهم بدرجات عالية جداً, باعتبار أنَّ هذه المؤسسة بمجموعها مؤسسة نائبة عن الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف في غيبته. والذين يعرفون أهمّية (القيمة الحضارية) ومعناها, وثقلها ودورها في القيادة السياسية والحركيّة للأمة وتوجيه الامة وتوعيتها, ويعرفون الحجم الكبير للقيمة الحضارية للمؤسسة الدينية بأركانها الأربعة عند شيعة أهل البيت عليهم السلام... هؤلاء يعرفون جيداً الأثر السلبي لأمثال هذه الكتب في علاقة الجمهور بالمؤسسة الدينية. ان القيمة الحضارية لا تتكون خلال جيل واحد, كي نهدمها كما بنيناها, وننسفها كما انشأناها, وإنما تتكّون خلال تاريخ طويل من العمل, والجهاد الشاق, والتاريخ المشرق, والحركة الصعبة لهذه المؤسسة وهو ميراث حضاري للأمة كلها, لا يجوز التفريط به, والتفريط به خيانة لا تغتفر, لأنها خيانة للأمة كلها وللتاريخ. اننا نوظف هذه المؤسسة (بأركانها الأربعة) كـ(عَتَلَه) قوية جداً, وذات كفاءة عالية, في أهم قضايانا السياسية والجهادية بنجاح وامتياز. كما حدث ذلك في افشال مشروع احتكار التبغ والتنباك من قبل الانكليز في ايران في عهد ملوك القاجار بفتوى المرجع الفقيه السيد محمد حسن الشيرازي رحمه الله. وقد سمعنا أنّ الملك ناصر الدين القاجار أيام تحريم التدخين من قبل الإمام السيد محمد حسن الشيرازي أمر أن تأتيه زوجته بوجبته اليومية التي إعتادها من الدخان فامتنعت عن ذلك, وهي زوجته وداخل قصره, وعندما نهرها. قالت له: ان الذي حللني عليك (تقصد بالعقد الشرعي) حرمه علي. ان هذا السلطان الواسع الذي ينفذ الى اروقة قصر الملك, ويجبره اخيراً على الخضوع لفتوى كبير فقهاء الشيعة... لم يتكون خلال جيل واحد, وبجهود فردية, وإنما تكّون خلال اجيال كثيرة وبجهود جبارة للأمة كلها. ولقد وظفنا في تاريخنا المعاصر, ثقة الجمهور بالمؤسسة الدينية وطاعتهم لها في انجاح كبريات قضايانا السياسية وافشال مشاريع اعدائنا. مرّاّت كثيرة توظيفاًَ ناجحاً وموفقاً ولولا القيمة الحضارية الكبيرة للمؤسسات الدينية لم يتم شيء من ذلك البتة. ولكان شأن هذه المؤسسة شأن سائر المؤسسات الاجتماعية الفاقدة للتأثير والفعل والنفوذ الاجتماعي وهي كثيرة. إصلاح وتطوير المؤسسة الدينية: نعم, لا ننفي وجود ملاحظات ونقاط ضعف في بنية المؤسسة الدينية عندنا, ولا نقول بأنّ هذه المؤسسة قد حققت كل أهدافها, وبلغت الحد الأعلى من الكمال الاجتماعي والسياسي والديني والحركي. ولكن هذه النقاط لا تغيب بالتأكيد عن عيون الناقدين الناصحين المصلحين من علمائنا وفقهائنا, وليس كاتب هذه الكتب هو أوّل من يكتشفها. ولكّن الاختلاف بينهما في امرين في الرؤية أولا وفي منهج التصحيح ثانيا. في فهم حجم المسألة اولاً, فليست المسألة بهذا الحجم, ولو كانت نقاط الضعف بهذا الحجم لعرفه الناس, ولعرفه القادة الفقهاء المصلحون الذين نعرفهم بالنصح والاحساس بالمسؤولية تجاه هذه المسؤولية ونعرفهم بالتصدي للإصلاح أكثر من هذا الكاتب هذا اولاً. وفي المنهج ثانياً, ان هؤلاء المصلحين لهم منهج في العمل يختلف تماماً عن المنهج الذي يسلكه هذا الكاتب بالكامل. فهم لا يقرّون أسلوب التشهير والتسقيط وتوجيه الإهانات والإساءات الى أعلام المؤسسة الدينية وأعمدتها, وإنّما الطريقة الصحيحة الراشدة المعروفة عنهم هو التذكير والنصح والقيام بالمشاريع العمليّة للإصلاح والتطوير. واذكر مثلا على ذلك من الذين سمعت منهم آراءهم الاصلاحية للمؤسسة الدينية ولقيتهم, وقرأت لهم, اذكر: السيد هبة الدين الشهرستاني رحمه الله 1301 - 1386 والشيخ محمد رضا المظفر رحمه الله, وغيرهما رحمهما الله, وقد سمعت منهم جميعاً مباشرةً ملاحظاتهم حول المؤسسة الدينية وآراءهم في اصلاح هذه المؤسسة وقرأت لهم آراءهم في اصلاح المؤسسة الدينية, ولم أعرف لأحد منهم قط هذا النوع من التحامل المسيء على المؤسسة الدينية, والتهريج, والتسقيط, والتشهير, والتخريب... ولا أعرف احداً سلك هذا المسلك الغريب الذي يسلكه هذا الكاتب في ما يكتب عن المؤسسة الدينية, ممن سدده الله تعالى من المؤمنين. ومن الفقهاء الكبار والمراجع الذين كنا نسمع منهم ملاحظات حول المؤسسة الدينية ونقاط الضعف فيها الإمام الخميني(رضوان الله عليه) والإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر رحمه الله والإمام الخامنه اي حفظه الله وهم ممن يذكرهم الكاتب باحترام ولكننا لا نجد عند أي منهم وغيرهم هذا النوع من النقد التجريحي والتسقيط والافتراء من غير حجة ونحن نجلهم من ذلك... ولو عرضنا كتب هذا الكاتب عليهم وعلى غيرهم من الفقهاء المصلحين لنفروا منها وتبرأوا منها, وغضبوا ورفضوا ما فيها من الافتراء والقذف والتهم الباطلة والتسقيط والتجريح والطريقة الفجة والفظة التي يسلكها هذا الكاتب في هذه الكتب. أعادنا الله من مضلات الفتن ومزالق الهوى والشيطان. محمد مهدي الآصفي النجف الأشرف في 18 شعبان 1434هـ

 

 

16   حديث صحفي مع الامام على (ع)

رياض نجيب الريّس

الطبعة الأولى -  تاريخ النشر: 01/02/2000

http://www.mnaabr.com/vb/archive/index.php/t-4981.html

الكتيب ذو الطابع المبتكر كناية عن حديث متخيل مع الامام علي عبر أسئلة ساخنة ومعاصرة من اعداد المؤلف واجوبة للامام علي من خلال كتابه "نهج البلاغة". وقد لجأ المؤلف الى هذا الاسلوب انطلاقا من ان الثقة باتت معدومة بين الصحافي وسياسيي هذه الايام، كما ان حرية المعلومات متاحة في كل دول العالم الا في البلاد العربية، لذلك قرر المؤلف ان يسلك طريقا مختلفا وغير تقليدي يختصر الزمن ويعود الى التاريخ الذي لم يغير من طبيعة الحكام ولا من عادات النظام.

لماذا الحديث مع الامام علي بن أبي طالب هذه الايام؟ لان الدنيا احلكت في وجه المؤلف، فسعى الى طلب شيء من الحكمة والطمأنينة والى مناجاة مع محاور يعرف معنى الألم. وهو لم يفعل ذلك بهدف فهم الآخرة او طلب الدنيا والدين، بل ان المسألة برمتها هي فعل استغاثة!

مدخل

زمن الألواب المغلقة * روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: احفظوا عني خمساً. لايخافن احدكم إلا ذنبه،ولا يرجو إلا ربه،ولا يستحي أحد منكم إذا سئل عن شيء وهو لايعلم أن يقول لا أعلم. وانه إذا فارق الصبر الأمور فسدت. وأيما رجل حبسه السلطان ظلماً، فمات في حبسه مات شهيداً، أو أن ضربه فمات، فهو شهيد.

(المستطرف في كل فن مستطرف –للأبشيهي(

ليس أمام الصحافي خيارات كثيرة،في زمان كزماننا الحالي، حيث الأبواب كلها موصدة لمن أراد البحث بحرية عن طريق آمن للكتابة يقول فيه ما يشاء ويسأل عن ما يشاء. أضغاث أحلام. ليس هناك من يجرؤ أن يتباسط مع صحافي عن مدلولاات الأحداث اليوم، واضعاً النقاط على حروف الأزمات. فالمزالق كثيرة في أيامنا المعاصرة، والثقة معدومة بين الصحافي والسياسي، وحرية المعلومات متاحة في العالم إلاّ في بلادنا. لذلك عزمت ان أسلك طريقاً مختلفاً وغير تقليدي يختصر الزمن، ويعود إلى التاريخ الذي لم يغيّر من طبيعة الحكام ولا من عادات النظام، ولا حتى من مشاهد تهاوي البلدان واضطراب السكان واهتزاز الأركان،ونحن على أبواب السنة الأخيرة من القرن العشرين.

* * *

لكل منا محطات فاصلة في حياته، يؤرخ منها ـ لاحقاً ـ حقبة من تفكيره، بقدر ما يؤرخ منها ـ عادة ـِ بدايات أو نهايات لفترات من صعوده أو هبوطه، سعادته أو تعاسته، فرحه أو قنوطه، شجاعته أو جبنه، إنجازاته أو إخفاقاته. وفي أغلب الأحيان لا تكون هذه المحطات، ساعة ما أو يوماً معيناً او سنة محددة. غالباً ما تكون تراكمات لأشياء وأشياء، اختلط فيها الخاص الشخصي بالعام السياسي، على مدار فترة زمنية محددة. وفي حياتي محطة، من جملة محطات، أسميتها(زمن الأبواب المغلقة)، نجمت عن تراكم الأيام السياسية التي تلت غزو القوات الإسرائيلية للبنان في نيسان 1982، واحتلالها لبيروت، أول عاصمة عربية تطأها أقدام الغزاة الإسرائيليين منذ قيام الدولة العبرية قبل 35 سنة في حينه. كل ذلك وسط صمت وذهول العالم العربي الذي لم تخرج مظاهرة واحدة في شوارع عواصمه، غضباً أو احتجاجاً على هذا الحدث الجلل. وأدركت ـ كغيري ـ في حينه أننا دخلنا في عصر الذل العربي وأن الغزو الإسرائيلي واحتلال بيروت ما هو إلاّ بدايات الزمن العربي الرديء الذي نعيشه منذ ذلك الحين.

في تلك الفترة الحرجة من زمن الأبواب العربية المغلقة، وأفكارنا مجللة بالسواد، ونفسياتنا مثقلة بالإحباط، وأقلامنا مغسمة باليأس، وحياتنا معلوكة بالمرارة، وأيامنا مسيجة بالقهر، كنا نحن ـ وأمثالي ـ في مهاجرنا الأوروبية، لا نملك ألاّ أن نتسقط الأخبار من الإذاعات والصحف، بغضب ما بعده غضب، إلاّ أنه كان غضباً عاجزاً محاصراً لا حرام فيه.

في تلك الفترة بالذات، كنت أكتب مقالاً سياسياً أسبوعياً في مجلة(المستقبل) الباريسية التي كان يصدرها من العاصمة الفرنسية في حينه، الزميل والصديق نبيل خوري، وهي كانت من كبريات مجلات تلك الفترة، فضمّت في حينه كوكبة من صحافيي وكتّاب العالم العربي البارزين.

وسط هذه الأجواء، أزف موعد تسليم مقالي الأسبوعي، وأنا ممزق في داخلي، شاعر بوطأة العار الذي لحق بنا كلنا، بينما الأسوار العالية بدأت ترتفع أكثر وأكثر في وجه أية محاولة لاختراقها. وأدركت أنه ليس أمام الصحافي خيارات كثيرة، سواء في زمن الانهيارات النفسية أو في مجال البحث عن طريق آمن وسط ظلمة تلك ـ وهذه ـ الأيام. فليس هناك من سياسي يجرؤ أن يتباسط مع صحافي عن مدلولات أحداث اليوم، طموحاً للوصول إلى عالم الغد.

وفكّرت ماذا يمكن أن يكتب الصحافي داخل هذا الزمن العربي الرديء، وفي أشهر التمزق التي عاشها المواطن العربي منذ الغزو الإسرائيلي للبنان، وسقوط الأمة العربية من محيطها إلى خليجها، باعترافها أو من دون اعترافها. ماذا يمكن أن يكتب الصحافي العربي تحت ظلال (السلام الإسرائيلي)؟ لم أجد أحداً في العالم أعرفه، يمكنني أن أطرق بابه، لأسأله عن الذي جرى ويجري في أمتنا، وكيف يمكن أن يحلل لي أوضاعها أو يرشدني إلى إصلاحها، حتى أصبح اليأس كلمة نكررها صباح ومساء كل نهار.

* * *

عند هذا المفترق وقعت عيني على كتاب (نهج البلاغة) في ركن على رف من رفوف مكتبتي وقد علاه الغبار، لأنه لم يمسسه أحد منذ أن رُكن عليها قبل سنوات عشر أو يزيد. ومددت يدي وفتحته وقلّبت صفحاته، ومرت ساعات، حزمت أمري بعدها بأن أطرق هذا الباب الأساسي من أبواب أن يرد طلب هذا الصحافي السائل الحيران.

أما أنا، فقد نشأت في بيت بدمشق، كان فيه كتاب (نهج البلاغة) مفتوح الصفحات دائماً إلى جانب القرآن الكريم وتفسير الجلالين وكتب الأحاديث النبوية المختلفة. وأذكر وأنا ما زلت في المرحلة الابتدائية أن أبي نجيب الريّس، أهداني ثلاثة كتب مجلدة بصَمَ عليها اسمي بماء الذهب هي: كتابه الوحيد (نضال) و(كليلة ودمنة) لابن المقفع و(نهج البلاغة) للشريف الرضي. ولعله أراد أن يقول لي إنها الأركان الثلاثة لتأسيس مكتبتك مستقبلاً. الأول: صحافة وسياسة. والثاني: أدب وتاريخ. والثالث: دين وفلسفة.

وبصدفة عجيبة، لم يسلم من مكتبة أبي في بيتنا بدمشق، إلاّ هذه الكتب الثلاثة التي حملتها معي في هجراتي المتعاقبة على مدى أربعين سنة. وضاعت هذه الكتب الثلاثة بين أكوام كتب أخرى واهتمامات مختلفة ورفوف توزعت على أكثر من بيت في أكثر من بلد. إلى أن جاء يوم وقعت يدي على (نهج البلاغة) (صدفة ومن غير تعمّد)، كما يقول الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في مقدمته للكتاب.

قررت أن أطرق باب أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب وأزوره في (نهج البلاغة)، سعياً وراء حديث صحافي مع خليفة رسول الله ووالد سيد الشهداء.

وهكذا كان. وخرج الموضوع، ونشر الحديث الصحافي في (المستقبل) في 26 شباط 1983. ولا أذكر أن موضوعاً كتبته حتى الآن، تناقلته الأيدي أكثر من هذا المقال.

* * *

عندما طرقت باب سيدنا الإمام علي بن أبي طالب قبل حوالي ست عشرة سنة، كان لم يسبق لي أن عرفته من قبل. كانت معرفتي به سطحية وتاريخية كمعرفة الآلاف من المسلمين أمثالي.

لكنني تجرأت ودخلت عليه من طريق (نهج البلاغة) للسيد الشريف الرضي، وهو ما اختاره من كلامه. وقد أحسن الشريف الرضي وفادتي، بقدر ما أحسن أمير المؤمنين نصحي.

عند ما فتح لي السيد الشريف الرضي الباب على مصراعيه في كتابه (نهج البلاغة)، كان ذلك بالنسبة لي ساعات ضياء وسط ظلمة كانت تخيّم على كلّ شيء حولنا. وعشت ردحاً من الأنوار في رحاب (نهج البلاغة)، وقد ملأني إحساس وكأننا نهضنا من أنقاض الذل الذي تمسحنا فيه كلنا، وخرجنا من دركات العار التي وصلناها.

وأتاح لي السيد الشريف الرضي عبر أيام طويلة، راحة كبرى، ساعدني فيها شرح الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده.وهكذا كان الحديث الصحافي الأول مع سيدنا الإمام علي بن أبي طالب.

* * *

ومرت على هذا الحديث الصحافي سنوات تزيد على عقد ونصف العقد من الزمن. وشعرت بحاجتي مجدداً لأن أطرق باب سيدنا الإمام علي، بعد أن كنت قد طويت كتابه لوقت طويل، وقد أبعدتني مشاغل الكتابة والقراءة في مواضيع شتى، كان ذلك في يوم أحلكت الدنيا في وجهي. فعدت إلى الحديث الصحافي معه، سعياً إلى شيء من الحكمة، ومع الحكمة شيء من الطمأنينة. كنت أسع إلى مناجاة مع محاور يعرف معنى الألم. لا يفلسف الأمور، ولا يبسطها في آن معاً. لا يقول قوله ويمشي هو، إنما يقول قوله بعد أن يكون قد مشاه هو، وكأنها خطى قد كتبت علينا كلنا.

وقررت أن أقوم بحديث صحافي جديد وموسع مع سيدنا الإمام أستعيد فيه ما كنت قد قرأته من قبل، بوعي الشباب المقبل على فهم الحياة الدنيا، لأفهم الآخرة. وليس في هذه المحاولة دفق أيمان جديد لم يكن عندي من قبل، أو إعجاب بنمط حياة معيّن ولا محاولة لإعادة فهمه أو تفسيره. إن المحاولة أبسط من كل ذلك. إنها استغاثة.

وتوالت الأسئلة، وما كان أكثرها. وطالت الأجوبة وما كان أسخاها. ولأن الأسئلة كانت من واقع اليوم، كانت الأجوبة تحكي رأيه في أهل زمانه، قبل حوالي 1400 سنة. ولكن رأيه في أهل تلك البلاد ما زال صالحاً إلى اليوم في نظر علماء السياسة المعاصرة. وكأن التاريخ لم يغير من طبائع هذه الشعوب، ولم يعلمها درساً واحداً.

وكما يقول سيدنا الإمام، مَن فكّر في بعد السفر، استعد. فعلى الرغم من معرفتي بمشاق ومخاطر الطريق الذي إتخذته للوصول إليه، كنت أعلم علم اليقين أن استعدادي لم يكن كافياً. إلاّ أنني أقدمت.

=================

الحديث الصحافي مع الإمام علي بن أبي طالب - رياض نجيب الريّس

(ما أكثر العبر وأقل الاعتبار) )قعد معاوية بن أبي سفيان بالكوفة يبايع الناس على البراءة من علي بن أبي طالب، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين نطيع أحياءكم ولا نتبرأ من موتاكم! فالتفت معاوية إلى المغيرة، وقال له: هذا رجلّ فاستوص به خيراً(

(العقد الفريد) لابن عبد ربه

كان لابد من بداية لحديثي مع الإمام علي بن أبي طالب، فاستأذنته بسؤالي الأول:

* سيدي أمير المؤمنين. ما قولك عن الزمان الرديء الذي تعيشه أمتك؟ (يأتي على الناس زمان لا يقرّب فيه إلاّ الماحل. ولا يظرّف فيه إلاّ الفاجر، ولا يضعف فيه إلاّ المنصف. يعدّون الصدقة فيه غُرما. وصلة الرحم مَنّا، والعبادة استطالة على الناس. فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان (...لكن) إذا تغيّر السلطان تغيّر الزمان(.

* لكن كيف يواجه المرء، يا أمير المؤمنين، آلة الحكم وسلطان الحاكم والوضع العربي كما نعرفه اليوم عاجز ومشلول ؟ (لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل (.

* لم يعد الجور يا سيدي محصوراً فقط بشخص الحاكم، فالناس جميعهم يتسابقون إلى الاستبداد ببعضهم البعض! (أفضلُ الولاة مَن بقي بالعدلِ ذِكره، واستمدَّه مَن يأتي بعده. (...و) السلطانُ الفاضلُ هو الذي يحرسُ الفضائل، ويجودُ بها لَمن دونَه، ويرعاها مِن خاصَّته وعامَّتِه، حتى تكثُر في أيامه، ويتحسَّن بها مَن لم تكن فيه. (...لكن ) زمانُ الجائِر من السلاطينِ والوُلاة أقصر من زمان العادل. لأن الجائرَ مُفسِد، والعادلَ مُصلِح، وإفسادُ الشيء أسرَع من إصلاحِه. (...إنما) عجباً للسلطان، كيفَ يُحسِن وهو إذا أساءَ وَجد مَن يُزكَّيه ويَمدحُه(.

* ما زلنا ـ بعد كل هذه الأعوام ـ رعايا في دول سلاطين بعكس ما هو مدون في الدساتير والقوانين. فماذا ينصح خير السلف، الضحايا من الخلَف، خصوصاً أن الجامعات الحديثة لا تدرّس الرعايا أساليب التصرف مع السلاطين؟ (صاحب السلطان كراكب الأسد يغبَطُ بموقعه وهو أعلم بموضعه (...و) أضرُّ الأشياء عليك أن تُعلِمَ رئيسَك أنَّك أعرف بالرياسة منه. (... و)اصبر على سلطانك في حاجاتك، فلست أكبر شغله، ولا بكَ قِوامُ أمره.(..أما) إذا قعدت عند سلطان فليكن بينك وبينه مقعدُ رجل، فلعلَّه أن يأتيه مَن هو آثرُ عنده منك، فيُريدَ أن تتنحَّى عن مجلسك، فيكون ذلك نقصاً عليك وشيناً. (...و) إذا خدمتَ رئيساً فلا تلبَس مثلَ ثوبه، ولا تركب مثلَ مركوبه، ولا تستخدم كخدمه، فعساك تسلم منه. (...و) إذا زادك الملك تأنيساً، فزِدهُ إجلالاً(.

* يا أمير المؤمنين، الشعب العربي مبتلٍ بدوله وحكامه وإلى الآن لم تنفع كل العلاجات فما العمل؟ (صوابُ الرأي بالدول: يُقبلُ بإقبالها، ويذهب بذهابها. (...و) إزالةُ الجبال أسهل من إزالةِ دولةٍ أقبلت، فاستعينوا باللهِ يورثها من يشاء. (...لكن) أشرفُ الملوك مَن لم يُخالطه البَطَر، ولم يحُل عن الحق.(...و) أصحاب السلطانِ ـ في المَثَل ـ كقَوم رَقُوا جبلاً ثمَّ سقَطوا منه، فأقربُهُم إلى الهَلَكةً والتَّلفِ أبعدُهُم كان في المُرتَقَى(

يطالب السلطان بالعدل فيردُّ بضيق الصدر، فما هو الدواء؟ (آلة الرياسة سعة الصدر (...و) من ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق(.

* ما هي يا سيدي أمير المؤمنين، المزايا التي على الحاكم أن يتجنبها؟ (لا ينبغي أن يكون الوالي (...) البخيل، فتكون في أموالهم نهمته. ولا الجاهل، فيضلهم بجهله، ولا الجافي، فيقطعهم بجفائه، ولا الحائف للدول فيتخذ قوماً دون قوم. ولا المرتشي في الحكم، فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع(.

* وماذا عن العدو؟ (إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكراً للقدرة عليه) لم نقدر على إسرائيل يا سيدي الإمام، لكننا نعيش عصر التطبيع معها فهل نصالح؟ (لا تدفعن صلحاً دعاك إليه عدوك ولله فيه رضى. فإن في الصلح دعة لجنودك وراحة من همومك وأمناً لبلادك. ولكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه، فإن العدو ربما قارب ليتغفل، فخذ بالحزم واتهم في ذلك حسن الظن(.

* أين الوطن يا سيدي الإمام، وقد أصبحنا كلنا نعيش في غربة قاسية؟ (ليس بلد بأحق بك من بلد، خير البلاد ما حملك. (...) الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة(.

* إنهم يزيّنون لنا الفقر يا أمير المؤمنين، في عصر الغنى العربي. (ألم أقل لابني محمد بن الحنفية:يا بُني إني أخاف عليك الفقر فاستعذ بالله منه، فإن الفقر منقصة للدين، مدهشة للعقل داعية للمقت (...) الفقر هو الموت الأكبر (...) ولو كان الفقر رجلاً لقتلته(.

* لقد شح عطاؤنا يا أمير المؤمنين، حتى يوم كثر مالنا. (لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه.(...) ومن كثرت نِعَمُ الله عليه كثرت حوائج الناس إليه.(..) إن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الآخرة، ويكرّمه في الناس ويهينه عند الله. (...لكن) ما أقبح الخضوع عند الحاجة والجفاء عند الغنى.(...) فالمال لا يبقى لك ولا تبقى له(.

* لكن الحاجة تدفع إلى الطلب أحياناً كثيرة يا سيدي الإمام؟ (إن حفظ ما في يديك أحب إليّ من طلب ما في يد غيرك. ومرارة اليأس خير من الطلب إلى الناس(.

* نرى صاحب المال يطمع بالمزيد منه! (الطمع رق مؤبد(.

* ما الفرق بين العاقل والأحمق يا أمير المؤمنين؟ (لسان العاقل وراء قلبه وقلب الأحمق وراء لسانه).

* ماذا عن الأحمق؟ (إنه إن ينفعك يضرك(

* والفاجر؟ ( فإنه يبيعك بالتافه(.

* والكذاب؟ (فإنه كالسراب يقرّب عليك البعيد ويبعّد عليك القريب(.

* أليس من الصعب الحكم على النوايا يا سيدي الإمام؟ (ما أضمر أحد شيئاً إلاّ ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه(.

* لقد اختلط عندنا الحق بالباطل فكيف نميّز بينهما؟ (الباطل أن تقول سمعت والحق أن تقول رأيت(...و) الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل في باطل إثمان: إثم العمل به وإثم الرضى به. (...و) مَن صارع الحق صرعه(.

* الكلام عن الظلم كثير يا سيدنا، أين يبدأ وأين ينتهي؟ (أُذكر عند الظلم عدل الله فيك، وعند القدرة قُدرة الله عليك(

* لقد أصبح الظلم من معالم أمتك يا سيدي الإمام. فكيف المنتهى؟ (الظلم ثلاثة: ظلم لا يُغفر، وظلم لا يُترك، وظلم مغفور لا يُطلب. (...و) يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم. (...و) يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم(.

* الفوضى كبيرة يا مولاي، فالحر يُذلّ والأوغاد يرفع شأنهم وينالون الحظوة فأين العدل؟ (العدل أفضل من الشجاعة، لأن الناس لو استعملوا العدل ـ عموماً ـ في جميعهم، لاستغنوا عن الشجاعة. (...و) عاملوا الأحرار بالكرامة المحضة، والأوساط بالرغبة والرهبة، والسّفلة بالهوان(.

* يعيش العالم المتحضر يا أمير المؤمنين في عصر العلم، بينما نحن نعيش في عصر السحر والشعوذة المتستر بالدين فماذا تقول؟ (تعلَّموا العلمَ صغاراً، تسودوا به كباراً، تعلموا العلمَ ولو لغير الله، فإنه سيصير لله. (...و) تعلَّموا العلم، وإن لم تنالو به حظاً، فلئن يُذمَّ الزمان لكم.. أحسن مِن أن يُذمَّ بِكم. (...و) العالمُ مصباح الله في الأرض، فمن أراد الله به خيراً اقتبس منه(.

* ما الفرق بين العالم والجاهل؟ (أول رأي العاقل، آخر رأي الجاهل. (...و) الجاهل صغير وإن كان شيخاً، والعالم كبير وإن كان حدثاً. (...لكن) العالم من عرف أن ما يُعلَم في جنب ما لا يعلم قليل، فعدَّ نفسه بذلك جاهلاً، بما عرف من ذلك في طلب العلم اجتهاداً. والجاهل من عدَّ نفسه بما جهل في معرفة العلم عالماً، وكان برأيه مكتفياً(.

* أيهما يفضل على الآخر العلم أم المال يا سيدي؟ (العلم خير من المال. والعلم يحرسك وأنت تحرس المال. المال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق. العلم حاكم والمال محكوم عليه. (...) إن المال من غير علم كالسائر على غير طريق(.

* ليس كل ما يحدث من ظواهر دينية في العالم العربي، ينطلق من الدين حقاً. هل تشاركني الرأي يا سيدي؟ )إن أخوف الأشياء على هذه الأمة من الدَّجّال، أئمة مضلون، وهم رؤساء أهل البدع. (...و) إن كلام الحُكماء إذا كان صواباً كان دواء، وإذا كان خطأ كان داء. (...) إحذر التَّلون في الدين(.

* أحوال العبادة في عالمنا قد ساءت يا سيدي الإمام. لم نعد ندري الصواب في عبادة الناس اليوم يا أمير المؤمنين، ووراء أي إمام نصلّي؟ (إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار. وإن قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد. وإن قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار(.

* أين حكمة أغنيائنا اليوم، ونحن نعيش في عصر هدر المال العربي؟ (إنما لم تجتمع الحكمة والمال، لعزة وجود الكمال. (...و) أنت مخيرٌ في الإحسان إلى من تُحسن إليه، ومرتهن بدوام الإحسان إلى مَن أحسنت إليه، لأنك إن قطعته فقد أهدرتَه، وإن أهدرتَه..فلم فعلته! (...لكن) شاركوا الذي قد أقبل عليه الرزقُ، فإنه أخلقُ للغنى، وأجدر بإقبال الحظ عليه(.

* إن المال أفسد حياتنا، وقد تكالب الناس عليه، يا سيدي. فماذا ترى؟ (ثلاث يُؤثِرون المال على أنفسهم: تاجر البحر، وصاحب السلطان، والمُرتشي في الحكم. (...) إن الله ـ سبحانه ـ فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلاّ بما مُتِّع بع غني. والله تعالى سائلهم عن ذلك(.

* لقد مررنا يا خليفة رسول الله على مواضيع شتى ولكننا لم نتطرق من قريب أو بعيد على البخل والبخلاء. لا شك أن لك آراء واضحة في هذا المجال. (إياك ومصادقه البخيل، فإنه يقعد بك عند أحوج ما تكون إليه. (...و) البخل جامع لمساوىء العيوب، وهو زمام يُقاد به إلى كل سوء. (...و) البخيل مستعجل الفقر: يعيش في الدنيا عيشَ الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء(

* ما الفرق بين البخيل والسخي يا أمير المؤمنين؟ )البخيل يسخو من عِرضه بمقدار ما يبخَل به من ماله، والسَّخيُّ يبخَل من عِرضه بمقدار ما يسخو به من ماله. (...و) السَّخيُّ شجاع القلب، والبخيل شجاع الوجه. (...و) البُخل عار(

* كيف نعرف الجاهل والمهان والذي تجوز عليه الرحمة يا أمير المؤمنين؟ (الجاهل يُعرف بست خصال: الغضب من غير شيء، والكلام في غير نفع، والعطيَّة في غير موضعها، وألاّ يعرف صديقه من عدوِّه، وإفشاء السِّرِّ، والثقة بكل أحد. (...و) ثمانية إذا أُهينوا فلا يلومون إلاّ أنفسهم: الآتي طعاماً لم يُدعَ إليه، والمتأمِّر على رب البيت في بيته، وطالب المعروف من غير أهله، والدَّاخل بين اثنين لم يُدخلاه، والمُستخِفُّ بالسلطان، والجالس مجلساً ليس له بأهل، والمُقبل بحديثه على من لا يسمعُه، ومَن جرَّب المُجرَّب. (...لكن) ثلاثة يُرحمون: عاقل يجري عليه حكم جاهل، وضعيف في يد ظالم قوي، وكريمُ قوم احتاج إلى لئيم(

* هناك خيط رفيع بين الذل والكرامة. أليس كذلك يا إمام؟ (زهدُك في راغب فيك، نقصان حظٍّ، ورغبتُك في زاهد فيك ذلُّ نفس. (...و) التَّذلُّل مسكنة. (...لكن) التواضع إحدى مصايد الشَّرف).

* الكآبة سمة من سمات هذا العصر، فما هي أسبابها؟ ( ستة لا تُخطئُهم الكآبة: فقير حديثُ عهد بغنى، ومكثرٌ يخاف على ماله، وطالب مرتبة فوق قدره، والحسود، والحقود، ومخالط أهل الأدب، وليس بأديب(

* ماذا عن إقبال الدنيا وإدبارها يا سيدي الإمام؟ (إذا أقبلت الدنيا على أحد، أعارته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه. (... و) وإذا أيسرتَ فكل الرجال رجالك، وإذا أعسرتَ أنكركَ أهلك (...و) إن كنت جازعاً على ما يفلتُ من يديك، فاجزع على ما لم يصل إليك. (...و) إذا أراد الله أن يسلط على عبد عدواً لا يرحمه سلَّط عليه حاسداً(.

* لقد صَعُبَت الكتابة علينا هذه الأيام، يا إمام؟ )تأمَّل ما تتحدَّث به، فإنما تُملي على كاتبيك صحيفة يُوَصِّلانها إلى ربك، فانظر: على من تُملي، وإلى من تكتب؟(

* ما هو الدليل إلى العمل الصالح في عهود الفساد؟ )احذر كل عمل يعمل به في السر ويستحى منه في العلانية. واحذر كل عمل إذا سئل عنه صاحبه أنكره أو اعتذر منه(

* إننا نعيش زمن الهزائم المّرة والمتكررة، فما العمل؟ (الدهر يومان: يوم لك ويوم عليك. فإذا كان لك فلا تبطر وإذا كان عليك فاصبر(

* الجميع بات يعتقد أن التردي الحالي عائد إلى خلل في التكوين العربي؟ (من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومنّ من أساء به الظن(

* في صراعاتنا العربية عدنا إلى العصبية الجاهلية و داحس والغبراء فهل من نصيحة؟ (من كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق(.

* لقد أصبحنا اليوم كأمة من غير أصدقاء؟ )أعجزُ الناس من عجز عن اكتساب الأخوان، وأعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم. (...لكن) لا تتخذن عدو صديقك صديقاً فتعادي صديقك(

* هل ثمة أمل بعد كل هذا يا أمير المؤمنين؟ (من وثق بماء لم يظمأ(

* ألا من مسك ختام لحديثنا هذا يا سيدي أمير المؤمنين؟ (ما أكثر العبر وأقل الاعتبار(

-